أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أسر ضحايا كارثة الحمدانية يشككون بالإجراءات الحكومية لمحاسبة المتسببين والمتواطئين

هيئة علماء المسلمين تدعو العراقيين إلى توحيد مواقفهم في مواجهة الراقصين على جراحهم، والمستثمرين في مآسيهم، من أحزاب العملية السياسية، وتحالفاتها، وميليشياتها، الذين لا يفرق فسادهم المستشري وفواجعه بين عراقي وآخر.

نينوى- الرافدين
شككت أسر ضحايا كارثة قاعة الحمدانية بالإجراءات الحكومية في محاسبة المتسببين في زهق أرواح عشرات الأبرياء من ذويهم.
واجمعت أسر وأقارب الضحايا مع شخصيات مسيحية في الكنائس العراقية على أن الاستعراضات الإعلامية التي قام رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بزيارة الموصل وبيان الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، محاولات مكشوفة لامتصاص النقمة الشعبية جراء الكارثة التي تكررت في أكثر من مدينة عراقية.
وقالوا في أحاديث تلفزيونية وتعليقات على منصاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن المتسبب في الكارثة جزء من طبقة لصوص الدولة من زعماء الميليشيات الذين يتاجرون بدماء العراقيين، متسائلين عما إذا كان القضاء قادرا على محاسبة هؤلاء الزعماء.
وأشاروا إلى أن زعيم ميليشيا “بابليون” المنضوية في الحشد الشعبي ريان الكلداني، شريك بطريقة أو بأخرى بهذه الجريمة عندما سهّل منح إجازة لقاعة تفتقر لشروط السلامة والأمان، غير مبال بأرواح المواطنين.
وقالت والدة إحدى الضحايا في تصريح تلفزيوني “يا حكومة هذا اختبار لكم، إن لم تحاسبوا المتسببين ومن سهّل لهم من الحشد المتاجرة بأرواح المسيحيين، فأنتم مثلهم قتلة ومجرمون”.
ويستبعد مراقبون أن تقوم السلطات الحكومية والقضائية بإجراءات حازمة بحق المتسببين بكارثة قاعة الحمدانية التي راح ضحيتها أكثر من 400 شخص بين متوف وجريح.
وقالوا إذا عرفنا أن زعماء ميليشيات في الحشد ساهموا في استحصال إجازة القاعة المفتقدة لشروط السلامة والأمان، هذا يعني أنهم ببساطة متناهية شركاء في أرباح القاعة، وسيحمون شريكهم من اجل الإفلات من العقاب.
وشددوا على أن تجارب السنين الماضية عندما تشكل السلطات لجنة تحقيق، فأنها تسلك أفضل الطرق لتمييع القضية ومسحها من ذاكرة الرأي العام من أجل افلات الجناة من العقاب.

والدة إحدى الضحايا: يا حكومة هذا اختبار لكم، إن لم تحاسبوا المتسببين ومن سهّل لهم من الحشد المتاجرة بأرواح المسيحيين، فأنتم مثلهم قتلة ومجرمون
وعدوا فاجعة الحمدانية بأنها ليست جشعًا شخصيا فقط، بل تمثل كيف صنعت سلطة الميليشيات بيئة حكومية ومجتمعية تسمح لها بتجاوز القوانين والإفلات من العقاب، ولا يمكن معالجة آثارها دون إعادة الاعتبار للدولة وفصل القضاء عن الميليشيات.
في غضون ذلك شددت هيئة علماء المسلمين في العراق على أن المسؤولية الأولى والمباشرة عن فاجعة قاعة الحمدانية، التي يملكها أحد التابعين لميليشيا “بابليون” إحدى تشكيلات الحشد الشعبي؛ تقع على عاتق حكومة الاحتلال التاسعة، وأجهزتها الأمنية، وأحزاب السلطة التي تسابق ممثلوها وشخصياتها في الترويج لأنفسهم وكياناتهم السياسية بمواقف مصطنعة وسريعة تجاه الحادثة في مشهد أقل ما يوصف به إنه انتهازي، لكونه يكشف عن بواعث هذه المواقف التي تستثمر فيها جراح العراقيين، ويراد منها التحشيد لسباق الانتخابات المحلية بعد أشهر.
وأكدت الهيئة في بيان أصدرته الأربعاء على أن من بين أسباب الكوارث التي تحل بالعراقيين؛ هو الفساد المستشري في وزارات ومؤسسات وأجهزة حكومات الاحتلال المتعاقبة، ومنها مأساة حريق قاعة المناسبات في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى التي راح ضحيتها 114 قتيلا، وما يقرب من 200 مصاب.
وانتقدت محاولات الحكومة الحالية في التقليل من تداعيات الحادثة الأليمة وصرف الانتباه عن مسبباتها بالادعاء تارة أن الحريق سببه أطفال، أو بالإعلان تارة أخرى عن حصيلة للضحايا أقل من الحصيلة الحقيقية، والاكتفاء بمناشدة المشافي في محافظات صلاح الدين وكركوك وأربيل وغيرها؛ لاستقبال المصابين، ثم بالإعلان المعتاد عن تشكيل لجنة تحقيق يدرك العراقيون جميعا أنها لن تحقق شيء، على غرار ما سبق من لجان على مدى السنوات الماضية.
وفي الوقت الذي أعربت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ عن تضامنها مع ذوي الضحايا ووقوفها إلى جانبهم، ومشاركتها لهم في مصابهم الجلل، جددت دعوتها العراقيين كافة إلى أن تكون كلمتهم قوية، ومواقفهم موحدة؛ في مواجهة الراقصين على جراحهم، والمستثمرين في مآسيهم، من أحزاب العملية السياسية، وتحالفاتها، وميليشياتها، الذين لا يفرق فسادهم المستشري وفواجعه بين عراقي وآخر؛ حيث طالت حرائق فسادهم العراقيين من كل الأطياف، وما زالوا على حالهم لا يلقون بالا لفاجعة أليمة، ولا تهمهم أرواح بريئة، ولا يعملون على إنهاء مسبباتها أو يعالجون آثارها وتداعياتها بما يحفظ أرواح العراقيين ويوقف سيل دمائهم.
داس ممثلو أحزاب السلطة على أوجاع الناس بالترويج لأنفسهم بمواقف مصطنعة تجاه الحادثة في مشهد انتهازي
وأعلنت وزارة الداخلية الأربعاء، توقيف 14 متهما بقضية حريق قاعة الأفراح في الحمدانية، من بينهم 10 عمال وصاحب القاعة و3 متورطين بإشعال الألعاب النارية خلال الحادث، من دون أن تكشف عن هويتهم وعلاقتهم مع زعيم ميليشيا بابليون المنضوية في الحشد الشعبي.
وأشارت التحقيقات الجارية إلى عدم وجود شروط الأمان والسلامة في القاعة التي كان بداخلها نحو (900) شخص خلال الحادث.
وشارك عشرات الأشخاص الخميس بقداس في قرقوش للصلاة على أرواح ضحايا الحريق بقاعة للأعراس.
وفي كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك في قرقوش صباح الخميس، جلست نساء متشحات بالسواد على المقاعد الخشبية وبدا الحزن والألم على وجوههن. على مقعد آخر عانقت امرأة رجلا جالسا إلى جانبها لم يتمكن من كبت دموعه.
من بين المشاركين أيضا بعض الناجين منهم من ضمدت يده المحروقة كما شاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية. ووضعت صور الضحايا من أطفال ورجال ونساء حول مذبح الكنيسة.
وارتجف صوت نجيبة يوحنا البالغة 55 عاما فيما عددت أسماء أقربائها الذين فقدتهم في الحريق. وتقول المرأة “شعور لا يمكن وصفه، لا أعرف ماذا أقول، شعور قاس جدا وألم حزين بقلبنا، هذه فاجعة لن تنسى أبدا “.
وغالبا ما لا يتم الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيما في قطاعي البناء والنقل، كما أن البنى التحتية في هذا البلد متداعية نتيجة عقود من النزاعات، ما يؤدي مرارا إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.
وبحسب شهود عيان تحدث إليهم مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، فإن الحريق أتى على قاعة الزفاف بسرعة قياسية.

فاجعة الحمدانية ليست جشعًا شخصيا فقط، بل تمثل كيف صنعت سلطة الميليشيات بيئة حكومية ومجتمعية تسمح لها بتجاوز القوانين والإفلات من العقاب
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى