أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الإهمال الحكومي يحكم على مليوني هكتار من أراضي العراق الزراعية بالموت

ثلاثة ملايين عراقي من نازحين داخليين وعائلات تعيلها نساء وأطفال معرضون بشكل مباشر لتبعات التلوث. وخسائر تقدر بنحو 3 مليار دولار تلحق بالقطاع النفطي والزراعي والصناعي.

بغداد – الرافدين
حذّر البنك الدولي من الإهمال الحكومي بمعالجة الأراضي الملوثة في العراق بعد تلوث نحو 2.4 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في العراق بالمخلفات الحربية لما لذلك من عواقب وآثار طويلة الأمد على سلامة وصحة ومعيشة السكان
وتأتي التحذيرات بعد أن كشف تقرير للبنك الدولي نشر تحت عنوان (المناطق الملوثة جراء الحروب في العراق: معالجات تلوث الأرض لاسترجاع الحياة فيها)، عن أن 3 ملايين نسمة معرضون بشكل مباشر لتبعات التلوث، مع عواقب شديدة على الفئات التي تتواجد في المواقع الملوثة لأغراض زراعية أو لرعاية الحيوانات وغيرها من الأنشطة.
وتقدر تحليلات التخمين والأضرار والاحتياجات تعداد هذه المجاميع السكانية المعرضة لتبعات التلوث بحدود ثلاثة ملايين شخص من نازحين داخليين بضمنهم نساء وعائلات تعيلها نساء وأطفال وشباب.
وبين التقرير أن هناك خسائر وأضرارًا فادحة تقدر بنحو 3.5 تريليون دينار عراقي (3 مليار دولار أمريكي) لحقت بالقطاع النفطي والزراعي والصناعي بسبب الحروب المتعاقبة والعمليات العسكرية في العراق.
وأشار التقرير الذي شارك فيه خبراء دوليون ومحليون أجروا تحليلات على نطاق حجم التلوث وأهميته في كل من محافظة بغداد والأنبار وبابل وديالى والتأميم، ونينوى وصلاح الدين، والتي شهدت عمليات عسكرية تعرضت لأضرار كبيرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، إلى تدمير 47 بالمائة من مساحات الغابات الطبيعية في البلاد ما يحول دون سهولة استغلالها.
وأوضح التقرير، أن الحروب المتعاقبة والعمليات العسكرية التي شهدها العراق ألحقت أضرارًا بممتلكات البلد النفطية والصناعية، ما تسبب بخسائر اقتصادية، وتلوث في الهواء والأرض والتربة والمياه، على نطاق واسع جدًا لم يشهد له مثيل.
وذكر البنك الدولي، أن حوالي 10 آلاف و569 هكتار من الأراضي على الأقل قد فقدت جاء التلوث بمخلفات الكاربون والمواد الكيميائية الأخرى، مؤكدًا أن الحجم الحقيقي لمدى نطاق التلوث الذي أصاب الأراضي جراء الحروب لم يتم التأكد منه بعد، نتيجة اقتصار البحث والدراسة في بعض محافظات الوسط والشمال.
وأكد على أنه وإن كانت المناطق الملوثة في المحافظات التي شملها التقرير في وسط وشمالي العراق إلا أنه وبالتأكيد هناك بعض المناطق الملوثة الأخرى في جنوبي البلاد، ويشمل الأراضي الملوثة بالألغام والمخلفات الحربية المتفجرة.
وأشار إلى احتمالية أن تعاني أجيال أخرى من التأثيرات الاقتصادية والبيئية من هذه المناطق والمواقع الملوثة ما لم يتم تحديدها ومعالجتها أو إدارتها على نحو صحيح ومناسب.
وطالب التقرير بخلق ظروف بيئية أفضل واستثمارات في راس مال إنساني ومادي هو أمر حيوي لجانب التنوع الاقتصادي وخلق فرص عمل مع أبناء أصحاء يعتبرون أساسًا لتنمية مستقرة ومستدامة في العراق.
واستنادا الى المعلومات التي تم جمعها والمعرفة التي تم الحصول عليها لغاية عام 2021، فإن فرق الكشف التابعة لوزارة البيئة الحالية تمكنت من التحقق من 216 موقع وحددت 76 منطقة مشتبه بتلوثها في أنحاء متفرقة من البلاد.
وبلغت نسبة التلوث النفطي في 51 موقعًا 67.1 بالمائة، فيما بلغت نسبة التلوث الكيمياوي في 23 موقعًا 30.26 بالمائة، في حين بلغت نسبة التلوث الناجم عن رمي المخلفات في موقعين 2.63 بالمائة.
وحسب التوزيع الجغرافي لهذه المناطق الملوثة فان 36.84 بالمائة منها بواقع 28 موقعًا تقع في محافظة كركوك، و22.37 بالمائة منها بواقع 17 موقعًا تقع في محافظة نينوى، و19.73 بالمائة منها بواقع 15 موقعًا تقع في محافظة صلاح الدين.
وأظهرت التحليلات التي تم إجراؤها، تعرض ما يقارب من مليون و333 ألف و3 هكتارات من الأراضي للتلوث، والتي أثرت بدورها على أكثر من مليون و750 ألف شخص أو ما يعادل 8.55 بالمائة من تعداد سكان تلك المحافظات.
ويجمع خبراء بيئيون على، أن تطهير البيئة من الألغام والمتفجرات ومعالجة مخلفات اليورانيوم المنضب وغيرها من ملوثات تطال التربة والماء والهواء في مختلف مناطق العراق، هو ضرورة ملحة بل ووجودية.
وفي ظل تفاقم تداعيات كارثة التغير المناخي والتلوث البيئي التي تضرب العراق، ومواصلة حصد المخلفات الحربية لأرواح العراقيين، انتقد خبراء بيئيون الإهمال الحكومي في رفع المخلفات الحربية، وعدم وجود رقابة على دخول المناطق الخطرة، بذريعة عدم إطلاق المخصصات المالية لإزالتها.
ويصنف العراق حسب الإحصاءات والتقارير الدولية والمحلية المعنية، كأكثر دول العالم تلوثًا بالألغام ومخلفات الحروب غير المتفجرة، والتي هي بمثابة قنابل موقوتة تحصد أرواح عراقيين كثر أو تتسبب لهم بعاهات مستديمة.
ويعزو الكاتب علي البيدر تصنيف العراق كأكثر دول العالم تلوثًا بالألغام، إلى الألغام والذخائر غير المنفجرة إبان الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، ونتيجة لحرب الخليج عام 1991، وعقدين من الصراع بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد.
وقال “من الطبيعي أن يكون العراق أكثر دول العالم احتواء على الألغام والمواد الحربية القابلة للانفجار، والمنتشرة حتى في المناطق السكنية والمأهولة، أو تلك التي يمر من خلالها الناس خاصة الطرق الفرعية الزراعية والصحراوية”.
وأوضح أن التعامل مع هذه المعضلة لا زال دون المستوى المطلوب “حيث لا زال العراق يعتمد طرقًا قديمة وبالية لمعالجة هذا الخطر الداهم، الذي يتهدد أرواح ملايين العراقيين، وراح ضحيته بالفعل آلاف مؤلفة من الأبرياء ممن فقدوا حياتهم، أو أصيبوا باعاقات وتشوهات دائمة”.
وأشار إلى عدم جدية الحكومة ومؤسساتها المعنية لمعالجة هذا الملف الشائك والمتفجر، مبينًا أن الأمر لم يقتصر على ذلك وحسب، بل ثمة حديث عن حالات فساد وتسيب رافقت عمليات ومشروعات إزالة الألغام ومخلفات الحروب وتفكيكها”.

جهود ضعيفة أمام بحر من المخلفات الحربية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى