أخبار الرافدين
طلعت رميح

أحوال الدنيا

الساسة الغربيون يتلاعبون بأزمة الغذاء العالمية

قريبًا سيعود الساسة والديبلوماسيون الغربيون، للتشديد على عمق أزمة الغذاء العالمية وستعود الكتابات والدراسات الغربية لتغذية ماكينات الإعلام الموجه ببعض الأرقام والأسباب والنتائج الخطيرة لتلك الأزمة.
بالطبع لن يقولوا للناس، كنا نخدعكم حين قلنا، إن الأزمة ناتجة أساسًا عن الحرب الروسية على أوكرانيا، ولن يقولوا كنا نوظف الجوع والفقر، كورقة من أوراق الصراع الدولي لتحقيق أهدافنا السياسية.
سيظل هامش الاتهام لروسيا حاضرًا، لكنهم سيشددون على قضايا وأسباب أخرى. سيبدأ الغرب عملية خداع جديدة للناس، سيجرى إخفاء الأسباب الأكثر جوهرية تحت غطاء كثيف من ترديد تقارير وأرقام حول خطورة الأزمة.
وسيجرى التركيز على عوامل البيئة والتغير المناخي بديلًا لذكر حقائق حول طبيعة السياسات الغربية المدمرة.
بعد أن يجري الاطمئنان على خروج السفن التي تحمل الحبوب الأوكرانية سيعود الإعلام الغربي ليقول للناس إن أزمة الغذاء مستمرة وعميقة وتحتاج إلى تعاون دولي كبير، وسيضعون الرأي العام الدولي تحت ضغط إعلامي كثيف لإدخاله في متاهة جديدة، أقرب إلى متاهة كورونا.
وسيكون أحد أهداف المتاهة الإعلامية التغطية على ما سيظهر للناس، بأن ما قيل خلال أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية، لم يكن إلا جانبًا من جوانب الحرب الإعلامية، لا اهتمام فيه لا بالفقراء ولا بالجوعى.
كان ما جرى بشأن التخويف من أزمة الغذاء في العالم، مجرد محاولة غربية لحشد الرأي العام الدولي ضد روسيا، ومحاولة عكسية من روسيا للحشد ضد الغرب ولا علاقة للأمر بمصير الفقراء والجوعى.
قالت الولايات المتحدة ودول أوروبا، إن حرب روسيا على أوكرانيا تهدد العالم بالجوع، وردت روسيا بأن سبب الأزمة هو العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا.
صنعوا الأزمة، وأداروها ضد بعضهم البعض وناشد كل منهم الدول المعرضة للخطر للانضمام إليه، والآن توافقوا على الحل، ليحقق كل منهم أهدافه ولا عزاء للفقراء في مختلف أنحاء العالم.
عقدت اتفاقيتان الأولى تتعلق بسماح روسيا لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر ثلاثة موانئ على البحر الأسود أهمها أوديسا.
والثانية تتعلق برفع العقوبات عن تصدير المنتجات الغذائية الروسية، حققت أوكرانيا هدف تصدير إنتاجها للحصول على عوائد مالية تدعم ميزانياتها المنهارة وكسبت وقتًا لتأخير زحف الجيش الروسي للسيطرة على مناطق الجنوب وعلى ميناء أوديسا
وعادت مجددًا لساحة التجارة والصفقات بما يحقق حضورها الدولي، وحققت روسيا أهدافها بإلغاء بعض بنود العقوبات الغربية المفروضة على تجارتها.
لقد أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توضيحًا خلال المفاوضات أكدت فيه أن الأسمدة والسلع الغذائية الروسية لا تخضع لقيود تجارية. كما تحرك الاتحاد الأوروبي في ذات الاتجاه.
وهكذا توافقت الدول الغربية وروسيا على تحقيق المصالح وعلى إدارة الحرب، دون ذكر لحل أزمة الجوعى ولا لحل أزمة الغذاء في العالم.
والآن، سيعود الحديث مجددًا عن الجوع والفقر وعن أزمة طاحنة في غذاء العالم، لكن من بوابات أخرى.
سيعود الإعلام إلى ما كان يفعله خلال مرحلة التمهيد لصناعة الأزمة، إذ كان ينشر الأخبار المتتالية عن قيام بعض دول العالم بتخزين الغذاء، وعن امتناع بعض الدول المصدرة للقمح عن الوفاء بعقود التصدير. لكن التعامل مع أسباب الأزمة سيشهد حالة مراوغة وتعمية خطيرة، وواقع الحال أن أزمة الغذاء عميقة وكبيرة وتعود لأسباب كبرى، وأخطر الأسباب هي تلك التي تتعلق بالسياسات، ومنها ما جرى من ضعف الاهتمام بالزراعة وتلك كان لصندوق النقد الدولي الدور الأساس والفاعل فيها، باشتراطه توجيه القروض للبنية الأساسية دون المشروعات الإنتاجية.
ومنها ما يتعلق بسلوك بعض الدول التي تنتج الطاقة من الذرة مثلًا، كما هو حال الولايات المتحدة التي باتت تخصص كل إنتاجها من الذرة، وهي المنتج الأكبر عالميًا تليها الصين، ومعظم إنتاج دول أمريكا اللاتينية لإنتاج الوقود الحيوي “الإيثانول”، ما أدى إلى زيادة أسعار الذرة بنسبة 100 بالمائة خلال عام واحد. وهو ما أثر بشدة، وصفها الخبراء بالكارثة، على إنتاج الدواجن واللحوم الحمراء، وتلك الأسباب سيتعامى الإعلام الغربي عن ذكرها.
وهناك أسباب أخرى هي ما سيركز عليها الاعلام في ضخ اخباري، منها ما يتعلق بأزمة المناخ، ونتائج الجفاف الذي ضرب فرنسا والولايات المتحدة والهند ودول القرن الإفريقي، إذ أسهم في تراجع إنتاج المحاصيل، ومنها ما يتعلق بآثار أزمة وباء كورونا، وبضعف إنتاج الأسمدة وارتفاع أسعار الطاقة واضطراب أسعار العملات وغيرها.
أما أخطر ما سيخفيه الإعلام الغربي، فهو الدفع الغربي الهادف إلى إعادة هندسة أعداد السكان في العالم لتقليل سكان دول العالم الثالث والدول الإسلامية خاصة.
وقد بدأ الإعلام الغربي في إطلاق صيحات التخويف من مخاطر زيادة عدد سكان العالم. بدأ الحديث عن أن البشرية تستهلك من الإمكانيات المتاحة على الكوكب، كل عام، ما تعجز أرض الكوكب عن إعادة تجديده وأن رأسمال الكوكب يستنزف بمعدلات خطيرة. وأن العالم مطالب بإدارة استثمار أرض الكوكب بطرق صحيحة.
ستعلق الأزمة برقبة زيادة السكان، وسنشهد تركيزًا شديدًا على ندرة المياه وعدم كفايتها للزراعة إلا بأساليب حديثة، وسيجري الدفع لضرورة الاعتماد على الروبوت بديلًا للعمل الانساني!

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى