أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

قرارات إعدام انتقامية بحق آلاف العراقيين

تصريح وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني بعدم وجود تعذيب في السجون الحكومية يتحول إلى موضع إدانة وتهكم بين العراقيين.

بغداد- الرافدين

تتصاعد تداعيات الصدمة التي ولدها تصريح وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني بوجود ثمانية آلاف محكوم بالإعدام.
وقال خالد شواني “عشرون ألف من المدانين بالإعدام في سجون وزارة العدل، بينما يوجد 60 ألف نزيل موزعين على 28 سجناً في البلاد”.
وفي الوقت الذي اعترف وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي بمشكلة الاكتظاظ بالسجون والحاجة إلى معالجتها، فإنه زعم بعدم وجود عمليات تعذيب داخل السجون الحكومية.
وتحولت الاعترافات الصادمة للشواني، عن مفهوم الدولة والعدالة إذا كان فيها كل هذا العدد الكبير من الذين ينتظرون إعدامهم.
فيما يجمع عراقيون على أن مزاعم الشواني عن عدم وجود تعذيب داخل السجون الحكومية تحتاج إلى أن يصدقها هو نفسه قبل أن تنطلي على الرأي العام.
وقالوا إن المنصات لا تتوقف عن نشر فيديوهات موثقة لعمليات تعذيب واستغلال ومتاجرة بالمخدرات داخل السجون الحكومية، يديرها ضباط في السجون.
وسبق أن وصفت وزارة الخارجية الأمريكية التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز في العراق باللاإنسانية، مؤكدة أن المحاكم قبلت بشكل روتيني الاعترافات القسرية والتي كانت الدليل الوحيد في بعض قضايا مكافحة الإرهاب المتعلقة بداعش.
وأشارت تقارير عديدة من منظمات غير حكومية محلية ودولية إلى أن المسؤولين وإدارات السجون استخدموا التعذيب والعقوبات القاسية، أو المهينة من قبل القوات الحكومية وميليشيا الحشد لانتزاع الاعترافات، لا سيما العرب السنة أثناء الاعتقال والاحتجاز السابق للمحاكمة وبعد الإدانة.
إلى ذلك أكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن السجون الحكومية في العراق ما تزال تشهد عمليات تعذيب بعد عقدين على احتلال البلاد.


علي البيدر: هل ستتم التضحية بكل هؤلاء المحكومين بالإعدام كورقة من قبل طرف سياسي مقابل ما سيحصل عليه من مغانم؟

وبحسب المرصد فإن السجانين في العراق يتخذون أساليب متعددة في التعذيب، ويحاولون إبراز قوتهم على السجناء. ولا يقتصر التعذيب على مرحلة السجن، بل يكون في مراحل عديدة، منها الاعتقال، والتحقيق.
وشهدت الأعوام الأخيرة وفاة عدد كبير من المعتقلين بسبب عمليات التعذيب، وعلى الرغم من المبالغ الطائلة التي صرفت لتدريب المحققين والسجانين، إلا أن التعذيب ما زال مستمرًا وبات نهجًا.
وذكر المرصد أن اسباب اكتظاظ السجون الحكومية في العراق مرتبطة بأبعاد سياسية وأخرى اقتصادية.
ووثق المرصد المختص بمتابعة القضايا الحقوقية، وأوضاع المسجونين العراقيين، مجموعة من الشهادات التي ترصد التجاوزات غير القانونية بحق المواطنين، وذلك عبر إفادات مباشرة من معتقلين سابقين، أو من ذويهم إذ نشر عبر الصفحة الرسمية له في موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك مقطع فيديو لسيدة تروي أنه تم “اعتقال ابنيها عام 2011، ولم يفرج عنهما، كما لم توجه ضدهما أية قضايا أو تهم بيد أنه في عام 2015، حكم عليهما بالإعدام دون سند قانوني”.
وأوضح مدير المرصد، مصطفى سعدون، أن السجون في العراق تدر أموالا طائلة على بعض الأحزاب، خاصة تلك التي تمتلك أسواقًا تجارية داخل السجون وتحظى بعقود مع الحكومة خاصة بإطعام وتغذية السجناء، مبينا أن الحكومة تخصص لكل سجين 12 دولارا يوميا لأجل الطعام والشراب والملابس.
ويجمع عراقيون أن قرارات القضاء انتقامية بحق الغالبية العظمى من المحكومين بالإعدام. مشيرين إلى مطالبة تحالف الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية بالمصادقة على أحكام الإعدام لآلاف السجناء العراقيين الموزعين على سجون بالبلاد.
وتتجسد “ثقافة الانتقام” في بيان أصدره الإطار يطالب فيه بتنفيذ الإعدام خلافاً لتعهداته في مفاوضات تشكيل حكومة محمد شياع السوداني مع القوى السياسية التي طالبت بمراجعة أحكام الإعدام المبنية على انتزاع الاعترافات تحت التعذيب أو بوشاية المخبر السري.
وتشير البيانات الحكومية إلى أن عدد السجناء لا يتجاوز 35 ألف معتقل، في حين أن مركز “أفاد” الحقوقي يؤكد أنّ حصيلة المعتقلين، المتواجدين في سجون العراق التابعة للحشد الشعبي، ولوزارتي الدفاع والداخلية، يبلغ نحو 70 ألف سجين، فضلًا عن آلاف المختطفين، والمفقودين، والمغيبين بصورة قسرية.
ولا ينكر الباحث السياسي علي البيدر استخدام ملف المحكومين بالإعدام كورقة سياسية، متسائلا “هل ستتم التضحية بهؤلاء المحكومين من قبل طرف سياسي مقابل ما سيحصل عليه من مغانم، أم سيبقى الأمر في زاوية التعنت في التعامل مع هذا الأمر، لا سيما أن غالبية المحكومين من المكوّن العربي السُني”.

مصطفى سالم: كم من ضمير يحتاج من يصادق على عقوبة الإعدام في العراق البلد الذي يشبه القضاء فيه غرفة التعذيب

وحذر الباحث السياسي في تصريحات تناولتها وسائل الاعلام من أن الإقدام على هذه الخطوة سيربك المشهد السياسي قاطبةً، لا سيما أن التحالف الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يصرّ على عدم تنفيذ هذه الأحكام إلا بعد صدور قانون العفو العام ليتم التأكد من براءة هؤلاء أو إثبات إدانتهم، وفق البيدر.
فيما تساءل الكاتب رائد الحامد، عن الوقت الذي يحتاجه رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وهو في عقده الثمانيني للمصادقة على تنفيذ إعدام عشرين ألف سجين.
وتساءل متهكماً “هل صحته البدنية تساعد على تحمل جهد كبير مثل هذا؟”.
غير أن الكاتب السياسي العراقي مصطفى سالم قال “كم من ضمير يحتاج من يصادق على عقوبة الإعدام في العراق البلد الذي يشبه القضاء فيه غرفة التعذيب”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى