أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

هيئة علماء المسلمين تدعو إلى استعادة مآثر ثورة العشرين في سبيل قضية الدين والوطن

تجارب ثورة العشرين ما زالت قادرة على بعث الذاكرة الوطنية وشحذ همم العراقيين لإيجاد المخارج الحقيقية والجدية للخلاص من تسلط الاحتلالين.

عمان- الرافدين
قالت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق، إن الأوضاع والظروف التي نعيشها على الرغم منا منذ عقدين من الزمن؛ هي عين الأوضاع والظروف التي كانت طاغية قبيل اندلاع ثورة العشرين، واستدعت ظهور كوامن الغيرة والوطنية العراقية، والانتفاضة بوجه المحتل البريطاني، الذي سريعًا ما تخلى عن وعوده المعسولة للعراقيين بعد سيطرته على البلاد وهيمنته عليها.
واضافت الهيئة في رسالة مفتوحة إلى الشعب العراقي في الذكرى الثالثة بعد المائة لثورة العشرين المباركة “تمر علينا اليوم ذكرى ثورة العشرين الثالثة بعد المائة، ونحن ما زلنا نرزح تحت نير احتلال مركب، يجمع بين البعدين الدولي والإقليمي، ويوفق بينهما لصالح استمرار الأوضاع في العراق على ما هي عليه من غياب لمعالم الدولة، وضياع لبوصلة الأهداف والمصالح، وفقدان لعوامل الاعتماد على النفس، وتسليم للمصائر والمقدرات بيد الطارئين والمنتفعين”.
وشددت على أن تجارب ثورة العشرين بمختلف مراحلها ومفاصلها التاريخية ما زالت قادرة على بعث الذاكرة الوطنية وشحذ همم العراقيين لإيجاد المخارج الحقيقية والجدية للخلاص من تسلط الاحتلالين في العراق، والنأي به عن مشاريعهما الخطيرة والمتواصلة، التي لا تكاد تنتهي، حتى تظهر لنا كل يوم في زي جديد، ومظهر خادع، لا يجني العراقيون من ورائه سوى الحصاد المر.
وأضافت “كما رصدنا في رسائل مفتوحة سابقة خلال السنوات الماضية معاني ثورة العشرين وقيمها وتجاربها؛ فإننا مازلنا نكتشف في هذه الثورة المزيد من عوامل الشبه وحلقات التوافق بين سياقاتها التاريخية والوطنية والفكرية، وبين السياقات التي يعانيها العراقيون في سعيهم الدائم للخروج بوطنهم من دوائر الاحتلال المغلقة التي لا تكاد تنفك حتى تتصل من جديد بفعل فاعل خارجي أو داخلي”.
وأوضحت من عوامل الشبه المهمة بين سياق الثورة العشرينية العام وسياق الانتفاضات المتتابعة للعراقيين ضد الاحتلالين الأمريكي والإيراني؛ عامل الأثر المهم للعلماء وطلبة العلم الشرعي في قدح روح المقاومة والحث على سلوك دروب المناهضة والمكافحة للمحتلين؛ فعندما صدرت فتوى المفتي العام للدولة العثمانية زمن السلطان (محمد رشاد) بالنفير العام والجهاد للتصدي لقوات الاحتلال البريطاني سنة 1914؛ تطوع كثيرٌ من العراقيين، ولا سيما رجال القبائل والعشائر في الشمال والوسط والجنوب للقتال ضد قوات الاحتلال نتيجة هذا الأثر؛ حيث أفتى إمام (الجامع الأعظم) وخطيبه ببغداد، الشيخ محمد سعيد النقشبندي بالجهاد، وألّف العلّامة أحمد فخري الفيضي رسالته (إرشاد العباد إلى الغزو والجهاد)؛ لبيان فضل الجهاد والحث عليه والالتزام بأحكام الشرع فيه وفتاوى العلماء، ورافق العلّامة محمد حبيب العبيدي إلى جبهة القتال في (مضيق الدردنيل).
وسافر الشيخ محمود شكري الآلوسي والشيخ نعمان علاء الدين الآلوسي إلى نجد؛ للتعريف بمجريات الأحداث والدعوة إلى الوحدة الإسلامية للتصدي للعدو الصائل على بلاد المسلمين.
وكذلك فعل في النجف المرجع السيد محمد سعيد الحبوبي، الذي تطوع للقتال وحشد الناس لذلك، وقاد مجاهدي الفرات الأوسط في (معركة الشعيبة) متصديًا لقوات الاحتلال البريطاني. وهو عين ما فعله الشيخ محمد أمين الشنقيطي علّامة البصرة والزبير، الذي رافق مجاهدي عشائر (المنتفك) للمشاركة في هذه المعركة.
وشارك الشيخ نعمان الأعظمي في (معركة الكوت سنة 1915، رفقة العشائر العربية والكردية التي تجحفلت مع القوات العثمانية وشاركتها شرف النصر وقتها؛ واعتقلته جراء ذلك القوات البريطانية بعد احتلالها لمدينة بغداد سنة 1917 ونفته إلى الهند، مع عدد من علماء بغداد، ومنهم المفتي الشيخ عطا الخطيب، والشيخ محمد سعيد الراوي.
وأفتى بالجهاد أيضًا الشيخ مهدي الخالصي، والسيد مهدي الحيدري، وشيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد مصطفى الكاشاني، وغيرهم.
وقد استمر الفعل الجهادي حاضرًا عند علماء العراق بعد معارك التصدي للاحتلال في البصرة والكوت، وبقي دعم العشائر على مدى سنوات أثناء معارك التصدي للاحتلال في سامراء والفلوجة والرمادي والموصل، وتوالت الثورات العراقية المحلية وتزايدت وصولًا إلى ثورة العشرين، الكبرى، التي شهدت أنماطًا مختلفة من مواصلة هذا الفعل الذي كانت شواهده الاعتقالات وعمليات السجن والنفي لعدد من العلماء وشيوخ العشائر والنخب الوطنية، الذين كانت مواقفهم صريحة ومعلنة في التصدي للاحتلال
وأكدت هيئة علماء المسلمين في العراق في رسالتها المفتوحة، على أن مشاركة العلماء وطلبة العلم الشرعي في الثورة كانت فاعلة قيادةً وفعلًا، على الرغم من عدم نيل هذه المشاركة الاهتمام الكافي في غالب مناطق مشاركتها في الثورة مدنًا وأريافًا وباديةً، واقتصار المأثور الكتابي عن الثورة على أخبار مشاركتهم في بعض أجزائها فحسب.
إلا أن المصادر التاريخية لا تعدم أن تجد فيها ذكر هؤلاء وتسطير جهادهم وجهودهم، ومنهم الشيخ العلّامة عبد الوهاب النائب، والشيخ يوسف السويدي، والشيخ محمد الصدر، والأستاذ عبد الهادي الأعظمي، في بغداد، والشيخ بـهاء الدين النقشبندي، والشيخ أمين علاء الدين النقشبندي، والعلّامة محمد جلي زاده، في كردستان، والشيخ عبد الله النعمة في الموصل، والشيخ علي العسافي البدري، الذي اصطحب قرابة مائة مجاهد من أهالي سامراء لخوض معارك التصدي للبريطانيين في جنوب العراق.
وكذلك الشيخ محسن الفتيان في راوة، والشيخ عبد السلام الحافظ في الحلة والشيخ حسين نصر الله الغريري، شهيد الثورة في بعقوبة، والشيخ سليم العماري في العمارة، وغيرهم من علماء العراق ودعاته ووعاظه.
واختتمت الهيئة رسالتها بالقول “ونحن إذ نستحضر هذا الإرث التاريخي الكبير لعلماء العراق في مقاومة الاحتلال ومقارعته في ثورة العشرين وما سبقها من إرهاصات وما تبعها من ارتدادات؛ فإننا ندعو علماء الوقت وطلبة هذا الزمان؛ إلى تذكر ما صنع أوائلهم من مآثر في ثورة العشرين وما قبلها وما بعدها، والتأسي بما كانوا يفعلون في سبيل قضية الدين والوطن، والعزم على البذل كما كانوا يبذلون من مساعي حثيثة للدفاع عن قضية دينهم، ومصير وطنهم، وآمال شعبهم، والبعد عن دعاة الفتن، ووعاظ السياسيين، ممن يوافقون رغبات الحكام، ويزينون باطلهم للشعب، في كل محفل وأثناء كل موسم انتخابي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى