أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

تجريف الأراضي يفقد العراق أكثر من 82 ألف دونم زراعي

مراقبون: عمليات تجريف الأراضي الزراعية والبساتين ترتبط بجرائم غسيل الأموال، التي تتورط فيها أحزاب السلطة وميليشياتها.

بغداد – الرافدين
كشفت وزارة الزراعة في العراق عن فقدان البلاد لأكثر من 82 ألف دونم زراعي حتى الآن، نتيجة عمليات “التجريف الممنهجة” التي تستهدف الأراضي الزراعية والبساتين.
وقال المدير العام لدائرة الأراضي الزراعية في الوزارة علي الشمري إن “التجريف المتعمد لآلاف الدونمات الزراعية، يعد من أبرز المهددات لزيادة معدلات التصحر وقلة الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى انحسار المساحات الزراعية الخضراء”.
ودعا الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية، إلى وقف عمليات تجريف البساتين، واصفًا إياها بأنها سرقة للأراضي الزراعية تقوم بها جهات متنفذة، لتحويلها إلى مشاريع استثمارية، الغاية منها إعادة دخول الأموال المهربة بأطر شرعية.
من جهته قال أمين سر اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة البصرة، توفيق علي، إن قطاع الزراعة يعاني من مشكلة تجريف الأراضي والبساتين، وتعد البصرة من أكثر المحافظات تضررًا من هذا التجريف.
وأضاف أن “هناك عمليات تجريف ممنهجة تستهدف الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء بسبب التوسع السكاني وعدم معالجة مشكلة السكن، فضلاً عن زحف السكان من المدن نحو القرى والبساتين”.
وتابع أن “التجريف أثر بشكل مباشر في مستويات المحاصيل الزراعية وإنتاج التمور، كما تأثرت بساتين النخيل ومزارع الحنّاء والحمضيات، حيث تعرضت هذه الثروة لتهديد مباشر بفعل عمليات التجريف”.
وتزايدت عمليات الاستيلاء على الأراضي الزراعية بشكل كبير بعد عام 2003 حتى تقلصت المساحات المزروعة في العراق إلى 18 مليون دونم بعد أن كانت 32 مليون دونم قبل الاحتلال الأمريكي.
وتستغل الأحزاب السياسية سطوتها وسلاح الميليشيات للاستيلاء على مساحات كبيرة من البساتين وتحويلها إلى أراض سكنية أو مشاريع صناعية في عمليات غسيل أموال مكشوفة ومن غير مساءلة قانونية.
وأجمع عدد من المراقبين أن عمليات التجريف ترتبط بجرائم غسيل الأموال، التي تتورط فيها أحزاب السلطة وميليشياتها، لافتين أن المساحات الزراعية باتت ضحية جديدة لتلك الجرائم التي يتبعها السماسرة من أجل تبييض الأموال المسروقة.
وأشاروا إلى أن عمليات إزالة المساحات الخضراء غير قانونية أو حصلت على تصاريح بناء احتيالية، أدت إلى تدمير آلاف الهكتارات من البساتين بموافقة الجهات الحكومية.
ويرى عضو لجنة النزاهة النيابية في البرلمان الحالي النائب عبد الكريم عبطان أن ظاهرة تجريف البساتين مخالفة قانونية صريحة وواضحة، حيث تحولت هذه البساتين إلى مدن عشوائية، ولا يوجد فيها أي معايير للتصاميم الأساسية.
وأكد عبطان أن هناك جهات متنفذة يدها أعلى من يد القانون، تقوم بعمليات التجريف وبناء العشوائيات لأغراض غسيل الأموال، وكثير من الجهات استفادت من هذا الأمر، منها ما هو متنفذ أو تاجر أو تغيير ديمغرافي.
وقال الأمين العام لمجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق الشيخ أحمد الغانم خلال مداخلة له على قناة الرافدين إن “عمليات تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية عشوائية تأتي في سياق سيطرة الميليشيات على كل شيء وتسخير مقدرات البلد لمصالحها، على حساب القطاع الزراعي الذي يراد القضاء عليه”.
وقال قائممقام كربلاء حسين المنكوشي إن متنفذين يقومون بشراء الأراضي الزراعية ومن ثم تجريفها، مشيرًا إلى أن الفاسدين والمال السياسي يقف وراء تجريف نصف أراضي كربلاء الزراعية وتحويلها إلى أحياء سكنية عشوائية.
ونوه المنكوشي إلى أن تجريف مساحات واسعة من البساتين والأراضي الزراعية كأن تكون مساحاتها 30 ألف دونم، أصبح أمرًا طبيعيًا، حيث يتم تفتيتها على مرأى ومسمع السلطات، وهو ما أسفر عن انخفاض مساحة الأراضي الزراعية في كربلاء إلى النصف، وأصبحت عبارة عن أحياء سكنية متجاوزة.
وتعمد ميليشيات نافذة على ابتزاز الفلاحين للاستحواذ على بساتينهم لغرض التغيير الديمغرافي لاسيما في المحافظات المنكوبة حيث اشتكى سكان هذه المناطق من تسلط عناصر في الميليشيات بتواطؤ الجهات الحكومية.
وقال عضو الميثاق الوطني عبد القادر النايل إن “المليشيات الطائفية هددت الكثير من المزارعين وأصحاب البساتين من خلال سلسلة اغتيالات واعتقالات وطرد السكان على أساس مذهبي وطائفي من أجل تحقيق هدف فرض سيطرتها على هذه المناطق”.
ووصف النايل هذه الأفعال بأنها “جريمة دولية تندرج تحت التطهير الطائفي والعرقي، كما حدث لأهالي جرف الصخر وقرى الغمام في ديالى، ومنطقة سليمان بك في محافظة صلاح الدين وغيرها من المناطق التي أصبحت بلا سكان”.
وأكد على أن “هدف الميليشيات من السيطرة على المناطق وتجريف بساتينها اقتصادي من أجل السيطرة على الأراضي والممتلكات، وتغيير هويتها”.
وحذر أستاذ القانون بجامعة ميسان ماجد مجباس من “خطورة التجريف للمساحات الخضراء وتحويلها إلى سكني أو صناعي أو تجاري، فضلاً عن أن أغلب تغيير أجناس الأراضي يحصل خلافًا للقوانين والأنظمة”.
وشدد مجباس على أن ضرورة الإبقاء على جنس هذه الأراضي تتعاظم كلما كانت محاذية أو محيطة بالمدن، لأن التخطيط العمراني للمدن وتشريعات الحفاظ على البيئة من التلوث، سواء كانت تشريعات داخلية أم دولية، تقتضي المحافظة على الحد المعقول من هذه المساحات.
ويرى باحثون في الشأن الزراعي أن انتشار ظاهرة تجريف البساتين وهجر المناطق الزراعية يهدد الأمن الغذائي في البلد، ويحوله إلى مستورد للمنتجات الزراعية.
وحذروا من المخاطر البيئية الناجمة بسبب قتل المساحات الخضراء وزيادة معدلات التصحر في وقت تعيش البلاد خطر التغيرات المناخية وتصحر 70 بالمائة من الأراضي الزراعية بسبب شح المياه وفقًا للجنة الزراعة والمياه النيابية.
ويؤكد الخبير في المجال الزراعي حيدر فاضل، أن “غياب الرقابة وعدم تطبيق القانون، أديا إلى تجريف آلاف الدونمات الزراعية في بغداد ومحيطها”.
وأضاف أن “هذه الجريمة الحقيقية بحق المساحات الخضراء، أسهمت في غياب الغطاء النباتي، وكثرة العواصف الترابية وتصاعد الغبار، وتلوث الهواء، وكثرة الأمراض”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى