أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

في اليوم العالمي للتربة لم يعد العراق أرض السواد

اعتمد العراق خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي برامج وسياسات تنموية لقطاع الزراعة، إلا أن البلاد ومنذ احتلالها من قبل القوات الأمريكية عام 2003 أهملت فيها الزراعة واعتمدت حكومات الاحتلال المتعاقبة على إثراء أحزابها من تصدير النفط وعدم التركيز على الزراعة وإصلاح الأراضي.

بغداد- الرافدين
يتساءل عراقيون عما إذا كانت تسمية أرض السودان أصبحت ملاءمة لأرض بلاد النهرين بعد أن لحقت بالتربة العراقية ما يجعلها خلال أعوام قليلة غير صالحة للزارعة والرعي.
ويطالب مزارعون ورعاة مع احتفال العالم باليوم العالمي للتربة سنويًا في الخامس من كانون الأول، بتركيز الاهتمام على أهمية التربة الصحية والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد التربة.
وفي عام 2002، قدم الاتحاد الدولي لعلوم التربة اقتراحًا بإقرار الاحتفال باليوم العالمي للتربة في الخامس من كانون الأول لأهمية التربة واعتبارها عنصرًا حاسمًا من النظام الطبيعي ولإسهامها الحيوي في رفاه الإنسان.
ودعمت منظمة الأغذية والزراعة في إطار “الشراكة العالمية من أجل التربة” تدشين يوم دولي رسمي للتربة بغرض إذكاء الوعي العالمي.
وفي الثاني والعشرين من تموز 2013، أقر مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في دورته الثامنة والثلاثين بالإجماع اليوم الدولي للتربة وطلب اعتماده رسميًا من الجمعية العامة في دورتها الثامنة والستين.
وقبل 100 عام كان العراق يسمى “أرض السواد” لخضرة أرضه الكبيرة الناتجة عن زراعة العديد من المحاصيل والفواكه والخضر والحبوب وغيرها، أما اليوم فتعاني البلاد من تراجع كبير في المساحات الزراعية.
وأقرت وزارة الموارد المائية الحالية بأن كل التقارير العالمية الموثوقة تؤكد على أن العراق يصنف خامس دولة تأثرًا بالتغييرات المناخية على مستوى العالم.


جعفر الجوذري: ما فعالية المبادرات الحكومية، لأن الحفاظ على الغطاء النباتي يتطلب كميات كبيرة من المياه، ونحن البلد الذي يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل لمواجهة آثار التغير المناخي
وبدأ منسوب المياه بالانخفاض بشكل ملحوظ منذ سنوات عدة في نهر دجلة ببغداد، ما شكل تهديدًا حقيقيًا لحياة المزارعين وأصحاب المساحات الخضراء، حيث سيطر التصحر على 39 بالمائة من مساحة البلاد، و54 بالمائة من الأراضي الخصبة معرضة لخطر فقدانها زراعيًا، بسبب الملوحة الناتجة من تراجع مناسيب دجلة والفرات.
واعتمد العراق خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي برامج وسياسات تنموية لقطاع الزراعة، إلا أن البلاد ومنذ احتلالها من قبل القوات الأمريكية عام 2003 أهملت فيها الزراعة واعتمدت حكومات الاحتلال المتعاقبة على إثراء أحزابها من تصدير النفط وعدم التركيز على الزراعة وإصلاح الأراضي.
وأصبحت مساهمة القطاع الزراعي بالإنتاج المحلي الإجمالي لعام 2022 تُقدر بين 2.5 بالمائة و3.5 بالمائة نتيجة شح المياه وقلة الدعم الحكومي من الأسمدة والبذور.
واجتاح العراق خلال عام 2022، أكثر من عشر عواصف رملية، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وبدأت الرمال المتحركة تزحف وتغطّي أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية منذ عشر سنوات.
وقال عالم الآثار العراقي عقيل سفيح المنصراوي “الرمال المتحركة، ومع زحفها بكميات كبيرة، ربما ستغطي خلال السنوات العشر المقبلة 80 إلى 90 بالمائة من المواقع” في جنوب العراق.
ويتابع “سيتعين على البعثات الأثرية المقبلة بذل مزيد من الجهد لتنظيف الأرض قبل البدء بالتنقيب.”
ويقول الأستاذ في علم الآثار في جامعة القادسية جعفر الجوذري، إن الرياح حاليًا “مليئة بكميات أكبر من الغبار” و”تحمل شوائب من الأرض، خصوصاً الرمال والطمى، ما يؤدي إلى تآكل المباني”.
ويلفت إلى أنّ المشكلة تكمن في فصول شتاء أكثر جفافًا ومواسم صيف حارة بصورة متزايدة إذ تُسجل فيها درجات حرارة تتخطى 50 درجة مئوية، الأمر الذي يؤدي إلى “إضعاف التربة وتفتيتها بسبب قلة الغطاء النباتي”.
ويتمثل العامل الآخر في الملوحة التي تشكل العدو الثاني، ويعود سببها إلى البيئة “الجافة جداً”، حسبما أكد مارك الطويل، أستاذ في آثار الشرق الأدنى لدى جامعة “يو سي أل” في لندن، قائلاً عندما “يتبخر الماء بسرعة كبيرة، لا يبقى سوى الأملاح”.
ويؤدي تراكم كميات كبيرة من الأملاح إلى تأكل كل شيء.
عقيل سفيح المنصراوي: زحف الرمال المتحركة سيغطي خلال السنوات العشر المقبلة 90 بالمائة من المواقع الأثرية في جنوب العراق.
عقيل سفيح المنصراوي: زحف الرمال المتحركة سيغطي خلال السنوات العشر المقبلة 90 بالمائة من المواقع الأثرية في جنوب العراق.
ويعد العراق أحد أكثر خمس دول في العالم تأثرًا ببعض الآثار الملموسة للتغير المناخي، في مقدمتها فترات الجفاف الطويلة، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وتبدو هذه الظاهرة الكارثية واضحة في نهري العراق الأسطوريين، دجلة والفرات، وهما المصدر الرئيسي للري لغالبية فلاحي هذا البلد، لكنهما أصبحا اليوم مجرد مجرى لتيارات ماء شحيحة.
ورغم أنّ المسألة تعلق وبشكل كبير بنقص الأمطار، تدين سلطات البلاد قيام جيرانها تركيا وإيران ببناء سدود على منابع النهرين، لأنّ هذه الخطوة تمثل عاملاً رئيسيًا في الحد من تدفق المياه.
ويتساءل الجوذري عن مدى فعالية المبادرات الحكومية، لأن الحفاظ على الغطاء النباتي “يتطلب كميات كبيرة من المياه”، مضيفاً “نحن البلد الذي يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل” لمواجهة آثار التغير المناخي.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى