أخبار الرافدين
طلعت رميح

عملية رفح تقرّب نهاية نتنياهو

لا زال نتنياهو على حاله في التهديد باجتياح جيشه لرفح، وإن كان هناك جديد، فهو أن الإشارات العملية تتكاثر على قرب تنفيذ هذا التهديد.
لكن الواقع الحقيقي، هو أن نتنياهو يواجه مأزقًا خطيرًا، وأنه يقترب من نهاية دوره السياسي، وبات أقرب إلى يوم محاكمته، سواء اجتاح رفح أو تراجع عن تهديداته.
جديد الأيام الأخيرة، هو تكاثر الإعلانات الصادرة عن الجيش الصهيوني، ببدء استعداداته لاجتياح رفح، وقد أعلن رئيس هيئة الأركان، أن خطط اجتياح رفح جاهزة وفي انتظار قرار المستوى السياسي.
وهناك ما ينشر بكثافة حول قيام السلطات الصهيونية بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية، بنصب آلاف الخيام في مناطق بمدينة خان يونس، وهو ما يعنى أن الكيان الصهيوني قد خطى خطوات في اتجاه تقليل الضغوط الدولية التي تعلن مواقف حادة ضد قيام الجيش الصهيوني بعمليات عسكرية في هذا المكان المكتظ بالسكان.
وقد بدا لافتًا دخول وزارة الدفاع الأمريكية على خط إرسال تلك الإشارات العملية، إذ تحدثت عن أن الولايات المتحدة تسير قدمًا نحو الانتهاء من بناء الرصيف البحري الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي منذ عدة أسابيع في غزة. وقد وصفت تصريحات البنتاغون، بأنها رسالة للعالم بوجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، وأن بالإمكان تعويض توقف دخول المساعدات من معبر رفح، الذي سيغلق كليًا نتيجة بدء العملية العسكرية. وهي بمثابة رسالة مقصود منها التقليل من الضغوط الدولية.
وجوهر ما يفعله نتنياهو، أنه يهدد ويروع الشعب الفلسطيني والمقاومة والعالم، بارتكاب مذابح في رفح، تفوق كل ما ارتكبه جيشه في المدن الأخرى منذ بداية الحرب، بسبب كثافة وجود السكان الفلسطينيين، إذ مثلت رفح الملاذ لكل من نزح من شمال القطاع ووسطه.
وهو يحاول التغطية –بدعم أمريكا- على قرار ارتكاب تلك الجرائم، باتهام المقاومة بإفشال مبادرة إطلاق الأسرى وإدخال الغذاء لغزة، وأنه يحاول الظهور بمظهر من فعل كل شيء، قبل أن يهاجم رفح.
هو يطرح معادلة –تحت الترويع- تقول: لتفرج حماس عن الأسرى دون مقابل وإلا سنقتل وندمر، كما لم يحدث من قبل.
والمقابل الذي يطلبه نتنياهو، ليس إلغاء عملية اجتياح رفح ووقف إطلاق النار، بل مجرد تأجيل عملية رفح، استنادا إلى ما جرى من قبل في عملية تبادل الأسرى السابقة، إذ جرى وقف إطلاق النار لإتاحة الفرصة لجلب الأسرى وتسليمهم للوسطاء الدوليين.
ما يقوله نتنياهو بوضوح: إن على حماس الإذعان لمطلبه بأن تفرج عن الأسرى دون أي اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وأن لا انسحاب لقوات الاحتلال من غزة.
وضمنيًا يرى الجميع أن نتنياهو سيعود للقصف والقتل فور انتهاء تسليم الأسرى، وأنه يسعى فقط لنزع ورقة القوة من يد حماس والمقاومة، وتأمين وضعه الداخلي بإسقاط ورقة ضغط أهالي الأسرى والمعارضة، وأنه سيتوجه بعدها لاجتياح رفح وإطالة أمد الحرب، لتحقيق ما يسميه النصر المطلق.
لكن المقاومة لم تروع لا هي ولا الشعب الفلسطيني في غزة. وقد كان الأمر جليا في تصريحات قادة حماس في الخارج، إذ جرى التشديد على وقف إطلاق النار والانسحاب من غزة وفتح المعابر وإعادة الإعمار ضمن مجريات صفقة لإطلاق سراح الأسرى من الطرفين. وكان الأهم أن ظهر أبو عبيدة مجددًا، ليؤكد على نفس تلك الشروط، وعلى قوة موقف المقاومة على الأرض رغم مرور أكثر من 200 يوم من القصف الصهيوني والمجازر. وقد أكدت المقاومة على ذات المعنى بما نشر حول تفقد يحيى السنوار لمجموعات عز الدين القسام المرابطة في ساحات القتال.
وبذلك فنتنياهو واقع في مازق حقيقي، بل هو في مفترق طرق يرى نفسه خاسرًا، إذا سلك أي طريق.
فهو إن وافق على وقف إطلاق النار –كما تشترط المقاومة- في مقابل الإفراج عن الأسرى، اعترف بأن كل ما سبق أن ردده عن القضاء على حماس وتحرير الأسرى بالقوة، قد ثبت فشله. وبعدها ستبدأ دورة مطاردته داخل الكيان الصهيوني، وهي عملية لن تنتهي إلا بإيداعه السجن.
وإن هاجم رفح، سيجد نفسه يعود إلى ذات المعادلة التي واجهها منذ بداية العدوان، لكن وفق معطيات أخطر.
منذ بداية الغزو البري، قال نتنياهو إنه ذاهب للحرب لاستعادة الأسرى، لكنه فشل، وهو إذ ذهب لهذا الاجتياح الآن سيواجه برد فعل أقوى من الشارع الصهيوني الخائف على مصير الأسرى، فانيا فشل –وهذا ما يؤكده خبراء عسكريون صهاينة- ستبدأ دورة مطاردته أيضًا.
نتنياهو في مأزق إن اجتاح رفح، وإن تراجع عن اجتياحها.
وما قاله وزير الدفاع الأمريكي عن أن الانتصارات التكتيكية للجيش الإسرائيلي، ستنقلب إلى هزيمه استراتيجية، بات واقعًا فعليًا، وسيجري تثبيته رسميا في رفح، سواء اجتاحها نتنياهو أو تراجع…

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى