أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

بعثة الأمم المتحدة تعيد “لعبة الحوار” بين القوى السياسية التي وصفتها بالفاشلة والفاسدة

عام من الفشل السياسي والصراع مستمر بين القوى والميليشيات للاستحواذ على مغانم تشكيل الحكومة.

بغداد – الرافدين

عادت بعثة الأمم المتحدة في العراق، الى لعبة الباب الدوار مع القوى السياسية عندما دعتها، وبعد أيام من وصمها بالفشل والفساد، إلى الانخراط في “حوار دون شروط مسبقة” من أجل إيجاد مخرج لـ “أزمة طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار”، بعد عام من الانتخابات التشريعية.
وتتجاهل دعوة البعثة الأممية مطالبات العراقيين وثوار تشرين بإزاحة الطبقة السياسية الفاسدة وتسليم العراق إلى الى العراقيين، وبعد عشرين عاما من أكبر عملية فساد وفشل سياسي في التاريخ المعاصر.
كما لا يمكن أن تتوقع البعثة الأممية أن تكون نتائج أي حوار بين قوى ثبت فشلها، مثمرة للعراقيين الثائرين لأسقاط العملية السياسية برمتها.
وأجرت القوى السياسية انتخابات تشريعية مبكرة في العاشر من تشرين الأول 2021، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي خرجت رفضا لفساد الطبقة السياسية وتدهور البنية التحتية في خريف العام 2019.
وقاطع الغالبية العظمى من العراقيين الانتخابات ولم يشترك في التصويت أكثر من عشرين بالمائة من الذين يحق لهم المشاركة، لكن على بعد عام من ذلك، ما زالت الأحزاب السياسية نفسها تهيمن على السلطة في البلاد. وعلى الرغم من المفاوضات اللامتناهية فيما بينها، فشلت أطراف الأزمة في التوصل لاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتسمية رئيس جديد للوزراء.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في بيانها الاثنين، إنه “يتعيّن على الجهات الفاعلة كافة الانخراط في حوارٍ دون شروط مسبقة”.
ودعت ساسة البلاد إلى “الاتفاق بشكلٍ جماعي على النتائج الرئيسة من خلال تقديم تنازلات تعيد التأكيد على هدفهم المعلن وهو تلبية احتياجات الشعب العراقي وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وفاعلة”.
ولم تبين بعثة الأمم المتحدة عما إذا كان اتفاق القوى السياسية التي وصفتها ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت أمام جلسة لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، بالفاسدة والمتصارعة على المغانم، سيكون حلا لبلد يرزح تحت الفشل السياسي منذ عشرين عاما.
وحذرت بلاسخارت من مخاطر واقعية قد تنذر بسفك مزيد من الدماء في البلاد التي أصيب شعبها بخيبة أمل وصلت إلى عناء السماء.
وقالت إنه “خلال الأشهر الاثني عشر الماضية كان للشقاق ولعبة النفوذ السياسي الأولوية على حساب الشعور بالواجب المشترك وقد تركت الأطراف الفاعلة على امتداد الطيف السياسي البلد في مأزق طويل الأمد”.
وأشارت إلى أن العراقيين كانوا “رهينة لوضع لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن احتماله، ليتحول إلى اشتباكات مسلحة… لا يوجد أي مبرر للعنف”.
وتابعت “بوجود مخاطر لا تزال واقعية للغاية لوقوع مزيد من الفتنة وسفك الدماء، لا يسعنا إلّا أن نكرر أهمية إبعاد أي احتجاج عن العنف. يتعين على كافة الأطراف التصرف بمسؤولية في أوقات تصاعد التوتر”.
ويعيش العراق أزمة سياسية حادة على خلفية الخلاف بين الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
ويدعو الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، فيما يطالب الإطار التنسيقي، الذي يضم فصائل موالية لإيران، بتشكيل حكومة جديدة قبل التوجه لإجراء انتخابات.
وبلغ التوتر ذروته في التاسع والعشرين من أب عندما وقعت مواجهات مسلحة بين أنصار مقتدى الصدر من جهة وقوات من الجيش والحشد الشعبي من جهة أخرى، قتل خلالها أكثر من 30 من عناصر التيار الصدري.
ونبه بيان الأمم المتحدة إلى أن “اليوم ليس لدى العراق الكثير من الوقت. فالأزمة التي طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار والأحداث الأخيرة دليلٌ على ذلك”.
وأضاف بأن “إقرار ميزانية 2023 قبل نهاية العام يمثل أمراً ملحاً”.
بدورها، دعت السفارة الفرنسية في بغداد، في بيان لها جميع الأطراف السياسية “بشكل عاجل إلى الانخراط في حوار حقيقي دون شروط مسبقة ومع استعداد حقيقي لتقديم تنازلات”.
وجدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الإثنين، دعوته لمختلف أحزاب وقوى البلاد إلى “الاحتكام لمنطق الحوار العاقل الهادئ والبنّاء لحلّ الأزمة السياسية”.
ويعيش العراق منذ عام كامل أزمة سياسية خانقة على خلفية نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، والتنافس بين الأحزاب والميليشيات على الحصول على الحصة الأكبر في تشكيل الحكومة.
وقاد مقتدى الصدر منتصف العام الحالي أوسع مظاهرات تمثلت بالتجمعات وأداء صلوات الجمعة التي توجت فيما بعد بعملية اقتحام جماهير التيار الصدري للمنطقة الخضراء الحكومية والسيطرة على مبنى البرلمان العراقي أواخر شهر تموز الماضي بعد أن أعلن الإطار التنسيقي تسمية محمد شياع السوداني مرشحا لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
ولم تتفق القوى الكردية على تسمية مرشح لشغل منصب رئيس الجمهورية، فيما يقف التيار الصدري بالضد من مساعي الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة.
ولايزال الموقف السياسي يدور في دائرة مفرغة يعكس حالة عدم الانسجام السياسي والتنافس على المغانم من دون أي مشروع وطني ينقذ البلاد التي تعيش مأزقا منذ احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية عام 2003، مما يفسح المجال لدخول البلاد في منعطف خطير قد يمهد لاستمرار خروج العراقيين في مظاهرات شعبية ترهق كاهل الحكومة والميليشيات المتسلطة.
وألمح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إمكانية مشاركة تياره في جلسة الحوار الوطني المقبلة إذا عقدت.
وقال “علينا إبعاد كل المشاركين في العملية السياسية والانتخابية السابقة، ومحاسبة الفاسدين تحت غطاء قضاء نزيه وبمساعدة الأمم المتحدة”.
ولا يأخذ غالبية المراقبين دعوات الصدر لتشكيل حكومة وطنية على محمل الجديد، ويرون أنه جزء من ماكنة الفساد السياسي المستمرة في الدوران منذ عشرين عاما، ودعواته ضد الأحزاب والميليشيات التابعة لإيران، مجرد محاولة للحصول على الحصة الأكبر في تشكيل الحكومة.

فراس الياس: شعار الوطنية الذي يرفعه الصدر لا يعني بالضرورة معاداة إيران

ويرى الكاتب السياسي فراس إلياس لايزال بإمكان إيران استخدام مقتدى الصدر كمصدر قوة في إذا ما تعرضت أحزاب وميليشيات إيران الطائفية في العراق، لتهديد فشعار الوطنية الذي يرفعه الصدر لا يعني بالضرورة معاداة إيران بقدر ما يعني إعادة تشكيل دورها في العراق ويجعل الصدر بمنزلة الشريك وليس التابع لإيران.
وكتب الياس في تقرير نشره معهد واشنطن “إيران غير مستعجلة لتشكيل حكومة في العراق فهي بانتظار نتائج المفاوضات النووية إذ سيؤدي فشلها، أو استمرار تعثرها كما هو مرجح في الوقت الحالي، إلى إمكانية أن تستخدم إيران الساحة العراقية بالضد من الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة”.
ويترقب العراقيون خروج مظاهرة شعبية لقوى تشرين في الخامس والعشرين من الشهر الحالي في ساحة التحرير وسط بغداد لتأكيد مطالبهم برفض العملية السياسية الحالية وإزاحة الطبقة الفاسدة.
وتواصل القوات الحكومية عمليات إغلاق عدد من الجسور ببغداد وجهزت عددا من الشوارع والساحات بمئات الكتل الاسمنتية تمهيدا لاستخدامها في حال انطلقت مظاهرات شعبية، فيما ترابط القوات الحكومية في نقاط تفتيش.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى