أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الميليشيات تحول دون عودة المسيحيين إلى مناطقهم

المطران نجيب موسى ميخائيل: لا نريد أن تحكم دول الجوار العراق، بل نريد أن يدير العراقيون أنفسهم بأنفسهم.

بغداد – الرافدين
كشفت تصريحات جديدة للأوقاف المسيحية في العراق عن تراجع كبير في أعداد المسيحيين بسبب هيمنة الميليشيات المسلحة الموالية لإيران على مقاليد الحكم في البلاد، ومنعهم من العودة لمناطقهم فضلًا عن الاستيلاء على أملاكهم.
وقال المتحدث باسم الأوقاف المسيحية، مارتن هرمز داوود، إنه “لا توجد عودة حقيقية للمسيحيين إلى مناطقهم في سهل نينوى، حيث لم يعد إلا 40 بالمائة من السكان بينما لم يعد الباقون بسبب تهجيرهم لمناطق أخرى أو اضطرارهم للهجرة خارج البلاد.
وعلى الرغم من سيطرة الميليشيات الولائية على سهل نينوى ذي الأكثرية العربية المسيحية، منذ ما يزيد عن خمس سنوات، إلا أن عمليات عودة العراقيين المسيحيين لديارهم ما زالت تواجه مشاكل كثيرة، أبرزها تنصل الحكومات المتعاقبة في بغداد، من تعهدات إعادتهم لمدنهم وإعمارها.
وفي الوقت الذي تمضي فيه الحكومة الحالية بإطلاق وعودها المتعلقة بتوفير الوسائل اللازمة لعودة آلاف الأسر المسيحية إلى مدينة الموصل وضواحيها، يبدو الواقع مخالفًا لذلك كليًا.
فأعداد العراقيين المسيحيين في تراجع مستمر، بسبب هيمنة الميليشيات على المناطق ذات الغالبية المسيحية بمعظمها، من بينها تلكيف والحمدانية والقوش وبعض أحياء مركز المدينة، بالإضافة إلى عدم إعادة إعمار الكنائس وغياب الخدمات وسوء المعاملة في الدوائر الرسمية وتصنيف المسيحيين كأقليّة.
وكان مدير شؤون المسيحيين خالد جمال ألبرت قد كشف عن أن مليونًا و300 ألف مسيحي يشكلون 70 بالمائة من عدد المسيحيين في العراق قد تركوا البلاد منذ عام 2003.
وأضاف، إن “مليونًا و800 ألف مسيحي كانوا يعيشون في العراق وفق إحصاءات ما قبل عام 2003 لكن بقي منهم حاليًا وفق كنائسنا نحو 500 ألف شخص أي غادر مليون و300 ألف شخص العراق”.
وكان رئيس أساقفة الكلدان في مدينة الموصل، المطران نجيب موسى ميخائيل، قد وجه انتقادات حادة للحكومة في بغداد، مؤكدًا انخفاض أعداد المسيحيين في العراق إلى الثلث.
وقال، إن “المكون المسيحي أصيل وهو من أقدم المكونات الموجودة في هذه المنطقة، وخاصة في سهل نينوى، وأنه يومًا بعد يوم يتناقص عدد المسيحيين ويزداد معدل هجرتهم الى الخارج، ما يعد مؤشرًا خطيرًا جدًا، لاسيما وأن هنالك أسبابًا تدفع المسيحيين إلى الهجرة”.
وأكد المطران ميخائيل، أن “حقوق المسيحيين منتهكة بشكل أو بآخر، ولا يرون أي دعم من الحكومة بشكل خاص، وكذلك الحقوق من حيث التعيينات أو فرص العمل أو المساواة في قوانين الدولة”.
وتابع ميخائيل “لا نريد أن تحكم دول الجوار العراق، بل نريد أن يدير العراقيون أنفسهم بأنفسهم، وتدير الكفاءات الدولة، وليس بعض المكونات التي نكون على محك معها في بعض الأحيان، لذا يجب أن يكون المكون الأصيل هو من يدير ويحكم ويساعد في إدارة الدولة، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبذلك يكون مستقبل العراق أجود”.
ويواجه المسيحيون إجحافًا حكوميًا ومضايقات تزيد من معاناتهم، بعدم صيانة كنائس قديمة يرجع بعضها إلى القرنين الرابع والخامس، وفرض ضرائب عليها حتى وقت سيطرة تنظيم داعش لمناطقهم آنذاك.
وكانت، معظم المنظمات التي تريد العمل في الكنائس وتقدم المساعدات بشكل مجاني قد انسحبت، بسبب ابتزاز الحكومة لها والعراقيل التي تضعها أمام المنظمات، أو النسب المئوية التي تريد أخذها منها.
وكان بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية الكاردينال لويس روفائيل ساكو، قد دعا إلى دعم المهجرين من ديارهم والصلاة من أجل السلام في العراق، في رسالة بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة.
وقالت هيئة إعلام البطريركية في بيان إن “عيد الميلاد ليس مجرد الاحتفال بذكرى مرَّت قبل ألفي سنة، والاحتفال به فولكلوريًا، إنما الميلاد وعيٌّ وإيمان باستمرار حضور الله بيننا، حضورٌ أبديٌّ بمحبة ورحمة”.
ونقل إعلام البطريركية عن الكاردينال ساكو، قوله “لنفكر بهذا الصيام الخاص بمساعدة العائلات المتعففة في مُجمَّع مريم العذراء بحي زيونة في بغداد، الذين اُجبروا على تركه، ومُجمَّع البطريركية في منطقة الميكانيك، والعائلات المحتاجة إلى المساعدة”.
وكانت جهات مرتبطة بأحزاب وميليشيات قد استولت على مجمعات للمسيحين في حي زيونة في رصافة بغداد وحي الميكانيك في منطقة الدورة في الكرخ.

الكاردينال لويس روفائيل ساكو: علينا دعم المسيحيين الذين هجروا من مناطقهم في زيونة والميكانيك ببغداد
ولفت، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، إلى أنّ السبب الرئيسي لاستمرار نزوح آلاف الأسر المسيحية من سهل نينوى وأنحاء أخرى في شمال العراق يعود إلى هيمنة الميليشيات المسلحة وغياب الإعمار في تلك المناطق.
وحذّر ساكو، من أن هذه المليشيات والعصابات “تمثل خطرًا على المجتمع العراقي ككل، وعلى المسيحيين بصفتهم أقلية”، معتبرًا أن “وجودها يجعل المواطن المسيحي يخشى العودة إلى منزله الذي تهجّر منه، فضلًا عن غياب المدارس والخدمات الصحية”.
وأكّد على أنّ “الحكومات العراقية لم تسعف المسيحيين بإعمار مدنهم وكنائسهم كما ينبغي”، مطالبًا الحكومة والمنظمات الدولية تقديم المساعدات لإعادة إعمار البلدات المسيحية.
وشدد على أن الحكومة ضعيفة وغير قادرة على فرض القانون وهيبتها على الأفراد والجماعات التي تستولي على الأملاك.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى