أخبار الرافدين
طلعت رميح

بايدن يقود الغرب للفاشية والنازية

كشف طوفان الأقصى طبيعة التحولات الجارية في أفكار ومواقف وسياسات القادة الغربيين نحو الفاشية والنازية، وأولهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بقدر ما كشفت عن الطبيعة الفاشية والنازية للكيان الصهيوني، بكافة مكوناته العسكرية والأمنية والحزبية أو على صعيد النخب.
لقد كشفت الهزيمة الصاعقة التي تعرض لها الكيان الصهيوني، كمشروع غربي في المنطقة، ما كانت تغطيه المساحيق على وجوه الساسة الغربيين طوال عقود.
ومن الآن فصاعدًا لا تكن الرؤية التحليلية صحيحة لما يجري في العالم، إذا ظلت تقتصر على الحديث عن تراجع الغرب وضعفه دوليًا في مواجهة تقدم أطراف دولية أخرى، إذ يجب التشديد على السقوط الحضاري للغرب، وعلى أن المجتمعات الغربية باتت تعيد إنتاج أشد ظواهرها انحطاطًا وخطورة على الإنسانية وعلى كل المجتمعات البشرية، كما كان عليه الحال خلال حقبة الاستعمار التقليدي والحربين العالميتين الأولى والثانية. وكذا يجب التأكيد على أن التيارات القومية والعنصرية والدينية المتطرفة، التي أثيرت حولها ضجة في المجتمعات الغربية وقت بداية ظهورها، صارت أفكارها معتمدة الآن لدى صانع القرار الرسمي الغربي.
والشواهد على كل ذلك صارت طاغية.
على الصعيد الصهيوني، فقد أصبحت قاعدة تقليد الضحية للجلاد، ماثله تمامًا في الجرائم المرتكبة في فلسطين المحتلة. هدم المنازل والمساجد، بل حتى الكنائس، فوق رؤوس المدنيين وقتل مئات الأطفال والنساء، ومنع وصول الماء والغذاء والدواء والطاقة لملايين المواطنين، هي أفعال نازية وفاشية. أما حرق المرضى واللاجئين في قصف المستشفى المعمداني في غزه، فهو عنوان يقابل المحرقة النازية تمامًا.
وعلى صعيد القادة الغربيين، فقد ظهروا في حالة تماهي كاملة مع السلوك الفاشي والنازي للجيش والحكومة والنخب في الكيان الصهيوني.
لقد تقاطر قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا “وغيرها” إلى الكيان الصهيوني للإعلان عن دعمهم الكامل لحالة الإبادة الجماعية الجارية ضد الشعب الفلسطيني. هم لم يكتفوا بالدعم السياسي والإعلامي والعسكري المباشر، بل حضروا بجيوشهم، بما جعلهم في وضع المشاركة الفعلية في ارتكاب ما يجري من مجازر ومحارق.
وفي ضوء الدعم السياسي والعسكري والإعلامي الغربي لارتكاب المذابح والمحارق وأعمال الإبادة الشاملة، إضافة إلى ما جرى من قبل في العراق وأفغانستان، لم يعد بالإمكان الاقتصار على القول، بأن دعم الغرب للكيان الصهيوني، يعود لاعتباره قاعدة متقدمة وحاملة طائرات أرضية، لإخضاع دول المنطقة لأسباب سياسية واقتصادية أو حتى استراتيجية فقط.
أصبح ضروريًا القول، بأن القادة الغربيين يرون في الكيان الصهيوني قاعدة لإدارة حرب إبادة حضارية شاملة ضد شعوب المنطقة، وأنهم اعتمدوا الممارسات والسلوك النازي والفاشي في إدارة تلك الحرب.
لقد حضر بايدن “الديموقراطي” للكيان الصهيوني وجلس في مجلس الحرب، فيما كان الجيش الصهيوني يرتكب كل أنواع المذابح، وهناك أعلن عن إيصال السلاح الأمريكي الأشد فتكًا لهذا الجيش. وقد استبق وصوله بالإعلان عن وصول حاملة طائرات، للتصدي لكل من يحاول مساندة الشعب الفلسطيني، ولو بالدواء أو الغذاء أو حتى بشربة ماء.
وحين وقعت محرقة المستشفى المعمداني، خرج بايدن ليتبنى تبرير الجيش الصهيوني لارتكاب تلك المحرقة. ولو لم يكن يمارس الكذب النازي، لكان طلب سؤال مديرة المستشفى، وهي أمريكية الجنسية، عن من حرق المستشفى و500 ضحية في دقائق معدودة، وعن من هدد بقصفه قبلها.
وهو لم يكتف بتبني تلك الجرائم والدفاع عنها، بل هو من قرر –وقادة الغرب- استمرارها، برفض كل محاولات وقف العدوان والمجازر، كما حدث في تصويت بلاده والدول الغربية في مجلس الأمن الدولي ضد صدور قرار بوقف الحرب.
وبذلك لم يعد مقبولًا الاستمرار في ترديد سردية، أن الساسة الغربيين يحاولون الإمساك بقرون الثور الصهيوني أو أنهم يحاولون ترويضه. فهم الفاعل الأصلي نقطة على السطر. وقرار القتل وارتكاب المذابح والمحارق ضد الشعب الفلسطيني، هو قرار غربي أمريكي بريطاني ألماني…
والدلائل على سيطرة النزعة الفاشية والنازية تفضحها كذلك، الممارسات الحكومية الغربية ضد من يحاول من أبناء شعوبها الدفاع عن القيم الإنسانية أو عن القانون الإنساني خلال الحروب. وذلك هو أحد ملامح الفاشية والنازية التي كانت تحشد شعوبها للسير الأعمى نحو إبادة الآخر.
ووصلت الممارسات حد منع شكليات إعلان التضامن مع الشعب الفلسطيني. لقد منع نائب في البرلمان الأوروبي من إلقاء كلمته، إلا بعد خلع كوفية فلسطينية كان ارتداها كرمزية لموقفه، ووصلت حد ملاحقة من يكتب حرف داعم للشعب الفلسطيني أو رفض الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين، وحظر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي طالما تغنوا بعولمتها وبأنها تهدف لبناء مجتمع إنساني في قرية العولمة.
أما المظاهرات المنددة بالجرائم، فقد صدرت قرارات بمنعها وبمطاردة المشاركين فيها، حتى لو كان من نظمها يهود رافضون للصهيونية الفاشية، كما الحال في المظاهرة التي توجهت للكونغرس الأمريكي.
تلك الرؤية الواضحة لتفشي الفكر والسلوك النازي والفاشي بين قادة الغرب، تفتح الطريق لتلاحم وحشد قوة الرافضين للنازية والفاشية في المجتمعات الغربية والمظلومين والمضطهدين في منطقتنا، وفي كل المجتمعات الإنسانية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى