أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حرائق المستشفيات المتكررة في العراق تكشف حجم الفساد في مؤسسات الدولة

فاجعة جديدة تضرب مستشفيات العراق وتكشف نظامه الصحي المتهالك بعد وفاة 4 أطفال حديثي الولادة اختناقًا في مستشفى الولادة في الديوانية.

القادسية – الرافدين

أثارت مشاهد الدمار جراء حريق جديد داخل مستشفى للولادة في مدينة الديوانية مركز محافظة القادسية جنوبي البلاد. مخاوف العراقيين الناقمين على سياسة حكومات ما بعد 2003 والتي حولت البلاد إلى محرقة تلتهم أجساد العراقيين دون رحمة.
وينخر الفساد جميع مؤسسات الدولة التي تفتقر إلى أدنى متطلبات السلامة والأجهزة الوقائية، مما جعل حوادث الحرائق تتكرر وتهدد حياة المواطنين ولا سيما المرضى داخل المستشفيات في بلد يعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية.
وفي مأساة جديدة هزت الشارع العراقي بعد اندلاع حريق داخل مستشفى للولادة في مدينة الديوانية، أدى إلى وفاة أربعة أطفال على الأقل، وإصابة نحو 20 آخرين بالاختناق، عزاه وزير الصحة الحالي صالح الحسناوي إلى “تماس كهربائي”. في ذريعة مكررة مع الحرائق التي شهدتها المدن العراقية وأودت بحياة المئات.
وأفاد بيان نشره الهلال الأحمر العراقي “بوفاة أربعة أطفال وإصابة 20 بالاختناق جراء حريق مستشفى النسائية والأطفال” في مركز محافظة القادسية، وهو أحد المستشفيين الرئيسيين الحكوميين الموجودين في المدينة.
وأوضح الحسناوي خلال مؤتمر صحافي من المستشفى أن “الحريق حصل خارج قاعات المستشفى في أنقاض بعضها ورقية ومواد أخرى لشركة تعمل على تأهيل المستشفى”.
وأضاف أن “ذلك أدى إلى تسرب الدخان إلى داخل المستشفى، لكن لم تتسرب النيران إليه”.
وقال إن “العاملين في المستشفى قاموا بإخلاء المرضى الموجودين لا سيما من حديثي الولادة الخدج الذين تكون حالتهم حرجة”، مضيفاً أنه “توفي أربعة (من الرضّع) لأسباب تتعلق بأمراض الصدر”.
وأعلن الهلال الأحمر العراقي عن إخلاء 150 طفلاً و190 مرافقاً لهم من المستشفى إثر الحريق.
في غضون طلب رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بسحب يد المسؤولين المقصرين في الحادثة وإحالة الشركة المنفذة لأعمال تأهيل المستشفى إلى التحقيق.
ويتساءل عراقيون عن جدوى فرق التحقيقات والإجراءات الحكومية بعد كل حادث، في الوقت الذي كان يمكن تجنبها بتطبيق القوانين والتعليمات الخاصة بالبلديات.

بندر الجاسمي: حادث حريق مستشفى الأطفال في محافظة القادسية وغيره من الحوادث هو نتيجة الإهمال في البنى التحتية لسنوات طويلة يتحمل مسؤوليتها الحكومات السابقة والحالية

وغالبًا ما لا يتمّ الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيّما في قطاعي البناء والنقل، كما أنّ البنى التحتية متداعية نتيجة الفساد وعدم استحداث بنايات جديدة، ما يؤدّي مرارًا إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.
ومن جانبه، أكد عضو مجلس محافظة القادسية بندر الجاسمي أن “حادث حريق مستشفى الأطفال في محافظة القادسية وغيره من الحوادث هو نتيجة الإهمال في البنى التحتية لسنوات طويلة يتحمل مسؤوليتها الحكومات السابقة والحالية.
وطالب بإجراء تحقيق نزيه وشفاف للوصول الى الحقيقة ودعا الجهات المعنية إلى التدخل الفوري واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين وعدم السماح للفاسدين بالعبث بمقدرات المواطنين.
من جانب آخر أشار النائب فيصل النائلي إلى وجود شبهات حول تورط شخص في الحريق الذي نشب في مستشفى الولادة في مدينة الديوانية.
وأكد على أن هذه الادعاءات جاءت بعد مراجعة الكاميرات المراقبة في المكان، بينما حمل النائب وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي المسؤولية الكاملة عن هذا الحريق.
ويؤكد مختصون، أن الفساد المالي والإداري هو أبرز أسباب استمرار مسلسل الحرائق في البلاد، في ظل الاستهانة بحياة المواطنين وعدم قيام الجهات الحكومية المسؤولة بمحاسبة المسؤولين عن آلاف الحرائق التي وقعت في السنوات الأخيرة بعدد من المؤسسات والمباني الحكومية التي تغصّ بمئات الأشخاص يوميًا.
ويسجل العراق سنويا آلاف الحرائق ذهب ضحيتها مئات القتلى وخلفت أعدادًا من المصابين، وغالبا ما تعقب مثل هذه الحوادث إجراءات حكومية وتحقيقات، لكنها لم تسفر حتى الآن عن وضع حد لتلك المآسي التي باتت تفتك بالعراقيين.
وكان آخر هذه الحوادث المأساوية، كارثة اندلاع حريق في قاعة أفراح في بلدة قرقوش التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق خلال حفل زفاف، أودى حينها بحياة أكثر من 107 أشخاص فيما كشفت السلطات أن سببه كان إشعال الألعاب النارية قرب مواد بناء شديدة الاشتعال.
وسبقها حريق ردهة الأطفال في مستشفى “خدج” بالعاصمة بغداد التي شهدت أحد أكبر مآسي حوادث الحرائق في العراق عام 2016، حين قتِل 20 رضيعًا وأصيب عشرات آخرون إضافة إلى عدد من النساء بحروق بالغة.
وأعقبت ذلك حوادث أخرى مماثلة وقد لا تعد هذه الحوادث الأسوأ، إذ أدى حريق في مستشفى الحسين بمحافظة ذي قار لوفاة نحو 64 شخصا وإصابة العشرات في عام 2021، وأعقب هذه الحادثة احتراق مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد في تموز من العام ذاته، والذي أدى لمقتل نحو 82 شخصًا وإصابة العشرات أيضا، نتيجة انفجار قناني الأوكسجين الطبي داخل المستشفى.
ولم تفلح التحقيقات والإجراءات الحكومية التي تلت هذه الحوادث في وضع حد لإزهاق أرواح العراقيين.
وكانت مديرية الدفاع المدني أحصت في بيان لها عدد حوادث الحريق في العراق، منذ بداية العام الجاري، حتى تاريخ الثالث عشر من آب عام 2023 وكشفت عن وقوع أكثر من 19 ألف حريق.
وهو رقم يقل كثيرًا، كما جاء في البيان، عن إحصاء عام 2022، والذي وصلت فيه الحرائق إلى أكثر من 32 ألفًا في عموم المحافظات عدا محافظات كردستان في شمال العراق. وبحسب البيان فإن تلك الحرائق اندلعت داخل مبان حكومية وتجارية ومصانع ومعامل ومخازن ودور سكنية وأراض زراعية، وحقول وعجلات وغيرها.
وأوضح البيان أن “أسباب حوادث الحريق توزعت ما بين التماس كهربائي، إذ أن 13 ألفاً و297 حادثًا وقعت نتيجة تذبذب التيار الكهربائي الوطني وشبكات العنكبوتية للأسلاك الكهربائية المتدلية للمولدات الأهلية، لتشكل 47 في المائة من مسبّبات اندلاع حوادث الحريق في العراق”.
وأشار البيان إلى أن إحصائية عام 2022 تعتبر الأعلى إذا ما قورنت مع السنوات الثلاث السابقة، إذ بلغ عددها خلال عام 2020، 29658 حادثًا، فيما بلغ عددها، عام 2021، 31533 حادثًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى