أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار تعتقل ناشطين وتكمم الأفواه في البصرة

حكومة السوداني تشن حملة اعتقالات وتضييق للحريات طالت ناشطين في البصرة في وقت تغض فيه الطرف عن فرق الموت المتمركزة داخل مربع القصور الرئاسية على الرغم من إدانتها بتنفيذ انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في المدينة.

البصرة – الرافدين

أثار تصاعد عمليات اعتقال الناشطين في البصرة موجة غضب بين الأوساط الشعبية حيال سياسة تكميم الأفواه التي تمارسها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بتواطؤ مع مجلس القضاء الأعلى المتهم بغض الطرف عن انتهاكات فرق الموت المتمركزة في القصور الرئاسية وسط المدينة.
وشهدت البصرة خلال الساعات الماضية حراكًا لناشطيها للضغط على الحكومة للكشف عن مصير رئيس “مؤسسة بصرياثا للثقافة” الناشط عمار سرحان ومنسق المشروع الوطني للحوار والتعايش السلمي في العراق عمار كزار نمر المالكي عقب اعتقالهما من قبل قوات لم تفصح عن هويتها.
واتهم ناشطو البصرة الميليشيات المنتشرة في المدينة باعتقال الناشط عمار سرحان صباح الثلاثاء وتغييبه بعد مداهمة منزله وتعطيل كاميرات المراقبة والعبث بأثاث المنزل فضلًا عن مصادرة هاتفه الجوال.
وعقد ذوو الناشط عمار سرحان، مع أعضاء من تجمع الفيحاء الذي ينتمي له وعدد من الحقوقين، مؤتمرًا صحفيًا تنديدًا بتعرض سرحان للاعتقال من بيته على يد قوة حكومية من دون إبراز مذكرة إلقاء قبض بحقه.
وقال والد الناشط المعتقل سرحان رشك “تفاجأنا صباح الثلاثاء باقتحام قوة مسلحة مجهولة ملثمة لمنزلنا في منطقة القبلة لغرض اعتقال ولدي عمار من دون إظهار مذكرة قبض أو أي هوية رسمية”.
وكشف عن “مصادرة القوة للهواتف النقالة لأفراد العائلة في المنزل وهارد الكاميرات وجهاز لابتوب وبعد النقاش معهم أعادوا أجهزتنا إلا أنهم أخذوا أجهزة عمار معهم”.
وتابع “لا نعرف الى أين أخذوه، وما هي القوة وكيف نستطيع متابعة احتجاز ابننا عمار وهل القوة حكومية أم لا”.
بدوره قال الناشط حسن الحجاج إن “عملية الاعتقال التي تطال الناشطين والصحفيين وكأنهم إرهابيون بهذه الطريقة البوليسية ليست إلا عملية تكميم أفواه لإسكات أصواتهم”.
وأضاف “لسنا ضد القانون، لكن يجب أن يطبق بطريقة صحيحة، كأن يتم إرسال أمر استقدام أو أن تجري عملية الاعتقال بطريقة لائقة دون ترويع للعائلات”.

في غضون ذلك أكد مصدر أمني أن اعتقال المتهم عمار سرحان جرى وفق المادة 226 على ضوء منشورات قام بمشاركتها على حساباته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن القوات التي اعتقلته هي قوات حكومية وهو لا يزال موجودًا في البصرة والأخبار عن نقله إلى بغداد عارية عن الصحة.
وتنص المادة (226) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، على “المعاقبة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس أو الغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية مجلس الأمة، أو الحكومة او المحاكم او القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح او الدوائر الرسمية او شبه الرسمية”.
وسبق أن نشر الناشط عمار سرحان رشك في نهاية تموز الماضي، مقطعًا مصورًا وصف فيه مجلس القضاء الأعلى بـ”المنحرف”، فضلًا عن وصفه للرئاسات الثلاث بـ”اللصوص”.
وتعقيبًا على ما كشف عنه المصدر الأمني قال الناشط البصري حيدر سلمان إن “الكل يعلم بأن المادة 226 من قانون العقوبات العراقي أو ما تسمى إزدراء القضاء قد تحولت إلى سيف مسلط على رقاب النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وقد تعرضت لانتقادات واسعة وطعن من قبل عدة نواب دون أن تتغير”.
وبين سلمان في منشور له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أنه “عمل مع عمار سرحان وهو شخصية شفافة ومحترمة ووطنية وطموحة ولايتجاوز بشيء خارج عن حدود الأدب”.

مطالبات بالكشف عن مصير الناشط عمار كزار المالكي بعد مرور نحو شهر على اعتقاله من داخل منزله في قضاء الزبير

وكان مصدر مطلع، أفاد منتصف شهر آب الماضي باعتقال منسق المشروع الوطني للحوار والتعايش السلمي في العراق عمار كزار نمر المالكي.
وقال المصدر إن “قوة أمنية اعتقلت الناشط المدني عمار كزار نمر المالكي منسق المشروع الوطني للحوار والتعايش السلمي في العراق الذي تأسس عام 2016.
وللمشروع نشاطات اجتماعية متعددة في العراق وينتمي له شخصيات أكاديمية و منظمات مجتمع مدني وناشطين وشيوخ عشائر.
بدورهم طالب شيوخ عشائر ووجهاء قضاء الزبير بإطلاق سراح الناشط عمار كزار نمر المنسق لمشروع التعايش السلمي في العراق المعتقل منذ نحو شهر من الآن.
ونظم وجهاء الزبير وعدد من أفراد عائلة الناشط المعتقل وقفة احتجاجية للتنديد باعتقال الناشط عقب مداهمة منزله واقتياده إلى جهة مجهولة دون أن تستجيب الحكومة لطلبهم بالكشف عن مصير ابنهم حتى اللحظة.
بدوره استغرب عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي عبد القادر النايل من دوافع اعتقال منسق التعايش السلمي في العراق والعبث بمحتويات منزله وإدخال الرعب والخوف على النساء والأطفال من أفراد عائلته.
وتساءل النايل في منشور له على منصة أكس “هل يمكن أن يكون العراق آمنًا أو فيه عدالة قانونية ومن جهة أخرى القضاء ينقض حكم الإعدام بحق قاتل حقيقي”. في إشارة إلى تبرئة قاتل المحلل الأمني هشام الهاشمي.
وأثارت عمليات الاعتقال الأخيرة في البصرة تنديدات واسعة من قبل منظمات معنية بحقوق الإنسان بعد أن مارست الحكومة صمتًا مطبقًا حيال القضية ولم تكشف عن مصير الناشطين المعتقلين وما إذا كانا قد اعتقلا من قوة رسمية بالفعل أم من قبل ميليشيات متنفذة.
وأبدى مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة استغرابه لعدم سرعة استجابة الأجهزة الأمنية إزاء المعلومات التي لم تزودها للمكتب عن اعتقال الناشط عمار سرحان ووفق الصلاحيات التي منحها القانون رقم 53 لعام 2008/ المادة 6 للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق.

علي العبادي: البصرة سجن كبير في ظل التهديدات المتصاعدة للناشطين ومحاولات تكميم أفواههم وهو مؤشر خطير على انتهاك الحريات

وطالب المكتب رئاسة محكمة استئناف البصرة بالإيعاز والتوجيه إلى التوابع التحقيقية بضرورة إنفاذ قانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق تعزيزًا وحماية لحقوق الإنسان في البصرة والعراق عامة.
بدوره طالب رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان علي العبادي بوضع حد لتقييد الحريات للنشطاء والمؤسسات المدنية والسياسية الناشئة.
ووصف العبادي البصرة بـ “السجن الكبير” في ظل التهديدات المتصاعدة للناشطين ومحاولات تكميم أفواههم معتبرًا ذلك مؤشرًا خطيرًا على انتهاك الحريات.
وحذر الأجهزة التنفيذية في المدينة من تبعات استفزاز الناشطين المدنيين واستخدام وسائل تقييد حرية عملهم بعد اعتقال الناشط عمار سرحان.
واستغرب رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان من التهم الموجهة للناشطين في البصرة لتبرير اعتقالهم لاسيما التهمة الموجهة للناشط عمار كزار والادعاء بتواصله مع الخارج ومع أطراف مرتبطة بحزب البعث.
وطالب العبادي القضاء الحالي بمحاسبة فرق الموت المرتبطة بإيران وفقًا لما جاء باعترافات أحد أعضائها عقب تورطها في قتل النشطاء والصحفيين لاسيما الصحفي الشهيد أحمد عبد الصمد والناشطة الشهيدة سارة طالب وزوجها حسين عادل.
وتؤكد مصادر محلية في البصرة تحول مربع القصور الرئاسية في منطقة البراضعية إلى مصدر قلقٍ أمني ومجتمعي بعد اتخاذه من قبل فرق الموت المتهمة بتصفية واختطاف وتغييب الناشطين مقرًا لها.
وخلال الشهرين الماضيين تظاهر مئات من البصريين أمام مجمع القصور الرئاسية للمطالبة بإخراج المسلحين الذين ينتمون لـ”الحشد الشعبي”، متهمين هذه الميليشيات بتنفيذ عمليات من شأنها الإخلال بالسلم والأمن في المدينة.
وجاءت هذه التظاهرات على خلفية قيام مسلحين مجهولين بمهاجمة عدد من منازل الناشطين، قبل انسحاب المهاجمين بعد تلك الهجمات إلى داخل مجمع القصور الرئاسية وفقًا لمصادر أمنية.
وهذه الحالة ليست الأولى، إذ إنه خلال ثورة تشرين عام 2019، أشارت غالبية التحقيقات الأمنية والقضائية والشهادات والإفادات إلى أن المسلحين الذين أقدموا على اغتيال الناشطين والمتظاهرين، من ضمنهم الصحفيان أحمد عبد الصمد، وصفاء غالي، والناشطة رهام يعقوب، كانوا قد انسحبوا إلى مجمع القصور الرئاسية بعد تنفيذ هجماتهم.

وقال منتظر الشمري، وهو ناشط ومشارك سابق في تظاهرات البصرة، إن “أكثر الفصائل المسلحة والمليشيات ولاءً لإيران لديها مقرات في القصور الرئاسية، كما أن المنطقة تحوّلت إلى ترسانة عسكرية لهذه الفصائل، وسبق أن تظاهر أهالي البصرة في أكثر من مناسبة لإنهاء المظاهر المسلحة داخل المدينة، وإخراج هذه الفصائل إلى الأطراف، لكن كان الرد باستهداف المدنيين وتهديد الناشطين والصحفيين”.
ولفت الشمري إلى أن “الفصائل اقتحمت القصور الرئاسية في البصرة عام 2014، عبر أفراد مسلحين، وفي نهاية عام 2015 سيطرت تمامًا عليها، وصارت تحتوي على مقرات غالبية الميليشيات، مثل كتائب حزب الله والعصائب، وكتائب ثأر الله، لتتحول هذه القصور إلى غرفة عمليات، تُدار فيها كل الأنشطة الأمنية والتجارية والاقتصادية التي تمارسها هذه الميليشيات”.
وقال إن المنطقة “باتت تؤوي معظم المطلوبين للقضاء، بتهم قتل الناشطين والصحفيين، إضافة إلى المتهمين بالمتاجرة بالنفط والمخدرات، لعدم تمكن قوات الأمن من الدخول إليها وتنفيذ مذكرات الاعتقال”.
واستذكر حادثة شهيرة بالبصرة عام 2021 خلال محاولة القوات الحكومية اعتقال مطلوب يدعى علي طويسة بتهمة قتل متظاهرين، حيث اشتبكت القوة المكلفة باعتقاله مع القوات الموجودة بالقصور بعد رفض تسليمها للمطلوب، لكنها لم تتمكن من القبض عليه بالنهاية وتم تهريبه إلى مكان مجهول”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى