أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

أمراض الصحة النفسية تتضخم في العراق تحت وطأة اللامبالاة الحكومية

دراسة يشترك في كتابتها أربعة باحثين لمجلة "لانسيت" الطبية: أكثر من 20 بالمائة من العراقيين يعانون من أمراض نفسية.

بغداد- الرافدين
حذرت دراسة لمجلة “لانسيت” الطبية من معضلة وجودية يعاني منها المجتمع العراقي تتمثل في أمراض الصحة النفسية التي تتفاقم بشكل خطير منذ عام 2003.
وذكرت الدراسة التي شارك فيها أربعة باحثين ونشرت في العدد الأخير من المجلة المرموقة، بأن أكثر من 20 بالمائة من العراقيين يعانون من أمراض نفسية، وهذه النسبة في ارتفاع مستمر.
وأوضحت الدراسة “على مدى السنوات العشرين الماضية، كانت الصحة النفسية في العراق قضية صعبة المعالجة حيث واجهت البلاد الحروب والصراعات وعدم الاستقرار السياسي. علاوة على عقبات كبيرة أثرت بشكل كبير على الصحة النفسية للشعب العراقي مع تردي المرافق الطبية والوضع الأمني وانعدام ضرورات المعيشة من الطعام والشراب”.
وانتشر الخوف وعاش غالبية العراقيين تحت وطأة الصدمة على نطاق واسع، حيث أدى احتلال العراق إلى تصعيد معدلات العنف عبر التفجيرات والقتل العشوائي والاختطاف.
ونزح ملايين العراقيين من منازلهم وأحيائهم كنتيجة مباشرة للحرب والتهجير الطائفي والهروب من عمليات القتل على الهوية التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية.
وأشارت الدراسة إلى زيادة في معدلات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة لدى العراقيين الذين اقتلعوا من منازلهم وفقدوا أصدقاء وأقارب.
وذكرت دراسة أجريت في بغداد، أن 91.1 بالمائة من النساء تعرضن لصدمات نفسية مرتبطة بالحرب في العقدين الماضيين. وتشكل النساء 44 بالمائة من زوار العيادات النفسية.
ولعبت عوامل كثيرة دورًا في استمرار الأمراض النفسية في العراق. عندما استخدمت الأحزاب الحاكمة سلاح الطائفية لتثبيت نفوذها، وساهم عدم الاستقرار السياسي في خلق بيئة متوترة ومؤلمة. بالإضافة إلى ذلك، أدت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم مشكلات الصحة النفسية الحالية وولدت مشكلات جديدة في البلاد، مثل العزلة الاجتماعية والخوف والقلق من المستقبل.
ونظرًا لعدم كفاية عدد المنظمات في العراق التي تقوم بتقييم حالات الانتحار أو تقييمها أو التدخل فيها، لا يُعرف سوى القليل عن حالات الانتحار أو أسباب الأمراض النفسية. ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن الفتيات أكثر عرضة لمحاولات الانتحار ولديهن أفكار انتحارية من الرجال في العراق.
ويفتقد العراق إلى استراتيجيات متكاملة للوقاية من الانتحار، أو علاج الصحة النفسية للأطفال، والمراهقين.
ويطور برنامج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي التابع للمنظمة الدولية للهجرة، أول خطة لمنع الانتحار في العراق. لعدم وجود نظام صحة نفسي متطور في العراق.
وأصدر العراق تشريعا ينظم الصحة النفسية في عام 2005، لكنه لم يستخدم بكامل إمكاناته بعد. ولا يوجد سوى ستة مستشفيات متخصصة في الطب النفسي في العراق “اثنتان في بغداد وأربعة في إقليم كردستان”، وهي لا تلبي حتى الحد الأدنى من الطلب.
ويوجد في العراق ما يقرب من 0.34 طبيبًا نفسيًا لكل 100000 نسمة.

44 بالمائة من زوار العيادات النفسية من النساء
ويحتاج العراق بشكل عاجل إلى خدمات الصحة النفسية، حيث يوجد نقص حاد في الموظفين المهرة وضعف البنية التحتية، مما يقيد بشدة الوصول إلى الرعاية.
وتشمل الصعوبات العديدة التي تواجه العاملين في مجال الصحة النفسية عدم كفاية التدريب، وتقييد الوصول إلى الموارد، والوصم الاجتماعي ضد العمل في مجال الصحة النفسية. ونظرًا لعدم وجود نظام تأمين صحي عام لتغطية جميع السكان، يعتمد الشعب العراقي على نظام الرعاية الصحية العامة وهي خدمة متردية للغاية.
ولمعالجة قضايا الصحة النفسية للسكان، طالبت دراسة مجلة “لانسيت” زيادة عدد المستشفيات، وأخصائيي الصحة النفسية، ومرافق الطب النفسي المتخصصة في كل منطقة.
وافتتحت في بعض المدن العراقية عيادات مخصصة لرعاية أمراض الصحة النفسية بدعم مالي من منظمات دولية.
ومع ذلك، فإن الوضع أبعد ما يكون عن المثالية حسب دراسة مجلة “لانسيت” الطبية. فهناك ندرة شديدة في خبراء الصحة العقلية، ولا يزال نظام الرعاية الصحية العراقي يحاول مواكبة احتياجات السكان.
ولا يزال العديد من الأشخاص في العراق لا يستطيعون الوصول إلى خدمات الصحة النفسية بسبب ندرة التمويل لمثل هذه البرامج.
وطالبت الدراسة بتنفيذ سياسة شاملة وملائمة ثقافيًا للصحة النفسية في العراق واتباع نهج متعدد الأوجه. ومن شأن مبادرات الصحة النفسية المجتمعية أن تمكن مقدمي الرعاية الصحية المحليين وقادة المجتمع من اكتشاف ومعالجة قضايا الأمراض العقلية، في حين أن إجراءات الرعاية المستنيرة للصدمات من شأنها أن تضمن حصول أولئك الذين عانوا من الصدمة على الدعم المناسب.
وأشارت الدراسة إلى من شأن خدمات الصحة عن بعد والصحة النفسية الإلكترونية أن تعمل على توسيع نطاق الوصول إلى رعاية الصحة النفسية، في حين أن العلاجات المراعية للثقافات سوف تدمج تقنيات العلاج التقليدية.
ومن شأن جهود التعليم والتوعية أن تقلل من وصمة العار المرتبطة بالذين يعانون من أمراض الصحة النفسية.
وأوصت الدراسة بأن تصبح رعاية الصحة النفسية في العراق أولوية عالمية. ويجب أن تأخذ هذه الأولويات شكل بناء الخطط والسياسات وتوفير التمويل في بلد يعيش الفساد في مفاصله الحيوية ومن بينها القطاع الصحي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى