أخبار الرافدين
د.عبد الوهاب القصاب

العقل والعمل

ترددت كثيرًا وأنا أحاول أن اتدبر أمر العلاقات العربية- العربية في هذا الزمن الرديء الذي تعيشه أمتنا منذ كارثة الكويت السوداء 1990- 1991 محاولًا جهدي الحصول على إجابات على تساؤلاتي.
ما الذي جرى بحيث أضحى حالنا هو هذا الحال؟ ما السبب؟ ما الدافع؟
وأنت تبحث عن الجواب وفق التحليل العقلي، يأتيك جواب يتبناه العديد، وهو سهل يريح العقل والضمير. ويقي الناس جلد أنفسهم، تعززه شواهد نراها واضحة بتصرفات قوى الإقليم غير المحبة للعرب، وهما الآن اثنتان لا ثالث لهن؛ الكيان الصهيوني، ودولة الفقيه.
نظرية المؤامرة أيها الإخوان هي عكاز العاجز التي تتعكز عليها قوى العجز في أمتنا لتتخلص من عبء مسؤولية التقصير الذي أودى بأمتنا، ومن عبء مسؤولية الضمير الذي يتحملها القادة الذين تفردوا بالقرار الذي أودى بأمتنا.
النتيجة التي سنتوصل إليها إذن هي أننا “شعوباً وحكاماً” نتحمل مسؤولية التقصير الذي نتجت عنها التداعيات التي نعيشها اليوم.
ثمة ملاحظة عابرة يشير لها بعض الطيبين من مواطنينا، ومفادها أننا ابتعدنا عن الله ومنهج الله في الأرض، لذلك حق علينا العذاب، وما نعيشه هو العذاب بعينه، لكن هذه ليست كل الحقيقة. صحيح أن محصلة قيمنا قد غاب الكثير من أسسها وتم تبني العديد من قيم الغرب فيما بيننا، إلا أننا لسوء الحظ اخترنا من الغرب أسوء ما عنده مقابل تخلينا عن أفضل ما عندنا وأفضل ما عندنا هو ما يتبع الغرب في بناء حضارته.
لم يكن الغرب ليتمكن من ينفذ لأقطار السماوات والأرض إلا بسلطاني العلم والعمل، ومعروف أننا أضعنا هذين السلطانين منذ زمن سحيق.
المشكلة إذن منا وفينا، منا حين أضعنا، وفينا حيث فشلنا في أن نسترجع ما ضاع منا “ثروات وعقولاً وأراضي”، كيف إذن سيكون الحل؟
الحل بأيدينا نحن. ثمة نماذج كثيرة الآن يمكن المقارنة واستنباط الدروس منها. والاستفادة من تجارب دول عالمية وإقليمية؛ كبرى وصغرى؛ مؤمنة وملحدة وبين بين، كذلك يمكننا القياس على تجارب هذه الدول.
وبعد القياس سنتوصل إلى أساس معضلتنا وسأضعه تحت عنوان واحد هو التقصير. تقصير في مراعاة القيم، تقصير في احترام قيم العمل، ميل للراحة والدعة على حساب الإنجاز تكبيل للعقل في أن يبلغ مداه والعقل سلطان كما هو معروف.
خذوا تجارب آخرين عندكم ما ليس عندهم، ولكنهم بلغوا المدى في الإنجاز خذوا كوريا، أيهما شئتم الشمالية بقمعها، والجنوبية بديموقراطيتها وقارنوا حالهم وحالنا وستجدون أن النتيجة هي تقصيرنا في إعمال العقل وتقصيرنا في احترام قيم العمل فلنأخذهما بقوة وسترون النتيجة أننا عندما سنأخذهما بقوة سيتغير حالنا من الحضيض إلى القمة.
العقل والعمل هما قانونا الحياة وضعهما الله لتعمر هذه الأرض وإنا على ذلك لماضون.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى