أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

صفقات فساد تعرقل صرف تعويضات المتضررين في المحافظات المنكوبة

أسماء المتنفذين يتصدرون قوائم التعويضات في الأنبار والموصل في حين يعاني المتضررون من أبناء تلك المدن من الإجراءات والمساومات على حقوقهم المشروعة.

نينوى – الرافدين

سلطت منظمات دولية ومحلية الضوء على معاناة أهالي المحافظات المنكوبة في العراق الذين يشكون من التسويف الحكومي وتعمد إذلال مروجي معاملات التعويض في الدوائر المعنية.
وعلى الرغم من مرور نحو 8 سنوات من سيطرة القوات الحكومية على محافظتي نينوى والأنبار واستعادتها من قبضة تنظيم داعش، إلا أن المتضررين من أبنائها ما زالوا ينتظرون حتى اللحظة، التعويضات التي وعدتهم بها الحكومات، بالوقت الذي لا تزال فيه مشاهد الخراب والدمار تتصدر المشهد في بعض أحيائها، التي دمرت بالكامل نتيجة للمعارك العسكرية عام 2015.
وتصدر أسماء المتنفذين والمسؤولين قوائم المستحقين للتعويضات في حين يبقى العدد الكبير من المتضررين يعانون من الإجراءات والمساومات على حقوقهم المشروعة.
وقال قائممقام قضاء الرمادي إبراهيم العوسج، إن “وتيرة العمل بملف التعويضات كانت وما زالت بطيئة جدًا، ومستوى التعويض طيلة السنوات الست التي مضت لم يتجاوز إلى الآن 10 بالمئة من مجمل المعاملات المرسلة إلى بغداد، وإن استمرت المصادقة بهذه النسب البسيطة، سيكون من الممكن بعد 35 عامًا من الآن إعلان انتهاء معضلة ملف التعويضات”.
وفي ما يخص قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم 57 لعام 2015، الذي ينص على منح المتضررين نصف القيمة المقدرة للتعويض، يوضح العوسج، أن “المواطن لا يحصل حتى على نصف المبلغ الذي أجازه له القانون، وأن كل قرارات اللجنة التعويضية هي مخالفة للقانون، فبالأصل يحصل المواطن على كامل المبلغ، لكن أعطوه 50 بالمائة من المبلغ”.
وأشار إلى أن الكارثة أن المبلغ يذهب مقدرًا 50 بالمائة إلى بغداد ويأتي مصادقاً عليه بـ 5 بالمئة، والمواطن لا يحصل إلا على 2.5 بالمائة في النهاية من أصل المبلغ، وأن أعلى مبلغ تم صرفه لهذه اللحظة في مدينة الرمادي التي هدمت دور المواطنين فيها لا يتجاوز 150 مليون دينار، رغم أن الكثير من الدور يتجاوز مبلغ تعويضها 10 مليار دينار فهي عمارات سكنية ضخمة.
وتعرض المواطنون المستحقون للتعويضات لابتزاز المتنفذين والمسؤولين من أجل استلام التعويض مقابل مبالغ مالية.
وقال المواطن محمد ناظم وهو أحد المتضررين من الأنبار إن “من استلم التعويض فقط المتضررين الذين لديهم علاقات مع السياسيين والأشخاص المنتسبين في الوزارات، وكان هناك متنفذين يعرضون أخذ نصف مبلغ التعويض مقابل تسهيل المعاملة والمصادقة عليها من قبل لجان إحصاء المفقودات”.

نجم الجبوري: يوجد 40 ألف من المتضررين بدون تعويضات في مدينة الموصل القديمة والجانب الأيمن من المدينة

ولا يختلف الأمر كثيرًا في محافظة نينوى والتي أيضًا تعرضت إلى دمار كبير وهائل، حيث أكدت لجنة تعويض المتضررين في المحافظة أن عدد الذين تسلموا تعويضاتهم لا تتجاوز 15 بالمائة عازيًا سبب هذا التأخير إلى التدقيق الأمني.
وكشف محافظ نينوى نجم الجبوري عن وجود 40 ألف من المتضررين بدون تعويضات في مدينة الموصل القديمة والجانب الأيمن من المدينة.
وقال الجبوري إن أكثر من أربعين ألف معاملة بانتظار التخصيصات من قبل وزارة المالية لتعويض المتضررين في نينوى.
وشهدت مدينة الموصل مركز محافظة نينوى استياء أعداد كبيرة من المتضررين جراء العمليات العسكرية بسبب تأخير صرف مبالغ التعويضات.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أكدت في تقرير سابق لها أن الحكومة في بغداد تتقاعس عن دفع التعويضات المالية لمن لحقهم الضرر جراء المعارك العسكرية التي خاضتها القوات الحكومية مع داعش.
وشددت المنظمة على ضرورة أن تقوم الحكومة بمعالجة التعطيلات الحاصلة في عمليّة التعويض التي تعرقل صرف الأموال في وقتها لأصحاب المطالب، وضمان توفير تمويل كاف للقانون رقم 20.
وقالت سارة صنبر المعنية بشؤون العراق في منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “إبقاء النازحين دون تعويضات مالية لإعادة بناء منازلهم وأعمالهم التجارية، تجعل العودة إلى ديارهم غير ممكنة، ويتعين على السلطات العراقيّة توزيع الأموال المخصصة بالفعل للتعويضات لمساعدة الناس على العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم”.
وأضافت أنه يجب على الحكومة رفع الحواجز الأخرى التي تحول دون عودة النازحين إلى مناطقهم، ويتعيّن على السلطات العراقية توفير تمويلات لتطوير البنية التحتيّة المادية وتقديم الخدمات العامة في المناطق المنكوبة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والماء والكهرباء وغيرها.
ويؤكد قائممقام تلعفر نشأت صادق محمد أنه لم يحصل غالبية السكان المدمرة بيوتهم بالكامل على تعويضات من الحكومة.وقال إن “منحة التعويضات من جراء العمليات العسكرية صرفت فقط لمن تضررت منازلهم بشكل جزئي فقط، مشيرًا إلى أن التعويضات التي تبلغ أكثر من 30 مليون دينار، للذين تهدمت بيوتهم بالكامل لم يتسلمها غالبية المتضررين.
ويعاني المراجعون لدائرة التعويضات من التعقيدات الكثيرة وبعضها جديدة لم تكن موجودة سابقا أثناء ترويجهم لمعاملاتهم من أجل شمولهم بالتعويضات.

سارة صنبر: إبقاء النازحين دون تعويضات مالية لإعادة بناء منازلهم وأعمالهم التجارية، تجعل العودة إلى ديارهم غير ممكنة، ويتعين على السلطات العراقيّة توزيع الأموال المخصصة بالفعل للتعويضات لمساعدة الناس على العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم

وقال المواطن أبو ياسر أحد مراجعي دائرة تعويضات محافظة نينوى إن معاناته مستمرة منذ عام 2018 ولغاية اليوم، ويعسى لإنهاء المعاملات التعويضية لوالده، وعلى الرغم من إنهائه كل المعاملات الإدارية والقانونية للموضوع حسب الضوابط والقانون، إلا أنه تفاجئ بطلبات جديدة وموافقات من دائرتي الأمن الوطني والاستخبارات من بغداد”. مؤكدًا أنه “أنهى عشرات الكتب الرسمية المتعلقة بالموضوع في وقت سابق”.
وأكدت المواطنة أم أحمد من محافظة نينوى بأنها بدأت بإجراءات معاملة التعويض منذ أكثر من سبع سنوات مضت.
وقالت أم أحمد 7″ سنوات وأنا أراجع هذه الدائرة وأكملت كل المطلوب من المعاملات الإدارية والقانونية التي طلبوها منّا، لم يبق شيء إلا وقد أنهيته، ولكن نفاجئ اليوم بطلبات جديدة عرقلت المعاملة”.
وكانت مصادر نيابية قد كشف في تموز الماضي عن طعن قدمه رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد السوداني في قانون الموازنة شمل المادة الخاصة بتعويضات المتضررين في المناطق المدمرة.
وقالت المصادر إن “الطعن الذي قدمه السوداني لدى المحكمة شمل فقرات في قانون الموازنة، ومنها الفقرة الخاصة بالتعويضات”، مبينًا أن “طعن السوداني سيؤدي إلى توقف صرف مبالغ التعويضات للمتضررين من العمليات العسكرية”.
وأوضحت المصادر أن “قانون الموازنة المصوت عليه يتضمن فقرة تنص على صرف مبالغ التعويضات للمتضررين التي تقل قيمتها عن 50 مليون دينار عراقي”.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى