أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ثورة تشرين تؤجج النقمة على حكومة الإطار بعد أربع سنوات على اندلاعها

الشارع العراقي يرفض حكومة محمد شياع السوداني التي فشلت كسابقاتها في انتشال الواقع الاقتصادي والخدمي فضلًا عن تورطها في التستر على الفاسدين واللصوص.

بغداد – الرافدين

وجه نشطاء ومتظاهرون الدعوة إلى العراقيين للمشاركة الحاشدة في تظاهرة يجري الإعداد لها يوم الأحد الأول من تشرين أول في ساحة التحرير ببغداد ومدن أخرى تزامنًا مع الذكرى الرابعة لانطلاق “ثورة تشرين”.
وجاء في بيان للمتظاهرين إنهم وخلال سنة كاملة استمعوا كثيرا إلى وعود حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وحديثها عن برنامج متكامل لعلاج الأزمات التي تمر بها البلاد لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، فالدولار ما زال على وضعه يتصاعد أمام الدينار الذي يتهاوى، وتتصاعد معه أسعار السلع الغذائية في الأسواق.
وقال المتظاهرون في بيانهم إن الشرائح الفقيرة لا تزال على حالها، والصناعة تتراجع، وسرطان الفساد يكبر ويتغول على مؤسسات الدولة باستمرار تزامنًا مع أزمة جفاف تضرب العراق وسط تداعيات خطيرة.
وأكد ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي ضرورة استمرار الرفض الشعبي لسياسات الحكومة الحالية والحث على النزول للشارع بقوة.
وأجمع الناشطون على أن استمرار شركاء العملية السياسية بتمكين القتلة والفاسدين، بعد سنوات من الإمعان في إراقة دماء العراقيين يعد استهتارًا بتلك التضحيات التي بيّنت الحقيقة بأن الأغلبية العظمى رافضة للنظام الطائفي البائس القابع في المنطقة الخضراء.
ولفتوا إلى أن “الشارع العراقي يرفض حكومة محمد شياع السوداني التي فشلت كسابقاتها في انتشال الواقع الاقتصادي والخدمي فضلًا عن تورطها في التستر على الفاسدين واللصوص عادين إياها امتدادًا للحكومات الميليشياوية بعد الاحتلال”.
وشددوا على أن المشاركة في التظاهرات واجب وطني وذلك لوجود فرصة حقيقية تتمثل باستثمار النقمة الشعبية عقب انخفاض قيمة الدينار فضلًا عن التصدعات بين الشركاء وتصاعد حدة الصراع وارتفاع منسوب الاستياء الشعبي عقب حريق قاعة المناسبات في قضاء الحمدانية بنينوى.

واتفقت غالبية الآراء على أن استذكار ثورة تشرين يمثل مرحلة مستمرة ومتصاعدة لتحقيق أهداف الثورة، وأن ما يثبت العزائم في ساحات التظاهر استذكار دماء الشباب التي سالت في ساحات التظاهر من أجل العيش في وطن يحفظ كرامتهم وإنهاء حالة اللا دولة التي تعاني منها البلاد منذ 2003 وتصدر مافيات القتل والإجرام مقاليد الحكم في البلاد.
ويؤكد عضو اللجنة المركزية للاحتجاج الناشط محمد الفريداوي أن “أغلب المتظاهرين في كل من محافظة (ذي قار والنجف وميسان) سيخرجون لإحياء هذه الذكرى داخل محافظتهم، اما بقية المحافظات فسيكون تواجدهم في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد”.
وشدد على وجود احتمالية كبيرة لعودة التظاهرات على الرغم من اليأس الذي أصاب المواطنين بسبب المتسلقين والمدسوسين.
بدوره يرى الحقوقي حسن المياحي وهو أحد المتظاهرين المشاركين في ثورة تشرين، أن “الذكرى الرابعة للثورة ستكون مناسبة لتظاهرات مركزية في ساحة التحرير وفي بعض المحافظات”.
وأضاف أن “التظاهرات المزمع انطلاقها في الذكرى الرابعة لثورة تشرين ستأتي للتأكيد على المطالب التي خرجنا من أجلها في الأول من تشرين الأول 2019 وهي انهاء منظومة المحاصصة والفساد في البلاد، فضلًا عن القضاء على أحزاب السلطة التي تجثم على صدورنا على مدى آكثر من عشرين عامًا”.
وعن النشاطات التي يحضر لها المتظاهرون يكشف الناشط السياسي أحمد التاج أن “استذكار الذكرى الرابعة لثورة تشرين سيكون على شكل وقفة ورفع لافتات وترديد شعارات تطالب بالكشف عن قتلة المتظاهرين بالدرجة الأولى”.
وأضاف تاج أن “المطالب ستكون مرهونة بحركة الجماهير، فقد تبدأ بمطالب بسيطة وتنتهي على هذا الشكل، وقد تبدأ بمطالب بسيطة وتنتهي بتصفير العملية السياسية وذلك ما تقرره الجماهير في وقتها”.
وبعد مرور قرابة الأربع سنوات مايزال الكشف عن قتلة المتظاهرين غير محسوم، على الرغم من التعهدات الكثيرة التي قطعتها حكومة الإطار التنسيقي.
وفي أحدث بيان حكومي بهذا الخصوص وعد رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني منتصف شهر أيلول الجاري بأن حكومته سوف تكشف “قبل نهاية العام عن نتائج التحقيقات حول المسؤول عن قتل متظاهري تشرين”.
وشدد على أن “النظام السياسي قائم على الالتزامات الدستورية، وبعض التحقيقات تحتاج إلى مدة زمنية في إطار القانون”.
ومنذ 2019، شكلت الحكومات المتعاقبة العديد من اللجان للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في سياق تظاهرات ثورة تشرين، لكن هذه اللجان أخفقت في الكشف عن الحقيقة أو تحقيق العدالة كما تؤكد منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان.

رازاو صالحي: منذ تظاهرات تشرين، نكثت الحكومات المتعاقبة بوعودها بضمان الحقيقة والعدالة لضحايا عنف الدولة والميليشيات بحق المتظاهرين، والنشطاء، والمحامين العراقيين، وعائلاتهم

وشددت منظمة العفو الدولية الأربعاء على وجوب ضمان التزام السلطات الحكومية في العراق بتعهداتها في الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة ودفع التعويضات عن مقتل المئات وتشويه الآلاف على أيدي قوات الأمن، وذلك قبيل الذكرى السنوية الرابعة للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي عمت البلاد.
وقالت المنظمة في أحدث تقاريرها “يتعين على السلطات وبخطوة فورية الكشف عن مصير وأماكن وجود الأشخاص الذين اختفوا قسرًا خلال حركة الاحتجاج التي بدأت تشرين الأول 2019”.
وبينت الباحثة المعنية بالشأن العراقي في منظمة العفو الدولية رازاو صالحي إنه و”منذ تظاهرات تشرين، نكثت الحكومات المتعاقبة بوعودها بضمان الحقيقة والعدالة لضحايا عنف الدولة والميليشيات بحق المتظاهرين، والنشطاء، والمحامين العراقيين، وعائلاتهم.
وقالت صالحي إن “الملاحقات القضائية والتحقيقات المحدودة – التي تتضاءل بالمقارنة مع حجم الانتهاكات – تظهر بوضوح أن السلطات لا تكترث للمساءلة”.
وأضافت “لقد طال انتظار العدالة لضحايا تظاهرات تشرين ويجب على السلطات ضمان إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في الجرائم المرتكبة منذ عام 2019 ضد المحتجين والنشطاء وعائلاتهم، ونشر النتائج، ومحاسبة المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية في محاكمات عادلة تفي بالمعايير الدولية كما يجب عليها حماية العائلات التي تطالب بالعدالة من العمليات الانتقامية”.
وعلى الرغم من إعلان حكومة السوداني إصدار القضاء حكمًا بالسجن المؤبد بحق الضابط عمر نزار المدان بتهمة قتل متظاهرين في الناصرية خلال ثورة تشرين إلا أن هذا الحكم لم يكن بمنأى عن التشكيك من قبل حقوقيين عقب تراجع القضاء عن حكم مماثل صدر بحق ضابط آخر متهم باغتيال المحلل الأمني هشام الهاشمي.
ويرى رئيس منطقة الشرق الأوسط في مؤسسة “غالوب الدولية” منقذ داغر إن ما يجري في قضية قتل المتظاهرين يشبه تمامًا ما يجري في حسم ملفات الفساد في البلاد، وهو “التضحية بالأسماك الصغيرة لكي تبقى الحيتان بعيدة من الصخب والإعلام والرأي العام”.
وأضاف أن “تقديم أكباش فداء بات سمة دائمة للنظام القائم، خصوصًا في الفترات التي يحتاج فيها إلى صرف نظر الرأي العام عن قضايا أكبر”.

محاسبة قتلة المتظاهرين على رأس قائمة المطالب المرفوعة بعد مرور 4 سنوات على ثورة تشرين

وفي المقابل وبدلًا من أن توجه السلطات جهودها لملاحقة قتلة المتظاهرين يشتكي الناشطون في العراق من تصاعد إجراءات فرض المزيد من القيود على حرية الرأي لمنتقدي الفساد ونقص الخدمات تزامنًا مع جدل محتدم بين القوى السياسية حول تمرير قوانين في البرلمان تتعلق بحرية الرأي وحقوق ضحايا تشرين ومصير المعتقلين والمفقودين.
ويصف المحامي الناشط حامد الجبوري هذه الإجراءات بأنها ضمن الأفعال التي تسعى لإخراس الأصوات المعارضة للعملية السياسية.
وقال الجبوري إن “محاولات إسكات الأصوات المعارضة لا تتوقف وتأخذ أشكالًا متعددة كالتهديد والترهيب ورفع القضايا القانونية والاعتداءات الجسدية وانتهاء بمحاولات التصفية والاغتيال”.
ونوه إلى قيامه بالدفاع عن العديد من الناشطين في المحاكم ممن رفعت دعاوى قانونية ضدهم من قبل مسؤولين حكوميين أو مؤسسات حكومية بسبب آراءهم وانتقاداتهم على مواقع التواصل ووسائل الإعلام.
وفي المقابل يشير المحامي إلى استمرار إفلات الجناة والمجرمين الذين يعتدون على الناشطين والمتظاهرين من العقاب بشهادة المنظمات الحقوقية المعنية والأمم المتحدة.
ويرى الجبوري أن “قانون حرية الرأي والقوانين الأخرى المتعلقة بالإخفاء القسري والمغيبين ستواجه بمعارضة القوى السياسية المتنفذة التي تتحكم بالبلد والتي لن تسمح بمرورها إلا بعد إفراغها من أهدافها أو توجيهها بما يخدم مصالحها وليس خدمة الضحايا الحقيقيين أو حرية الرأي، ولذا فإن هذه القوانين لن تؤدي إلى تغيير ملموس في واقع قمع الأصوات المعارضة”.
وتتنوع الطرق المستخدمة للتأثير على الناشطين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بين الدعاوى القضائية، إلى الاعتقالات والمضايقات عبر الإنترنت، وحتى التهديدات وأحيانا الخطف أو الاغتيال.
ولم تستثن الحكومة لجنة حقوق الإنسان في البلاد من تلك الممارسات بعد أن نشطت بشكل كبير إبان تظاهرات ثورة تشرين عقب إصدارها بيانات عدة تتهم القوات الحكومية وميليشياتها بالتعامل مع المتظاهرين بشكل وحشي.
وتعرضت اللجنة إلى الإسكات إلى حد كبير، بعد أن جرد القضاء الحالي مفوضي حقوق الإنسان من حصانتهم مما جعلهم عرضة لدعاوى قضائية من أي سياسي أو وزارة حكومية أو حزب ما تسبب بالحد من جهود اللجنة لمحاسبة المسؤولين أو المؤسسات الحكومية على انتهاكات حقوق الإنسان بموجب القوانين.
ويكشف العضو السابق في لجنة حقوق الإنسان علي البياتي، الذي يعيش الآن خارج العراق بسبب دعاوى قضائية وتهديدات ضده أن “الفكرة هي إسكات أي انتقاد، أي شيء يمكن أن يحرض الجمهور، ويغير الموقف العام وأي شيء قد يؤدي في المستقبل إلى تصعيد الاحتجاجات العامة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى