أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

من يصنع السموم في العراق ومن يتاجر بها ويحميها؟

في تطور خطير لملف المخدرات وفشل وزارة الداخلية في مكافحتها، مصدر أمني يكشف عن وجود 4 مصانع لإنتاج مادة الكريستال في محافظة ميسان وعجز القوات الأمنية عن اقتحامها.

ميسان – الرافدين
كشف مصدر أمني مطلع عن وجود أربعة مصانع للمخدرات في إحدى ضواحي محافظة ميسان في تطور خطير يفند مزاعم حكومة الإطار التنسيقي بمكافحة انتشار المخدرات، وتحول العراق من ممر لهذه السموم إلى مصنع لها.
وقال المصدر إن “الأجهزة الأمنية في ميسان تمتلك تفاصيل دقيقة عن وجود أربعة مصانع للمخدرات خاصة بمادة الكريستال أو ما يعرف محليا بـ “مطابخ المخدرات” تقع في إحدى النواحي البعيدة عن مركز المحافظة”.
وأضاف أن “اقتحام هذه المصانع أو اعتقال العاملين فيها يتطلب قرارا سياسيا من الجهات العليا في البلد”، مبينا أن بعض هذه المصانع تعد ضمن مصادر تمويل اقتصاديات أحزاب متنفذة.
وأوضح أن “القوات الأمنية في ميسان وغيرها من المحافظات تملك القدرة على مواجهة تجار المخدرات والقضاء عليهم لو رفع غطاء الدعم عنهم من قبل بعض القادة السياسيين في البلاد”.
وتحول العراق في السنوات الأخيرة من ممر لتهريب وتجارة المخدرات إلى مستهلك لها، إلا أن الكشف عن وجود مصانع لإنتاج مواد الكريستال والكبتاغون يبين مدى تنامي نفوذ تجار المخدرات وتورط مسؤولين حكوميين.
ويقدر خبراء القيمة الإجمالية للمتاجرة بالمخدرات في العراق بنحو 10 مليارات دولار، ما يجعلها من أهم مصادر التمويل للميليشيات وأحزاب السلطة.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت قبل أسابيع عن ضبط مصنع لإنتاج الكبتاغون جنوبي البلاد، في سابقة من نوعها في بلد تتحكم فيه الميليشيات الموالية لإيران.
وقالت الوزارة في بيان لها “إن المصنع المضبوط يقع في المثنى، وهو معدٌّ لتصنيع حبوب الكبتاغون المخدّرة مع مواد أولية تقدر بسبعة وعشرين ونصف كيلوغرام مع الأختام الخاصة بالحبوب المخدرة”.
وينسف وجود هذه المصانع استعراضات حكومة السوداني وإعلاناتها عن القبض على مهربين وتجار، لتلميع صورتها لدى العراقيين، فيما تتنامى تجارة المخدرات في البلاد وتزداد أعداد المتعاطين.
وكشفت وزارة الداخلية في وقت سابق عن اعتقال 11 ألف تاجر ومهرب للمخدرات، خلال العام الحالي، من غير الإفصاح عن الجهات التي ينتمي لها هؤلاء المتهمين، ما يثير التساؤل عن جدوى خطط الوزارة وفعاليتها.
قال الصحفي العراقي أحمد الجميلي في تصريح لقناة الرافدين، إنه “بعد أن كان العراق يصنف من الدول الخالية من المخدرات، ومنذ عام 2003 تفشت المخدرات فيه وأصبح يصنعها في ظل سيطرة الميليشيات والأحزاب الموالية لإيران”.
وأضاف الجميلي أن هناك مزارع ومصانع مخدرات في العراق تعمل بحرية كاملة لأنها مملوكة لجهات متنفذة قوتها على الأرض تتفوق على الحكومة.
وبين أن الميليشيات تتخذ من تجارة المخدرات مصدر دخل كبير لتمويل نشاطاتها وعملياتها العسكرية وهي التي تسيطر على المنافذ الحدودية مع دول الجوار.
وأشار الجميلي إلى أن وزارة الداخلية تتستر على الجهات المتورطة بتجارة المخدرات وتجامل الميليشيات كون وزير الداخلية مرشحا عنها.
وصارت تجارة المخدرات من مصادر التمويل الأساسية للميليشيات والأحزاب المتنفذة في البلاد رغم خطر هذه السموم وما تخلفه من ظواهر سلبية تهدد استقرار المجتمع.
وبحسب مختصين، يرتبط الارتفاع الكبير لحالات الطلاق والعنف الأسري ومعدلات الجريمة والسطو المسلح، بانتشار المخدرات وزيادة أعداد المتعاطين.
وكان رئيس حكومة الإطار محمد شياع السوداني قد أعلن عن خطة لعراق خال من المخدرات حسب وصفه، مبينا أنه سيتم التعامل مع الملف على أنه تهديد إرهابي.
فيما يتهم مراقبون السوداني وحكومته بالتواطؤ مع الجهات المسؤولة عن تجارة المخدرات والفشل في إدارة الملف.
قال مستشار مركز الأمة للدراسات والتطوير للشؤون العسكرية والأمنية العميد الركن خليل الطائي، في حديث لقناة الرافدين، “حكومة الإطار التنسيقي الولائية جعلت المخدرات من مصادر تمويلها وهي من تسهل دخولها وانتشارها في العراق”.
وأضاف الطائي أن “وزارة الداخلية فشلت في مكافحة المخدرات، وأن التفاوت بين صلاحيات القوات الحكومية والصلاحيات الكبيرة للعناصر الميليشياوية، واختيار قادة وضباط في الأجهزة الأمنية وفقا للولاء الحزبي ساهم في إفشال الخطط الحكومية ومن أسباب ازدهار تجارة المخدرات”.
وبين أن الأجهزة الأمنية تسودها ثقافة الفساد وهناك تخادم بين ضباط ومسؤولين وتجار المخدرات.
وسبق أن اتهم النائب السابق عن التيار الصدري حاكم الزاملي، مسؤولين ومنتسبين في القوات الأمنية بالتواطؤ مع تجار المخدرات، والعمل في تجارة المخدرات.
وقال الزاملي “أين جهد الأجهزة الأمنية والقضائية للحد أو القضاء على هذا الوباء، الذي بدأ ينخر في بنية المجتمع العراقي، حيث يعد من أول أسباب أغلب الجرائم مثل الخطف والتسليب والقتل”.
وأضاف أن العراق أصبح مقرًا لتجارة المخدرات أكثر من الإكوادور والبرازيل وإيران وأفغانستان بعدما كان من أنقى بلدان العالم من ناحية التعاطي وتجارة المخدرات.
وأشار إلى وجود ضباط ومنتسبين يتفقون مع المجرمين بتكييف الإفادات والأوراق التحقيقية وتغيير تهمتهم من المتاجرة إلى التعاطي لتخفيف الحكم.
ومع الفشل المستمر في الحد من تفشي المخدرات التي باتت تهدد المجتمع العراقي ما تزال حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني تسوق فشلها على أنه إنجازات، وتتسر على تجار المخدرات والميليشيات وتساهم في زيادة نفوذها وتمكينها من مفاصل الدولة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى