أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حيتان الفساد من زعماء الأحزاب والميليشيات يطالبون بـ “مكافحته”!

السوداني يعترف في تعبير عن العجز بمس كبار لصوص الدولة بأن الفساد تسبب بفقدان الشعب الثقة التامة بمؤسسات الدولة والنظام السياسي.

بغداد- الرافدين
تحولت توصيات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بشأن مكافحة الفساد، إلى موضع تهكم وتندر وسخرية في الشارع العراقي، وتساءل عراقيون “ماذا حل بوعود إعادة أموال سرقة القرن التي تعهد بها السوداني بعد إطلاق سراح لصوصها، فيما يضع رئيس حكومة الإطار التنسيقي اليوم 7 توصيات بشأن مكافحة الفساد”.
وشارك السوداني مع عدد من الوزراء والنواب والمستشارين ومسؤولي الدوائر والهيئات المعنية بمكافحة الفساد، في المؤتمر الأول لمكافحة الفساد الذي عقد في بغداد الأحد، فيما تلاحق تهم سرقة أموال الدولة كبار المشاركين في المؤتمر نفسه.
وتجاوز إجمالي الأموال المنهوبة من خزينة الدولة 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء الحكومية، العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.
وأعترف السوداني بأن الفساد أصبح عاملاً محدِّدًا لجميع خطط التنمية، وأنّ الخسارة الكبرى تتمثل في تسبب الفساد بفقدان الشعب الثقة التامة بمؤسسات الدولة والنظام السياسي.
وأشار إلى أن تأليف لجان تحقيقية مع المسؤولين من المستويات كافة، عند طلب الجهات المعنية بمكافحة الفساد، وهذا الأمر كان من الأسباب المعطِّلة لحسم القضايا أمام المحاكم.
وبدت توصيات المؤتمر مجرد عرض اعلامي مكرر عن مكافحة الفساد، بينما في حقيقة الأمر أن السوداني عاجز عن مس كبار حيتان الفساد المساهمين بالأساس في تشكيل حكومته.
وأوصى المؤتمر تعزيز استقلال الأجهزة الرقابية، وتوفير الدعم المالي والتقني لزيادة مستوى قدرات ومهارات العاملين فيها، في مجال استخدام التكنولوجيا والأساليب الحديثة في رصد ومكافحة الفساد.
والسعي لتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع الدول والمنظمات الدولية، وإنشاء آليات دائمة للتنسيق معها لتبادل المعلومات في مواجهة التحديات المشتركة في مجال مكافحة الفساد والحد منه، خصوصاً ما يتعلق باستعادة عوائد الفساد، واسترداد المتهمين والمدانين والمطلوبين ومحاكمتهم.
وكشفت عضو لجنة النزاهة النيابية سروه عبد الواحد، الجمعة، عن خسارة لأكثر من 21 مليار دولار سنويًا جراء فرق العملة.
وقالت يخسر العراق سنوياً 21 مليار دولار جرَّاء فرق العملة، وهذه أكبر سرقة واضحة في تأريخ البلاد، في وقت تعجز الحكومة والبنك المركزي عن السيطرة على السوق الموازي، أو لا يرغبان بذلك.
‏وأشارت الى ان” نفط العراق يتم بيعه بالدولار، والحكومة والبنك المركزي تحسب كل 100 دولار بـ 132 ألف دينار، ففي فرق العملة لبيع النفط فقط يخسر العراق أكثر من 21 مليار دولار، وهناك مبالغ مشابهة في فرق العملة، والمستفيد الوحيد أحزابٌ وشركاتٌ ومصارفُ تابعة للشخصيات المتنفذة.
‏ولفتت إلى ان” البرلمان في فصله التشريعي الجديد عليه أن يضع حداً لكل هذه السرقات العلنية، وسنعمل على استضافة جميع الجهات المسؤولة؛ لنخرج بحلول جذرية”.
يأتي ذلك في وقت كشف تحقيق تلفزيوني مصور لمجلة “إيكونوميست” البريطانية عن ضلوع سبعة فصائل مرتبطة بالأحزاب والميليشيات الحاكمة في العراق في سرقة القرن التي تم فيها نهب 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة في العراق.
وذكرت المجلة في التحقيق المصور الذي أجراه مراسلها في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، أن لصوص الدولة يتقاتلون في ما بينهم في العلن، لكنهم يعملون معا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والطائفية.
ويقول كاتب التحقيق في مجلة “إيكونوميست” عندما زرت العراق هذا الربيع؛ مررت بجوار قصر نور زهير في المنصور، المتهم الرئيسي في سرقة القرن الذي تم إطلاق سراحه من قبل حكومة السوداني، وكانت الأضواء مضاءة.
وافرجت حكومة السوداني عن نور زهير أحد المتورطين بالقضية بالتعاون مع ميليشيا بدر التي يرأسها هادي العامري.
وجاء الافراج بكفالة مقابل إعادة باقي الأموال المسروقة في غضون اسبوعين، لكنه اختفى بعد ذلك.

سروة عبد الواحد: نفط العراق يتم بيعه بالدولار، والحكومة والبنك المركزي تحسب كل 100 دولار بـ 132 ألف دينار، ففي فرق العملة لبيع النفط فقط يخسر العراق أكثر من 21 مليار دولار، وهناك مبالغ مشابهة في فرق العملة، والمستفيد الوحيد أحزابٌ وشركاتٌ ومصارفُ تابعة للشخصيات المتنفذة

وزعم العراقيون الذين تحدثت إليهم مراسل المجلة أنه كان قد تم رصده في دبي وعمان ولندن. وفي نيسان 2023؛ قامت المحاكم بإلغاء تجميد أصوله، وأخبرني أحد مساعدي السوداني أن رئيس الوزراء ليس لديه خيار آخر؛ حيث قال “لو لم يطلق سراح نور زهير لكان قد فقد رأسه”.
وباتت “سرقة القرن” حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية وغيرها حتى انتقل صداها إلى خارج العراق لتتناولها وسائل إعلام عربية وغربية.
وتتمثل السرقة باختفاء مبلغ 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، وتم الكشف عنها من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.
وتهكمت مجلة “إيكونوميست” بطريقة أن العراق يعيش مسرحية الديمقراطية، فعلى الرغم من أن المشهد العام يبدو على ما يرام، بوجود هيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الأعلى ولجنة الأخلاقيات البرلمانية، فإنه يفتقر إلى المصداقية والموثوقية.
ونقلت المجلة عن أحد المسؤولين السابقين قوله إن البلد بمثابة “أرض للعصابات”. غالبا ما تستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب.
وقال الباحث السياسي في “ذي سنتشري فاونديشن” سجاد جياد أن سبعة فصائل من مختلف الأطياف قد حصدت مكاسب من سرقة القرن: المدعومون من إيران، والمدعومون من الولايات المتحدة، وأنصار الوضع الراهن، وكل الفصائل تستفيد من مخططات الفساد. وشارك ممثلون عن هذه الفصائل في مؤتمر مكافحة الفساد الذي رعاه السوداني يوم الأحد.
وأضاف “هؤلاء المعارضون يقاتلون بعضهم البعض في العلن لكنهم يعملون سويا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والأيديولوجية”.
ووفقا لمسؤولين عراقيين، تدور سرقة القرن حول عمليات سحب نقدي غير مشروعة من الهيئة العامة للضرائب في البلاد في عامي 2021 و2022 بلغ مجموعها حوالي 2.5 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم حتى في البلد الذي يصنف دائما من بين أكثر الدول فسادا في العالم.
ويصنف العراق من البلدان الغنية في العالم، حيث يعد أحد أكبر منتجي النفط في العالم بتحقيق أرباح من الصادرات في السنة الماضية تجاوزت 115 مليار دولار. ومع ذلك، لا يصل سوى القليل من هذه الأرباح إلى الناس العاديين.
ويعزى السبب الرئيسي لتفشي الفساد على نطاق واسع في البلاد إلى نظام المحاصصة الذي أدخله الأمريكيون في سنة 2003. وقد ساهم المخطط، في تقسيم هياكل الدولة بين الأحزاب التي تدّعي كل منها تمثيل المجموعات الدينية والعرقية الرئيسية في العراق.
وبعد احتلال العراق، نهبت هذه الجماعات موارد البلاد ونشرت نظام المحسوبية. وتقاسم رؤساء الأحزاب، الذين ينتمي الكثير منهم إلى الميليشيات، الوزارات المربحة فيما بينهم من خلال المساومات والمقايضات.
في سنة 2015، انفجر بركان الغضب الشعبي من الفساد من خلال سلسلة من الاحتجاجات. خرج الآلاف من السكان للشوارع في بغداد للاحتجاج ضد “اللصوص” المسؤولين.
وقرر رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، تعيين مسؤولين تكنوقراط وزراء في محاولة لتهدئة غضب المحتجين. لكن الفصائل لم تخطط للتخلي عن سلطتها. وبدلاً من ذلك، وجدوا مناصب في الإدارات الحكومية لأتباعهم، الذين قاموا بعد ذلك برشوة الوزراء ومضايقتهم. في مثل هذه الظروف، لم يكن هناك حوافز كافية لأي شخص ليحافظ على نزاهته.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى