أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

انهيار العملة الإيرانية بعد التضييق على التحويلات المالية من العراق

إيران كانت تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريًا من تجار عراقيين. بينما يقوم مهربون بنقل كميات كبيرة من الدولارات من أسواق العملة في بغداد إلى طهران.

بغداد- الرافدين
عبرت مصادر اقتصادية عراقية عن عدم استغرابها من الانهيار غير المسبوق في قيمة العملة الإيرانية وتراجعها الكبير أمام الدولار، مؤكدة على أن أموال العراق هي من كانت تدعم سوق العملات الإيرانية.
وشددت على أن الرقابة الدولية في منع تحويل الأموال من العراق الى إيران ساهمت بشكل فعلي في هذا الانهيار. كما وفقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 بالمائة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب مقتل الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) بيد عناصر الشرطة الإيرانية في السادس عشر من أيلول، مما زاد من عزلة البلاد.
ويكتنف سوق العملات المضطرب في إيران مستقبلا غامضا، وأن الوضع الحالي في إيران يجعل الاقتصاد شبه متوقف ولا أحد يمكنه العمل والاستثمار بشكل كبير.
ويأتي ذلك متزامنا مع الارتفاع في أسعار تصريف الدينار العراقي مقابل الدولار الذي وصل إلى 166 ألف دينار عراقي مقابل كل مائة دولار.
وكانت مصارف وشركات تحويل مرتبطة بقادة أحزاب وميليشيات ولائية تقوم بتحويل الدولار من العراق إلى إيران بطرق غير شرعية بغية دعم الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من العقوبات الأمريكية.
وأقر مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأمريكي” في نيويورك ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في تشرين الثاني.
وتهدف الخطوة إلى وقف تدفق الدولارات بشكل غير مشروع إلى إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وممارسة المزيد من الضغط لمنع غسيل الأموال الذي تقوم به مصارف تابعة لقادة أحزاب وميليشيات متنفذين ومشاركين في حكومة محمد شياع السوداني نفسه، إلى جانب العقوبات الأمريكية المفروضة على برنامج طهران النووي ونزاعات أخرى، مما يصعب على طهران الحصول على الدولارات.
وقال مستشاران لبنوك عراقية خاصة يحضران بانتظام اجتماعات مع البنك المركزي، تحدثا لوكالة رويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن إيران كانت تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريًا من تجار عراقيين.
وأفاد مسؤولون أمنيون عراقيون تحت إدارة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بأن لديهم “أدلة دامغة” على أن هناك مهربين يشترون كميات كبيرة من الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويهربونها عبر المعابر الحدودية إلى إيران، لا سيما منذ منتصف كانون الثاني.
وقال عقيد في شرطة الحدود العراقية في معبر الشلامجة قرب مدينة البصرة في الجنوب إن عشرات المهربين يشترون الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويستخدمون حقائب مدرسية لنقلها قبل تعبئتها في سيارات رباعية الدفع إلى الحدود، تحت حماية حراس مسلحين.
وتوقعت مصادر اقتصادية إيرانية بانهيار وشيك للعملة الإيرانية بمجرد التزام العراق بإيقاف تحويل الدولار إلى إيراني.
وقالت إن المطالبات الأمريكية المالية للعراق قد تؤدي إلى وصول الدولار إلى خمسين ألف تومان إيراني.
وكتبت صحيفة “عصر اقتصاد” الإيرانية “المطالب الأمريكية من العراق واضحة للغاية وهي وقف العلاقات المالية مع إيران وسوريا ولبنان”.
وذكرت الصحيفة “تسبب هذا الوضع في ضغوط مضاعفة على رجال الأعمال والاقتصاد الإيراني، لأن أحد مداخل الدولار لإيران يتم إغلاقه، وستكون ‎إيران بالتأكيد الخاسر الأكبر في هذه القضية”.
وأضافت أن العلاقة الاقتصادية بين إيران والعراق ترافقت مع تحديات خطيرة في الأشهر القليلة الماضية نتيجة سياسات أمريكا الإقليمية ويعتقد الخبراء أنها لن تكون طويلة الأجل؛ لأن حكومة السوداني هي الضحية الرئيسية وتتفاوض مع واشنطن في هذا الصدد، لكن في النهاية رجال الأعمال الإيرانيين يخسرون سوقهم ويسحقون تحت العجلات السياسية والاقتصادية.

فريدون مجلسي: سيتخطى الدولار سعر 50 ألف تومان وستكون إيران شبيهة بكوريا الشمالية وفنزويلا وينهار اقتصادها.

وحذر الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلسي من الوضع الراهن، وقال إنه وفي حال فرضت العقوبات الأممية على إيران مرة أخرى فإننا سنشهد انهيارا أكبر وسيتخطى الدولار سعر 50 ألف تومان إيراني وستكون إيران شبيهة بكوريا الشمالية وفنزويلا وينهار اقتصادها.
وأوضح مجلسي أن أمام إيران أقل من شهرين لحل أزمة ملفها النووي فبعد ذلك سينتقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي وهو ما يؤزم الاقتصاد الإيراني أكثر مما هو عليه الآن.
ويستخدم الحرس الإيراني منذ سنوات شركات صورية من العراق إلى تركيا إلى دول الخليج العربي للحصول على الدولارات التي تحتاجها للمعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط.
وقال مسؤول مصرفي كبير إن الولايات المتحدة وجهت رسالة واضحة إلى المسؤولين العراقيين، مفادها هو أنه إما الالتزام باللوائح الجديدة أو سيواجه البنك المركزي العراقي غرامات.
ويعتمد السوداني على نوايا واشنطن لضمان عدم تعرض عائدات النفط ومالية بلاده للرقابة الأمريكية، ويحتاج أيضا إلى مساعدة واشنطن للبقاء في منصبه المهدد من قبل الإطار التنسيقي نفسه الذي بات منشقا على نفسه، فضلا عن التيار الصدري برئاسة مقتدى الصدر الذي ينتظر اللحظة المناسبة لإسقاط الحكومة.
لكن السوداني في النهاية وصل إلى السلطة بدعم من ميليشيات مدعومة من طهران، وبالتالي لا يمكنه تحمل تبعة استعداء إيران.
وبموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المرسل والمستفيدين. ويمكن للمسؤولين الأمريكيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة.
وقال نبيل المرسومي، وهو أستاذ للاقتصاد في جامعة البصرة، إن النظام الجديد أبطأ المعاملات الدولارية.
وقال مسؤولون مصرفيون إن إجراءات مكافحة التهريب أحدثت فجوة أيضا في الماليات العامة. ولجأت البنوك التي عزفت عن التسجيل في المنصة الإلكترونية إلى الأسواق الحرة في بغداد لشراء الدولارات، ما أحدث عجزا إذ تجاوز الطلب العرض.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى