أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

آفة الطلاق تفتك بالمجتمع العراقي ولا مبالاة حكومية

وتيرة متصاعدة خطيرة لحالات الطلاق في البلاد حيث تسجل المحاكم العراقية نحو 231 حالة طلاق في اليوم مع استمرار الأزمات والتجاهل الحكومي

بغداد – الرافدين
كشفت الأرقام التي أعلن عنها مجلس القضاء الأعلى في العراق لعدد حالات الطلاق المسجلة في البلاد، عن تفاقم ظاهرة الطلاق نتيجة لعدة عوامل أبرزها الأزمة الاقتصادية والبطالة والفقر وانتشار المخدرات، ما يهدد بتفكك الأسرة العراقية في ظل لا مبالاة حكومية.
ونشر مجلس ‏القضاء الأعلى، إحصائية شهر تشرين الأول الماضي بشأن حالات الزواج والطلاق في العراق، حيث سجلت المحاكم العراقية 6934 حالة طلاق في عموم البلاد، باستثناء محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، وهو ما يعني حصول 231 حالة طلاق يوميًا، وأكثر من 9 حالات في الساعة الواحدة.
وسبق أن نشر المجلس إحصاءات الأشهر الثلاث الأولى من العام 2023 وكانت قد شهدت ارتفاعا كبيرا بتسجيل أكثر من 19 ألف حالة طلاق، الأمر الذي ينذر بخطر تفكك المجتمع.
وكان العراق قد سجل ما يقارب 70 ألف حالة طلاق خلال العام 2022، ووفقا لإحصاءات حكومية رسمية فإن 28 في المائة من حالات الزواج في البلاد تنتهي بالطلاق.
وحذر مختصون من استمرار ارتفاع نسب الطلاق داخل المجتمع والتي تعود أغلبها للعامل الاقتصادي، وارتفاع نسب الفقر والبطالة ومحاولات قوى السلطة في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن تسويق ثقافة التفكك والتجهيل في المجتمع وسيادة روح اللا مبالاة والانتقام والعنف، وكذلك بسبب مواقع التواصل الاجتماعي والعنف الأسري، مطالبين الحكومية بالعمل على معالجة أسباب تفشي الظاهرة لما لها من مخاطر اجتماعية وتفكك للأسرة والمجتمع.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن “الأسباب وراء زيادة حالات الطلاق عديدة، من أهمها الجوانب الاقتصادية، وعدم وجود فرص عمل للشباب لا سيما أنهم يعتمدون بشكل تام على الموارد التي تقدم لهم من قبل عائلاتهم، وعدم وجود أي مورد مستقل مع متطلبات الحياة الكثيرة، والاحتياجات الأساسية للأسرة، وأن موضوع عدم وجود سكن مستقل، ووجود أغلب الزيجات داخل البيت الواحد، يتسبب بحصول المشكلات”.
ويوضح الغراوي، أن “من الأسباب الأخرى تزايد حالات العنف الأسري وخصوصا العنف الموجه من الزوج ضد الزوجة، واستخدام صور قد تصل إلى التعذيب، والضرب المبرح، والتي قد تكون أسبابًا تؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق”.
وبين الغراوي، أن “الحد من هذا الارتفاع يتطلب وجود إجراءات واقعية حقيقية، وإعادة النظر بكل التشريعات، وتوفير فرص العمل، وتوزيع قطع الأراضي السكنية والدور، بالإضافة الى القروض، والتي تسهل من العملية الاستقلالية وضرورة وضع عقوبات رادعة وفرض غرامات مالية، بالنسبة لمرتكبي العنف الأسري”.
وتشهد المحافظات العراقية لا سيما محافظات الوسط والجنوب ارتفاعا في حالات العنف الأسري والذي يعد من الأسباب المباشرة للطلاق مع استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية وعدم وجود قانون رادع.
وتشير إحصائيات وزارة الداخلية إلى أرقام خطيرة عن حالات العنف الأسري، حيث كشفت الوزارة عن تسجيل نحو 100 حالة عنف أسري يوميا في البلاد ما يعني 3000 حالة شهريا، في مؤشر على استمرار هذا النوع من العنف الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة، وسط غياب للمعالجات.
وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تسجل فيها المحاكم العراقية مثل هذا الكم الكبير من حالات الطلاق، لكن استمرار ارتفاع الأرقام يدق ناقوس الخطر حسب الخبراء والاختصاصيين ما يهدد بزعزعة الاستقرار المجتمعي، في ظل تجاهل حكومة الإطار التنسيقي خطر هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها عبر تحسين معيشة المواطنين ومكافحة المخدرات وإيجاد فرص عمل للشباب.
ويعد انتشار المخدرات التي باتت آفة تنخر المجتمع العراقي واحدًا من أسباب زيادة العنف الأسري والذي يؤدي بدوره إلى الطلاق.
وسبق أن أشارت إحصائيات لمجلس القضاء الأعلى في العراق إلى أنّ نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 بالمائة بين الشباب، وأنّ النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 بالمائة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة، مع إقرار الجهات المختصة بأن مشكلة المخدرات أصبحت التهديد الأول الذي يواجه المجتمع العراقي.
تقول الباحثة الاجتماعية نوال الإبراهيم، إن “آلاف حالات الطلاق سنويا تعني بلا شك أن آلاف الأسر العراقية تتفكك وتنهار، وأن أطفالا ونساء كثر يدفعون ضريبة مضاعفة جراء ذلك، وهو بمثابة نزيف مجتمعي خطير بحاجة لكبحه، والعوامل وراء هذا التفشي لظاهرة الطلاق متراكمة ومتداخلة”.
ووفقا لمسح أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق فإن 1.5 بالمائة من نساء البلاد مطلقات، تعيش الغالبية منهن ظروفا صعبة.
وتقول الناشطة الحقوقية العراقية، سارة جاسم، إن ” أرقام حالات الطلاق تعبر عن كارثة اجتماعية واقتصادية محققة تحل على المجتمع العراقي، إذ تعيش النساء المطلقات في ظروف اقتصادية قاهرة، ولا تستوعب الرعاية الاجتماعية هذه الأعداد الهائلة، ولا الأموال المتاحة لهن كافية لتأمين معيشتهن وأطفالهن”.
ودعت منظمات حقوقية الحكومة لوقفة جادة على المستوى الاقتصادي بتوفير فرص عمل للشباب وإصلاح الوضع الاقتصادي واهمية تقديم الارشاد النفسي للمتزوجين ومعالجة العنف الاسري، وتبني حملة وطنية لرفع الثقافة والوعي بأهمية الاسرة ودورها في نهضة المجتمع للحد من ظاهرة الطلاق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى