أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أرض العراق تضم أكبر المساحات الملوثة بالمخلفات الحربية

العالم يحتفل باليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية، والمخلفات الحربية حصدت أرواح أربعة وثلاثين ألف شخص في العراق منذ عام 2004.

بغداد – الرافدين
ما يزال العراق يعاني من تضرر بيئته جراء الحروب والعمليات العسكرية واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا وتلوث أراضيه بدءًا من حرب الخليج عام 1991 وصولًا إلى غزو العراق عام 2003، وتدمير مدن عراقية على يد جيش الاحتلال الأمريكي وحكوماته المتعاقبة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت في الخامس من تشرين الثاني عام 2001، يوم السادس من تشرين الثاني من كل عام بوصفه اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية.
وتولي الأمم المتحدة أهمية كبيرة على ضمان أن يكون العمل على البيئة هو جزء من استراتيجيات منع الصراع وحفظ السلام وبناء السلام لأنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم إذا دمرت الموارد الطبيعية التي تدعم سبل العيش والنظم الإيكولوجية “المجتمعات البيئية التي تتضمن التفاعلات بين الكائنات الحية المختلفة والبيئة التي تعيش فيها هذه الكائنات”.
ورغم أن البشر يحصون دائمًا خسائر الحروب بعدد القتلى والجرحى بين الجنود والمدنيين وبما تم تدميره من مدن وسبل الحياة، تبقى البيئة، في كثير من الأحيان، ضحية غير معلنة للحروب، فقد تم تلويث آبار المياه، وأحرقت المحاصيل وقُطّعت الغابات وسُممت التربة وتم قتل الحيوانات لتحقيق المكاسب العسكرية.
وبعد عشرين عامًا على احتلال العراق، لا تزال البلاد تعيش في فوضى وتدمير للبنى التحتية سببتها “الديمقراطية الأمريكية” والحكومات المتعاقبة، فضلًا عن تغلغل إيران، ومشروعها عبر الميليشيات الطائفية الذي سبب هو الآخر تدمير مدن كاملة وتهجير أهلها وتغييب الآلاف منهم خدمة لأجندتها الخاصة.
وتشير تقارير دولية إلى أن إلقاء نحو 181 ألف قنبلة من اليورانيوم المنضب في جميع أنحاء العراق، تسببت في ارتفاع معدل التشوهات والسرطان بين العراقيين.
وشهدت محافظة ذي قار، سلسلة من العمليات الحربية والقصف الجوي خلال سنوات حرب الخليج الثانية (1991) وعملية غزو العراق سنة 2003 حيث استخدمت قوات التحالف الدولي شتى أنواع الأسلحة والقذائف، لاسيما القنابل العنقودية والصواريخ التي يدخل اليورانيوم المستنفذ في تركيبها، التي تعد مخلفاتها من مصادر التلوث الإشعاعي في المحافظة.
ويصنف العراق من بين أكثر البلدان في حجم المساحات الملوثة بالمخلفات الحربية، إذ تقدّر المساحة الملوثة بحوالي ستة آلاف كيلو متر مربع، منتشرة في جميع أنحاء البلاد، شمالًا وجنوبًا.
وتواجه حكومة بغداد اتهامات بالإهمال في رفع المخلفات الحربية، وعدم وجود رقابة على دخول المناطق الخطرة
وقال المدير السابق لدائرة شؤون الألغام التابعة لوزارة البيئة في العراق، ظافر الساعدي إن “العراق يحتاج إلى وقت طويل للتخلص من المخلفات الحربية، لأن هناك مساحات واسعة ملوثة بأنواع مختلفة من المخلفات كالعبوات الناسفة، ورؤوس الصواريخ، والقنابل العنقودية”.
وأكد على أن “الظروف الاقتصادية قد تحول دون إمكانية تطهير الأراضي العراقية من المخلفات الحربية، لأن عمليات الإزالة تحتاج إلى إمكانيات عالية وتمويل كبير”.
ويعد ملف المخلفات الحربية من أكثر الملفات المادية المؤثرة والتي لا تزال آثارها على الواقع، والتي تزهق الأرواح وتشوه أجساد المئات من المواطنين، دون وجود تحرك من قبل الجهات المعنية لحسم هذا الملف، فقد وصل عدم الاكتراث به إلى درجة عدم وجود إحصائية رسمية دقيقة تبين ضحايا المخلفات الحربية.
فيما حذر مكتب الأمم المتحدة في بغداد من خطورة تزايد الإصابات بالمخلفات الحربية بين المواطنين وذلك بعد الكشف عن تسجيل 519 إصابة لأطفال جراء انفجار المخلفات الحربية خلال الخمس سنوات الماضية في العراق.
وتشير إحصائية لمكتب الأمم المتحدة إلى أن 80 بالمائة من الأطفال المصابين هم من الذكور. وأنه “تم تسجيل نحو أربعة آلاف حالة إعاقة أو قتل بسبب المخلفات الحربية”.
وتشير إحصائيات رسمية إلى أن القنابل غير المنفجرة، وغيرها من المخلفات الحربية، حصدت أرواح أربعة وثلاثين ألف شخص منذ عام 2004، بين مدني وعسكري.
وبالنظر إلى الخسائر البشرية للنزاعات العسكرية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الخلل في النظام البيئي الذي تُحدثه الحروب، عبر تهديد حياة الحيوانات والحشرات وتلف المحاصيل الزراعية وتسميم التربة، له انعكاسات جذرية وحتمية على البشرية.
وخلال معركتي الفلوجة الأولى والثانية عام 2004، وجرائم الإبادة التي ارتكبتها القوات الأمريكية، واستخدامها لقنابل الفوسفور الأبيض المحرم دوليًا، “لم تفكر القوات الأمريكية بالضرر المستقبلي من استخدام مثل هذه الأسلحة المدمرة في قصف الفلوجة”، بحسب ما قاله العميد نايجل آيلوين فوستر قائد القوات البريطانية الذي عمل مع القوات الأمريكية في بغداد آنذاك.

د. سعاد ناجي: القوات الغازية للعراق تعمدت تدمير البنى الارتكازية الأساسية والخدمات الضرورية لإسناد الحياة للسكان المدنيين، خلافًا للاتفاقيات والأعراف الدولية كافة

وكانت دراسة طبية قد كشفت أن معدل وفيات الرضع وإصابة أهالي مدينة الفلوجة العراقية بالسرطان بعد القصف الأمريكي للمدينة عام 2004 يفوق ما سجل بين سكان مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين اللتين ألقيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية عام 1945.
وأكدت دراسة طبية أن التشوهات الخلقية لدى مواليد مدينة الفلوجة العراقية عائدة لنوعية الأسلحة التي استخدمتها القوات الأمريكية في ضرب المدينة بعد احتلال العراق عام 2003.
وتوصلت الدراسة للمرة الأولى إلى أن الارتفاع الحاد في العيوب الخلقية للمواليد في مدينة الفلوجة تعود إلى أن الضرر الوراثي نجم عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات التي شنتها القوات الأمريكية على المدينة.وقالت الأستاذة الجامعية سعاد ناجي العزاوي في مقال لها على موقع قناة “الرافدين” الفضائية “استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها في العدوان على العراق قوة تدميرية هائلة وأسلحة محرمة دوليًا لقصف المدن المكتظة بالسكان في العراق وليس كما ادعت في نشراتها المضللة أنها استهدفت مواقع الجيش العراقي فقط”.
وأضافت العزاوي في مقالها بعنوان “انتهاك القوانين الدولية في جرائم احتلال العراق” أن القوات الغازية تعمدت تدمير البنى الارتكازية الأساسية والخدمات الضرورية لإسناد الحياة للسكان المدنيين، خلافاً للاتفاقيات والأعراف الدولية كافة، ومنها اتفاقية جنيف الرابعة وملاحقها التي تمنع استهداف مستلزمات حياة السكان المدنيين خلال العمليات الحربية.
وساهمت الصراعات السياسية التي أفرزتها العملية السياسية للاحتلال الأمريكي بظهور ميليشيات نفذت أجندة إيران في المنطقة وخدمت مشروعها الطائفي من خلال تدمير مدن عراقية وتهجير أهلها وتغييب الآلاف منهم قسريًا.
كما ساهمت الميليشيات في دعم الاقتصاد الإيراني المتهاوي جراء العقوبات الأمريكية، من خلال حرق المحاصيل الزراعية، لضمان استمرار العراق على استيراد المواد الغذائية من إيران، وتدمير أبراج الطاقة الكهربائية، لإجبار العراق على الاعتماد على الغاز الإيراني لتشغيل محطاته الكهربائية.
وتكشف هذه العمليات الممنهجة ولاء الأحزاب وميليشياتها التام لأجندة الاحتلالين الأمريكي والإيراني لضمان استمرار العراق في دوامة الفوضى ومنعه من أخذ دوره الريادي في العالم، والسعي لتدمير بيئته الفريدة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى