أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الأحزاب والميليشيات تغذي خطاب الكراهية في العراق

في اليوم العالمي لمواجهة خطاب الكراهية، استمرار الأحزاب والميليشيات الطائفية الحاكمة في العراق على بث خطاب التقسيم والإقصاء على الهوية.

بغداد ــ الرافدين
حذرت قوى وطنية من استمرار حملات التحريض الطائفي وبث الكراهية التي تمارسها الأحزاب والميليشيات الحاكمة بهدف تدمير السلم المجتمعي وتوسيع نفوذها في العراق.
وعبر ناشطون بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية عن مخاوفهم من استمرار التحريض الطائفي على أرض الواقع وفي وسائل التواصل الاجتماعي فضلًا عن القنوات التلفزيونية التابعة للأحزاب التي تشكل خطرًا مع توجه الكتل السياسية وميليشياتها لعسكرة المجتمع.
وسلطت الجمعية العامة للأمم المتحدة الضوء على المخاوف العالمية بشأن “الانتشار المتسارع لخطاب الكراهية وانتشاره” في جميع أنحاء العالم، واعتمدت قرارًا بشأن “تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية”.
ويقر القرار بضرورة مكافحة التمييز وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية ويدعو جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، بما في ذلك الدول، إلى زيادة جهودها للتصدي لهذه الظاهرة، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأعلن عن اختيار الثامن عشر من حزيران من كل عام يومًا دوليًا لمكافحة خطاب الكراهية.
وساد في العراق خطاب الكراهية والتقسيم الطائفي بعد احتلال البلاد من قبل القوات الأميركية، وسيطرة أحزاب وميليشيات طائفية على الحكم التي عملت تغذية خطاب الاقصاء الطائفي والقتل على الهوية والتغيير الديمغرافي للبلاد.
وتقوم الأطراف الحزبية والميليشياوية بالتصعيد من حدة خطاب الكراهية والتطرف في البلاد عبر تفسير أحداث أمنية أو أعمال عنف بأنها “طائفية” في سياسة متعمد لتهميش الروح الوطنية لحساب خطاب طائفي.
وسبق أن أقدمت عناصر مسلحة تنتمي لميليشيات متنفذة بإضرام النار في مسجد عمر بن الخطاب وسط قضاء طوز خورماتو شرقي محافظة صلاح الدي، ما أدى حدوث أضرار مادية جسيمة بالمسجد، وسط صمت مطبق من قبل السلطات الحكومية في التعليق على الحادث.
يشار إلى أن عددًا من المساجد في مناطق مختلفة من العراق تعرضت لاعتداءات خلال الفترة الماضية، دون أن تصدر من السلطات الحكومية أي إيضاحات بشأن اسباب الهجمات أو معلومات عن القبض على الجناة.
وقال سكان محليون، إن الميليشيات اعتدت بالضرب على أهالي مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين بذريعة ذكرى جريمة “سبايكر” بعد غلقها أحد الشوارع الرئيسة في المدينة واستهداف المحال التجارية بالتخريب وسط شعارات طائفية أمام أنظار القوات الحكومية.
وأكد السكان غياب أي دور للقوات الأمنية أمام اعتداءات وانتهاكات الميليشيات ضد أهالي صلاح الدين، منتقدين صمت المسؤولين في المحافظة على مثل هكذا عدوان للميليشيا ضد أهالي مدينة تكريت وبدوافع طائفية.
وأكد قسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين بالعراق، أن محافظة صلاح الدين شهدت سلسلة من الأحداث المؤلمة مؤخرًا، في ظل سطوة الميليشيات الطائفية.
وأوضح القسم في تصريح صحفي أن الميليشيات استهدفت أهالي مدينة تكريت بالضرب والتنكيل وخربت المحال التجارية والأسواق والمركبات أمام أنظار القوات الحكومية، تحت ذريعة استذكار ضحايا جريمة “سبايكر”، وسط هتافات طائفية ومسيئة لأبناء المدينة.
وأضاف أن هذه الاعتداءات تزامنت مع إحراق مسجد أبو بكر الصديق، في المجمع السكني بقضاء الدور، ومسجد عمر بن الخطاب في قضاء طوزخورماتو.
وأشار القسم إلى أن سامراء لا تزال تعاني من الفساد الحكومي والتسلط الميليشياوي وسط تجاهل تام لسياسيي المحافظة لهذه الانتهاكات، مشددًا على أن ما تشهده صلاح الدين لا ينفك عن كونه عدوانًا مقصودًا وجرائم تندرج في سياق الاستهداف الممنهج لتحقيق أهداف عديدة أبرزها تغيير التركيبة السكانية.

أيمن العاني: الصمت الحكومي على ما ترتكبه الميليشيات من اعتداءات طائفية على المواطنين والمساجد دليل على تورط الحكومة بهذه الجرائم.
وقال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني، إن الصمت الحكومي على ما ترتكبه الميليشيات من اعتداءات على المواطنين والمساجد في صلاح الدين دليل على تورط الحكومة بارتكاب هذه الجرائم.
وأضاف العاني في تصريح لقناة “الرافدين”، أن الميليششيات تستهدف أهالي محافظة صلاح الدين من أجل إحداث تغيير ديمغرافي في المحافظة.
ويرى مراقبون أن الأحزاب والميليشيات تبحث دائمًا عن منصات بشرية للترويج عن نفسها ومهاجمة خصومها، عبر هتافات وأفعال تتسم بالكراهية والانحياز والطائفية.
وقال الناشط الحقوقي مصعب الناصري، إن خطاب الكراهية في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني يستخدم لاستقطاب المنتفعين والطائفيين، والأمر ليس وليد اللحظة، بل مستمر منذ عام 2003.
وأشار الناصري في تصريح لقناة “الرافدين” إلى فشل البرلمان الحالي في تشريع القوانين الرادعة لأصحاب الخطابات الطائفية.
وأضاف أن الأحزاب الفاسدة تنتهج سياسة إقصاء وتهميش الناشطين الذين ينتقدون سياسات السلطة الخاطئة.
ودعا أبناء الشعب العراقي إلى التمسك بالهوية الوطنية والالتزام بالخطاب المعتدل بعيدًا عن خطابات الكراهية والتحريضية التي جاءت بها حكومات الاحتلال.
ولا يقتصر الخطاب الطائفي على قادة الأحزاب والكتل السياسية، بل تحول إلى ظاهرة شائعة تمارس من قبل أفراد وأساتذة جامعيين وأكاديميين تابعين للميليشيات الطائفية.
وتشهد البلاد بين الحين والآخر حالات مختلفة من الإفرازات الطائفية التي تغذيها الأحزاب والميليشيات بهدف تدمير المجتمع.
وتبث الميليشيات مواسم المناسبات الدينية سمومها الطائفية من خلال ترديد الهتافات الطائفية وبث الكراهية خلال المناسبات الدينية وخصوصًا عند مرورها بالمناطق ذات الأغلبية السنية، دون أي رادع من قبل الجهات الحكومية.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا لمجموعة من الشباب وهم يتلفظون بكلمات مسئية من داخل جامع الأمام الأعظم في مدينة الأعظمية ببغداد، مما يعكس سلبيات التغذية الطائفية التي تزرع بين أفراد المجتمع.
ويتمدد خطاب الكراهية إلى المدارس ويشكل جزءًا من بعض المواد والمناهج التعليمية والتي لا تخلو من كلمات ونصوص تحرض على التطرف ونبذ الآخر.
وينتهج بعض المعلمين داخل المدارس طقوسًا حزبية وطائفية والتي تهدف إلى تجهيل الأجيال خدمة لأجندات سياسية.
وانتشر مقطع مصور يظهر مدير مدرسة “خاتم الأنبياء” في منطقة حي الأمين ببغداد وهو يجبر التلاميذ على أداء التحية أمام صورة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة ميليشيا الحشد أبو مهدي المهندس، اللذان قتلا في غارة أمريكية، مقابل الحصول على خمس درجات إضافية.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مصور لمدير المدرسة وهو قيادي في إحدى الميليشيات، يعمل على بث سموم الطائفية بين صفوف الطلبة دون محاسبة من قبل اللجان الرقابية.
وتدوالت منصات التواصل الاجتماعي صورًا لأحد أساتذة جامعة واسط وهو يلوح بحركات مسيئة للصحابة، مما أثار غضب العراقيين المطالبين بمحاسبة كل من يتجرأ بالقيام بمثل هذه الأفعال الشاذة والتي تهدد بإشعال فتيل الطائفية من جديد.
ويكتفي القضاء في العراق بالتحذير الخجول من أشكال الكراهية والتطرف التي تؤدي إلى العنف في البلاد، مدعيًا إلى اتخاذه إجراءات قانونية ضد المحرضين.
وطالما غطى القضاء في العراق على محاسبة أصحاب الخطاب الطائفي بإعلانات شكلية تقتصر على الوعيد بالمحاسبة دون تنفيذ حقيقي، بينما تلاحق آخرين لأسباب هامشية وبذرائع الترويج للنظام السابق والإرهاب.
ونبه باحثون إلى خطورة الطائفية كونها تتنافى مع مفهوم الوطن والمواطنة، معتبرين أن ظهور المشكلات المختلفة في المجتمع هو نتيجة لاستفحال النعرات الطائفية والمذهبية فيه، ومنها مشاكل الفقر والمرض والجهل وغياب الأمن الاجتماعي.
وقال عضو الميثاق الوطني العراقي يحيى السنبل، إن التعايش السلمي قيمة إنسانية عليا، وبديله هو الإلغاء والإقصاء ومصادرة الحريات وغياب العدالة وبث خطابات الكراهية والحقد على أسس طائفية، مرجعًا سبب الأزمات في العراق إلى بناء النظام السياسي على أسس طائفية باتت المهدد الأكبر للهوية الوطنية.
ماجد الجميلي: القوى الطائفية عملت على استدعاء الشعور الطائفي ومن ثم التلاعب به وتوظيفه في الدعاية السياسية بموازاة خطاب تكريهي وتخويفي لجزء من المجتمع العراقي
وكتب الصحفي ماجد الجميلي أن القوى الطائفية عملت على استدعاء الشعور الطائفي ومن ثم التلاعب به وتوظيفه في الدعاية السياسية بموازاة خطاب تكريهي وتخويفي لجزء من المجتمع العراقي ورفع لافتة مظلوميات تأريخية وراهنة مكذوبة وتسويق أخطاء السلطة التي تعاقبت على حكم العراق على أنه استهداف مقصود وممنهج لهذا المكون بسبب هويته الطائفية أو المذهبية أو العرقية.
وأضاف الجميلي في مقال نشره موقع قناة “الرافدين” الفضائية قوى السلطة الطائفية حرضت مكونات المجتمع العراقي على إعادة تعريف نفسها على أسس طائفية وعرقية وليس بكونها شعبًا واحدًا ذا هوية وطنية جامعة وظهر تركيب لغوي غريب وخطير في الخطاب السياسي والإعلامي في الفضاء العراقي بعد الاحتلال، وعملت على إفهام الطرفين أن الطرف الآخر يخطط لإبادته ومحوه من وطنه في حالة من التضليل والتزوير السياسي وكأن الشعب العراقي يعاني أزمة تاريخية في هويته الوطنية.
ويرى المعلق السياسي علي الصراف، أن الكراهية والطائفية نتاج وقوع العراق ضحية ميليشيات ولصوص بعد غزوه في العام 2003.
وتساءل “إسأل نوري المالكي، على سبيل المثال، عن رأيه بالطائفية، وحاول ألا تضرب شاشة التلفزيون”.
وقال إن “التغيير يمكن أن يعيد صياغة العراق ونظامه السياسي وشعبه. ولكن الإناء ينضح بما فيه. فاللصوصية التي جاءت بالأمريكيين إلى العراق هي ذاتها اللصوصية التي حكمته لعقدين من الزمن”.
وأضاف قاعدة “المحاصصة الطائفية” تكفي بمفردها لكي تدل على الجريمة بأبشع صورها وضوحا وصراحة.
وأكد على الفضيحة وصلت إلى درجة أنها لا تخفى على أحد. والأطراف الأخرى التي تشارك في “عملية النصب” الطائفية، بين مكون السنة ومكون الأكراد، زادتها وضوحًا بأن جمعت ذئابًا وكلابًا وجرذانًا لاقتسام المائدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى