أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

كارثة الحمدانية ترفع منسوب الاستياء الشعبي ضد حكومة السوداني

السلطات الحكومية تعترف بمقتل وإصابة 223 شخصًا ومستشفيات محافظة نينوى لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى وأن بعضهم نقل إلى مستشفيات مدينة أربيل المجاورة.

الموصل- الرافدين
تساءل ناشطون عراقيون ووجهاء من مدينة الموصل عن العدد الذي سيموت من العراقيين، كي تدرك السلطات الحاكمة والفساد الكامن في بنيتها قيمة أرواح المواطنين.
وعم الاستياء الشعبي بعد الحريق الذي نشب في قاعة أعراس في بلدة الحمدانية بمحافظة نينوى مساء الثلاثاء وأودى بحياة 223 بين قتيل ومصاب، حسب آخر حصيلة حكومية.
وحذر ناشطون، من قلة أعداد المستشفيات المجهزة للتعامل مع ضحايا فاجعة حريق زفاف الحمدانية الذي راح ضحيته المئات من القتلى والمصابين، فيما ملئت مستشفيات المدينة بالضحايا، بينما أكدت وزارة الصحة في بيان وصف بالهزيل أن الوضع “تحت السيطرة”.
ونقل مراسلون صحافيون تأكيدهم أن مستشفيات محافظة نينوى “لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى” وأن بعضهم نقل إلى مستشفيات مدينة أربيل المجاورة.
وقُتل وأصيب المئات في الحريق الذي اندلع بقاعة للأعراس في بلدة الحمدانية بمحافظة نينوى في شمال العراق خلال حفل زفاف، بحسب ما أعلنت السلطات فجر الأربعاء.
وتقول السلطات إن “الألعاب النارية” ومواد بناء “شديدة الاشتعال” تقف خلف هذا الحريق الذي التهم قاعة للأعراس حيث تجمّع مئات المدعوين للمشاركة بحفل زفاف في بلدة قرقوش الواقعة شرق مدينة الموصل، وتعرف كذلك باسم الحمدانية.
وذكرت دائرة الصحّة في محافظة نينوى أنّه تمّ “تسجيل مائة حالة وفاة وأكثر من 150 مصابًا كحصيلة أولية” جرّاء الكارثة التي حلّت بالبلدة.
وأكّد المتحدّث باسم وزارة الصحّة سيف البدر لوكالة الصحافة الفرنسية هذه الحصيلة. وأوضح أنّ معظم “الإصابات هي حروق واختناق”.
من جهته، تحدّث الهلال الأحمر العراقي عن أن “عدد الضحايا والمصابين ارتفع إلى أكثر من 450 شخصًا” جراء الحريق.
وفي مستشفى الحمدانية العام شاهد مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية بعد منتصف الليل سيارات إسعاف تهرع ذهابًا وإيابًا لنقل المصابين، في حين تجمّع أمام المستشفى عشرات الأشخاص، منهم أقرباء للضحايا وآخرون سكّان أتوا للتبرّع بالدم.
وغالباً ما لا يتمّ الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيّما في قطاعي البناء والنقل الذي ينخره الفساد ويستخدم مواد بناء مستوردة من إيران خارج مواصفات السلامة، كما أنّ البنى التحتية في هذا البلد متداعية نتيجة عقود من القتال والإهمال الحكومي، ما يؤدّي مرارًا إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.


مصطفى سالم: مصيبة الحمدانية جريمة ولا يمكن حصرها فقط بفساد المجرم ريان الكلداني ودوره، فنتائجها تهز التوازنات، وتفرض أخلاقيا إطلاق شرارة التغيير تحقيقا للعدالة

وفي نيسان 2021، قضى أكثر من 80 شخصًا جراء حريق في مستشفى لمرضى كوفيد في بغداد نجم عن انفجار أسطوانات أكسجين.
وبعد ذلك ببضعة أشهر، في تمّوز من العام نفسه، لقي 64 شخصًا حتفهم جرّاء حريق في مستشفى بالناصرية في جنوب العراق اندلع في جناح لمرضى كوفيد.
وحمّل معلقون سياسيون السلطات الحكومية ما حدث، وشددوا على أن بنية الفساد الكامنة تقف وراء زهق أرواح الضحايا من العراقيين الأبرياء. فيما لم يتم محاسبة أي من المتهمين، حيث تقوم السلطات وأحزاب متنفذة على مساعدة الجناة للإفلات من العقاب.
وتساءل المعلق السياسي مصطفى سالم “كم يجب أن يموت من العراقيين حتى يدركوا إن الفساد طائفة إيران وأتباعها سيفتك بالجميع”.
وقال “مصيبة الحمدانية جريمة ولا يمكن حصرها فقط بفساد المجرم ريان الكلداني ودوره، فنتائجها تهز التوازنات، وتفرض أخلاقيا إطلاق شرارة التغيير تحقيقا للعدالة”.
فيما عزا الكاتب السياسي مجاهد الطائي كل المصائب إلى سطوة الميليشيات، وتساءل “هل تقف إحدى الميليشيات خلف الحريق في قاعة الاحتفالات بقضاء الحمدانية، وأن الحادث حصل بفعل فاعل كما حصل في فاجعة العبارة في الموصل بعد رفض صاحبها دفع الإتاوات؟! من يدري؟”.
وقال الصحافي أحمد الدباغ “حادثة حريق قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى تعود بذاكرتنا لأحداث مشابهة في حادثتي حريق المستشفى التعليمي ومستشفى ابن الخطيب، ورغم مرارة هذه الأحداث لم تطبق قوانين الدفاع المدني. فمتى نتعلم”.
وأثار الحريق نقمة شعبية امتدت إلى المحافظات العراقية، فيما أكتفت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني ببيانات وصفت بالهزيلة عن فتح مستشفيات المدينة أمام المصابين.
ووقف العشرات أمام شاحنة برّاد تكدّست فيها أكياس سوداء وضعت فيها جثث القتلى، وفق مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الدفاع المدني إنّ “معلومات أولية” تشير إلى أنّ سبب الحريق هو “استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف” ممّا أدّى إلى “إشتعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر” ثمّ انتشر “الحريق بسرعة كبيرة”.
وأضاف في بيان أنّ القاعة “مغلّفة بألواح الإيكوبوند” وهي مادّة للبناء مكوّنة من الألمنيوم والبلاستيك و”سريعة الاشتعال”، موضحاً أنّ استخدام هذه الألواح في البناء “مخالف لتعليمات السلامة” المنصوص عليها قانوناً.
وبحسب الدفاع المدني فإنّ “الحريق أدّى إلى انهيار أجزاء من القاعة نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران”.
وأوضح أنّ ما فاقم الأمر هو “الانبعاثات الغازية السامة المصاحبة لاحتراق ألواح الايكوبوند البلاستيكية السريعة الاشتعال”.

مجاهد الطائي: هل تقف إحدى الميليشيات خلف الحريق في قاعة الاحتفالات بقضاء الحمدانية، وأن الحادث حصل بفعل فاعل كما حصل في فاجعة العبارة في الموصل بعد رفض صاحبها دفع الإتاوات؟

ومن بين الجرحى رانيا وعد (17 عاماً) التي أصيبت بحرق في يدها ونقلت إلى مستشفى الحمدانية مع شقيقتها المصابة أيضاً لتلقّي العلاج.
وقالت الشابة إنّ العروسين “كانا يرقصان…حين طارت الألعاب النارية إلى السقف واشتعلت كلّ القاعة”.
وأضافت “بعد ذلك لم نعد نرى شيئاً، فقط اختنقنا ولم نعد نعرف كيف نخرج”، مؤكّدة أنّ عدد المدعوين إلى حفل الزفاف “كان كبيراً جداً”.
وشاهد مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية عناصر الدفاع المدني والشرطة وهم يفتّشون بمساعدة أضواء هواتفهم المحمولة ومصابيح يدوية أنقاض القاعة المحترقة وسط ركام الكراسي المعدنية، في حين لم يبق من سقف القاعة إلا هيكلها الحديد.
وإثر المأساة، قال رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في بيان إنّه طلب من “وزيري الداخلية والصحة استنفار كلّ الجهود لإغاثة المتضرّرين جرّاء الحادث المؤسف”. من دون أن يحمل أي جهة مسؤولية هدر أرواح المئات من العراقيين.
وأعلنت وزارة الصحة بدورها عن “استنفار دوائر الوزارة في محافظة نينوى والدوائر المجاورة لها لإسعاف وعلاج المصابين” و”إرسال شحنات تعزيزات طبية من بغداد والمحافظات الأخرى”.
والحمدانية التي تُعرف أيضاً باسمي قرقوش وبغديدا هي بلدة مسيحية ضاربة في القدم يتحدّث سكّانها لهجة حديثة من الآرامية، لغة السيّد المسيح.
ولحق دمار كبير بهذه البلدة على أثر المعارك التي جرت ما بين أعوام 2014 و2017.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى