أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مؤرخون ومعماريون: اليونسكو متواطئة في تشويه الإرث المعماري العراقي

مديرة اليونسكو أودري أزولاي تضفي شرعية أممية على تغيير الخصوصية المعمارية والتاريخية العراقية لحساب جهات طائفية في الموصل وسامراء والبصرة والنجف وكربلاء وبابل.

بغداد- الرافدين
ندد مؤرخون ومعماريون وكتّاب بتواطؤ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” مع تشويه التراث المعماري العراقي من قبل جهات وأحزاب تحت ذرائع طائفية.
وشنوا حملة تندد بالدور الذي تلعبه المديرة العامة للمنظمة أودري أزولاي بإضفاء شرعية أممية على تغيير الخصوصية المعمارية والتاريخية العراقية، بالتزامن مع زيارتها إلى العراق.
وأجمعوا على أن التراث المعماري العراقي يواجه خطر التشويه والنسف، خصوصًا بعد تدمير مواقع أثرية إثر المواجهات العسكرية وتغيير ملامح معالم أخرى بعضها على لائحة التراث العالمي لحساب مرجعيات طائفية وسلب خصوصيتها العراقية.
وقالوا إن السيدة أودري أزولاي تتجاهل في زيارة إلى العراق تسريع إيران من وتيرة أعمالها بهدف طمس الخصوصية المعمارية العراقية في الموصل والبصرة وسامراء وكربلاء والنجف وراوه وبابل.
وشددوا على أنه لا توجد دولة في الكرة الأرضية تسمح بتسليم أهم ما تملكه من موروث معماري وحضري تاريخي إلى مؤسسات طائفية بعيدة عن مبادئ الحفاظ وتقنيات الترميم العلمية.
وأضافوا أن موقف اليونسكو متمثل بمديرته أودري أزولاي، ساهم في تفويض مرجعيات طائفية ووزارات فاسدة وجاهلة لتغيير كبير في البنية التاريخية لمباني تتميز بخصوصيتها العراقية، وتدمير وتشويه لأصالتها التاريخية، وإزالة لمساحات كبيرة من النسيج العمراني التاريخي.
ويلقي غالبية العراقيين باللوم على السلطات الحكومية والمرجعيات الطائفية في السماح لجهات خارجية إيرانية بالعبث بالمعمار العراقي وتغيير تصميمه وفقًا لأجندة هيمنة سياسية وطائفية، لدرجة أن المعماري إحسان فتحي قال إن “العراق أصبح مهد الحضارة ومهد تدميرها في آن واحد”.
وأضاف الخبير السابق في اليونسكو ورئيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة بغداد سابقًا “إن ما يحصل في غاية الخطورة وأن على الدولة أن تحسم الأمر بشكل نهائي فيما يخص الحاكمية تجاه جميع الآثار العراقية بما فيها جميع الأوقاف الشيعية والسنية والمسيحية”.
ويمثل مشروع إعادة بناء جامع النوري في مدينة الموصل بإشراف اليونسكو، مثالًا على سلب الخصوصية المعمارية العراقية واستبعاد اللمسة التصميمية العراقية، حيث تم منع أهم المعماريين والخبراء والمؤرخين العراقيين من المشاركة في مشروع إعادة بناء جامع النوري بتمويل إماراتي.
واستبعدت اليونسكو عبر اللجنة الفنية لمشروع جامع النوري نقابة المهندسين العراقيين عن التحكيم. فضلًا عن كبار الخبراء والمعماريين العراقيين.


إحسان فتحي: حملة اليونسكو لإعمار جامع النوري متخمة بالزيف وتشويش الحقائق بهدف تسويق المشروع المصري الفائز

وكتب المعماري إحسان فتحي “كانت نتائج التحكيم، وكما توقعتها تمامًا، صادمة ومخيبة للآمال، بالرغم من الحملة الاعلانية الكبيرة التي أطلقها مكتب اليونسكو والتي كانت متخمة بالزيف وتشويش الحقائق بهدف تسويق المشروع المصري الفائز بالجائزة الأولى”.
وانجرفت وزارة الثقافة والسياحة والتراث في الحكومة السابقة والوقف السني مع حملة اليونسكو الزائفة، للترويج للمشروع المصري الفاشل بتمويل إماراتي.
ويتساءل معماريون العراقيون عن دوافع التواطؤ من قبل اليونسكو إزاء تغيير وتشويه البنية المعمارية العراقية.
وقال إحسان فتحي “نحن أمام جدار هائل من اللامباليين والجهلة، لا يهمهم أي شيء! فهم أبعد ما يتصوره المرء عن الاحترافية والمنهجية العلمية، هم حقًا في كوكب آخر تمامًا. طالما استمروا في التحكم في مصير تراثنا العراقي”.
وقال الكاتب كرم نعمة إن التصميم الفائز بالمسابقة المعمارية لإعادة بناء مجمع جامع النوري في الموصل الذي اختارته اليونسكو، ينم عن جهل مريع بالبيئة المعمارية العراقية، وسيبدو أشبه بهيكل أجوف غريب عن خصوصية المعمار لمدينة الموصل.
وعزا كرم نعمة ذلك إلى سيطرة “العقل القبوري” على التراث المعماري العراقي.
وكانت اليونسكو قد أعلنت عن مسابقة لإعادة بناء جامع النوري الكبير في الموصل، استبعدت فيها نقابة المهندسين العراقيين، ورست على مكتب مصري يديره مجموعة من المعماريين الشباب الذين يجهلون التاريخ المعماري العراقي.
وقال المعماري الرائد إحسان فتحي، إن أي إنسان عاقل ومنصف سوف لن يقبل بما طرحه الفائز الأول لجامع النوري لأنه، بكل بساطة، لا يعبر عن روح هذه المدينة العظيمة، وسوف يؤسس لسابقة خاطئة للمدينة.

كرم نعمة: اليونسكو اختارا تصميما لجامع النوري، ينم عن جهل مريع بالبيئة العراقية، وأشبه بهيكل أجوف غريب عن الخصوصية المعمارية للموصل

وخلال جولة لها في شارع المتنبي في بغداد، أعربت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة أودري أزولاي عن الدعم للعراق الذي عانى عقودًا من الحروب، مؤكدةً استعداد اليونسكو لدعم العراق في مجال “إعادة الإعمار”.
وفي وقت يعاني العراق من آثار التغير المناخي كالنقص في المياه الذي يطال الأهوار في جنوب البلاد المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، اقترحت أزولاي إرسال بعثة خبراء لمساعدة البلاد في مواجهة هذه “الأزمة الهيكلية”.
وأضافت أزولاي “أنا هنا من أجل البحث عن هذه الهوية الثقافية، مساعدة العراق في إعادة الإعمار، ليس فقط إعمار الجدران والتراث، كما فعلنا في الموصل، بل كلّ ما هو متصل بالتراث غير المادي، كل تلك الثروة المرتبطة بالتعليم…والتي عانت كثيرًا. يمكن أن نرى ذلك بسهولة في بغداد”.
ويضمّ العراق ستّة مواقع أثرية مدرجة ضمن التراث العالمي، وهو مهد الحضارات السومرية والأكادية والبابلية والآشورية، التي منها انطلقت الكتابة وانبثقت المدن الأولى.
ويعدّ العراق وفق الأمم المتحدة من بين الدول الخمس الأكثر عرضةً لآثار التغير المناخي، لا سيما النقص في المياه.
وقالت أزولاي بهذا الصدد “كان هذا البلد خصبًا جدًا وكان مهد الحضارات بسبب نهريه ومياهه”، مؤكدةً أنها اقترحت على السلطات إرسال بعثة من اليونسكو معنية بملف “إدارة الموارد المائية لتحديد السبل التي يمكن من خلالها المساعدة في إدارة هذا المورد”.
وعانى العراق من نهب آثاره وتهريبها بعد الاحتلال الأمريكي في العام 2003، ولم يكن المتحف العراقي بمنأى عن عمليات النهب في العام 2003 وسط الفوضى التي تبعت الاحتلال فضلًا عن فشل حكومات الاحتلال المتعاقبة في الحفاظ على ثروة وكنوز العراق التاريخية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى