أخبار الرافدين
وليد الزبيدي

فـي أهم شوارع بغداد

سلكت الدبابات الأمريكية شارع المطار وسط بغداد في عملية استعراضية يوم الخامس من نيسان بعد دخولها المطار مساء الثالث من ذات الشهر في العام 2003، وكانت قناة “فوكس نيوز” التي تقود الحرب التلفزيونية لصالح الجيش الأمريكي والبيت الأبيض قد نصبت كاميرا للبث المباشر على الدبابة الأولى، واعتقد القادة الأمريكيون أن هذا الطريق قد أصبح سالكا ومفروشا بالحرير لهذه القوات، لكن حصلت مفاجآت كثيرة بعد ذلك وهجمات أرعبت الجيش الأمريكي، وسنتوقف عند إحدى تلك الهجمات المبكرة.
في يوم الاثنين “26-5-2003” نفذت المقاومة العراقية هجوما نوعيا، عندما تصدى مجموعة من رجال المقاومة لدورية أمريكية في الشارع الرئيسي المؤدي إلى مطار بغداد الدولي، وتمت مهاجمة إحدى الدوريات التي غالبا ما تقل الشخصيات والضباط الذين يصلون إلى المطار “30 كم غرب العاصمة” أو المغادرين، وتسلك هذه الدوريات الطريق الذي يربط المطار بالمنطقة الخضراء “مجمع القصور الرئاسية” على الضفة الغربية لنهر دجلة، وقد اتخذته القيادة العسكرية والمدنية الأمريكية مقرا لها، ويخترق هذا الطريق حي العامرية وحي العامل والقادسية واليرموك والحارثية وكرادة مريم، واعترف متحدث باسم القوات الأمريكية بأن قواتهم تعرضت إلى هجوم على طريق مطار بغداد الدولي، وأن الهجوم أسفر عن جرح أربعة جنود أميركيين، وطالما أن البيان قد اكتفى بهذا القدر من المعلومات، فإن ذلك يدلل على أن المهاجمين تمكنوا من الانسحاب دون أن يصاب أحد منهم، وأن القوات الأمريكية لم تتحرك لمطاردتهم بعد تنفيذهم الهجوم، ومعروف أن الدوريات الأمريكية تتوقف عرباتها فور تعرض إحداها لهجوم بالعبوات أو القذائف الصاروخية، وتبدأ بإطلاق النار بصورة عشوائية، ولا يستطيع أحد من عناصر الدورية الخروج من داخل عرباتهم المصفحة لحين وصول المروحيات، ولا يستغرق استدعاء المروحيات سوى دقائق قليلة، في حين يتوارى المقاومون ولا يمنحون المروحيات فرصة لرصدهم واصطيادهم، وبدون شك أن مثل هذه الهجمات في الأراضي المنبسطة والمفتوحة تتم وفق خطة عسكرية ميدانية متقنة، يتم إعدادها من قبل رجال المقاومة، بعد دراسة جغرافية المكان، الذي يتم فيه تنفيذ الهجوم، وفي اليوم التالي “27/5/2003” اعترف الجيش الأمريكي بوفاة أحد الجنود الأربعة الجرحى، وروى ضباط الجيش الأمريكي روايتين متناقضتين حول هذا الحادث، فبينما قال البيان الصادر عن القوات الأمريكية، إن جنديا قتل وجُرح ثلاثة آخرون عندما مرت السيارة التي كانوا على متنها على لغم أو ذخيرة غير منفجرة على طريق يؤدي إلى مطار بغداد، قال ضباط أميركيون إن أربعة جنود جُرحوا على الطريق المؤدية إلى مطار بغداد الدولي، وإن مجهولا قد ألقى حقيبة تحتوي على عبوة ناسفة أمام الموكب “وكالة أنباء فرانس برس في 27/5/2003″، وزاد من غموض القصة بيان القيادة الأمريكية الوسطى، الذي أعلنت فيه مقتل الجندي الأمريكي وجاء فيه “يبدؤون وفاة الجندي نتيجة عمل عدائي بالرغم من أن الظروف الحقيقية للحادث لم تتأكد بعد”. يروي مترجمون عراقيون عملوا مع القوات الأمريكية أن سماع الجنود والضباط لواجب في طريق المطار يرسم على وجوههم أكبر علامات الرعب والهلع. الأمريكيون أطلقوا على الشارع “طريق الموت”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى