أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

كيف يمكن تفعيل شعار مقاطعة البضائع الإيرانية؟

مراقبون: مقاطعة المنتجات الإيرانية علامة على الوعي الوطني العراقي وهي فرصة حقيقية لدعم المنتج المحلي من خلال إعادة تشغيل المصانع المعطلة

بغداد – الرافدين
تستمر حملات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي لمقاطعة السلع والمنتجات الإيرانية أطلقها مدونون وناشطون عراقيون منذ الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران مؤخرًا على أربيل شمالي العراق وراح ضحيته مدنيون بينهم أطفال.
ودعت غرفة التجارة في محافظة أربيل بكردستان العراق، المواطنين والتجار إلى مقاطعة المنتجات الإيرانية بعد الهجوم العنيف الذي شنته قبل أيام على المدينة.
ودانت الغرفة الاعتداء من قبل إيران على مدينة أربيل، داعية إلى مقاطعة المنتجات الإيرانية وعدم شرائها واستيرادها إلى كردستان العراق.
ويشارك في الحملات التي انطلقت تحت وسوم “قاطعوا المنتجات الإيرانية” و “خليها تخيس” آلاف الناشطين والمدونين والصحفيين والفاعلين في الرأي العام، بهدف زيادة الضغط والتأكيد على مقاطعة المنتجات الإيرانية التي تنتشر بكثرة في العراق.
واستقبل رواد مواقع التواصل العراقيين هذه الحملة بحماسة وتفاعل كبيرين، حيث انتشرت دعوات مكثفة على المواقع لتوسيع نطاق المقاطعة.
وقال المدونون ” مقاطعة المنتجات الإيرانية هي أقل واجب يقع على عاتق المواطن العراقي لأن رئة إيران الاقتصادية هي في السوق العراقية، ومقاطعتهم هو ردع شعبي بعيد عن التخاذل الحكومي”.
وأكدوا أن “حملة “خليها تخيس” ومقاطعة المنتجات الإيرانية يجب أن تستمر لتدرك طهران أن كيل العراقيين قد يطفح من حقدها واستهتارها وسياساتها وممارساتها اللامسؤولة”.
ولفت آخرون أن “جميع دعوات المقاطعة التي شهدها العراق منذ احتلاله عام 2003 كانت مؤقتة ولم تستمر طويلًا بسبب السياسات الحكومية المتبعة بتدمير الصناعة المحلية وتعطيل المصانع وإهمال الزراعة ودعم الفلاح العراقي وتأمين ما يحتاجه للزراعة والإنتاج الواسع وتوفير الحماية اللازمة لمنتجاته إلى جانب إغراق البلاد بالمنتجات الإيرانية”.
ويرى الكاتب عثمان المختار أن “مقاطعة البضائع الإيرانية عربيًا استحقاق أخلاقي وإنساني فمؤسسات الحرس الثوري تهيمن على جزء كبير من الاقتصاد والتجارة فعندما تشتري بضاعة إيرانية فتأكد أن جزء من قيمتها سيذهب للمجرمين المتورطين بدماء أهل العراق وسوريا واليمن”
وقال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين إن “حملات المقاطعة وبغض النظر عن مردودها، تعد علامة على وعي وطني عراقي عابر للتباينات الفئوية، وهي تشكل خطوة مهمة نحو تعزيز دور المجتمع ورفع صوته، إزاء ما تتعرض له البلاد من انتهاكات من قبل قوى إقليمية طامعة”.
وأكد الكاتب علي البيدر أن الحملات الداعية للمقاطعة تعبر ولا شك عن رد فعل شعبي لاستنكار ما جرى، وهي حالة إيجابية، لكن من حيث جدواها فمن الصعب أن تؤثر بشكل واسع على وجود المنتجات والبضائع الإيرانية في الأسواق العراقية الغارقة بتلك المنتجات، ولا توجد بدائل منافسة لها من حيث الأسعار، كونها بصفة عامة رخيصة مما يفسر إقبال المستهلكين عليها أكثر من غيرها.
وأضاف أن “هذه المبادرات تعد تعبيرًا عن موقف عاطفي من العراقيين على تعرض بلادهم لاعتداء خارجي، لكن المطلوب هو تكثيف الجهود نحو تحركات أكبر رسمية وشعبية، وبلورة حلول دبلوماسية تحفظ سيادة العراق وتمنع انتهاكها من قبل بعض الدول”.
وتغزو المنتجات الإيرانية الغذائية والصناعية الأسواق والمحلات العراقية بشكل ملفت، حيث دخلت إيران بعد عام 2003 الأسواق العراقية بقوة، وعملت على تصدير كل منتجاتها.
وتتوفر في العراق كل المقومات لكي يصبح بلدًا صناعيًا وليس استهلاكيًا، ولكن غياب الخطط التنموية المبنية على أساس علمي سليم للنهوض بالقطاع الصناعي وتأهيل المعامل الحكومية، إضافة إلى إنشاء معامل جديدة تتناسب مع حجم البلاد وإمكانياتها أدى إلى اعتماده على المنتجات المستوردة على الرغم من أن المؤسسات الوطنية قادرة على تغطية السوق بكثير من المنتجات العراقية التي تضاهي بل وتتفوق على نظيرتها الأجنبية المستوردة لكن غياب الدعم الحكومي تسبب بشلل كبير لكل تلك المؤسسات.
وأكدت تقارير صحفية عن مسؤولين حكوميين، أن نسبة المعامل التي خرجت عن الخدمة يفوق الـ 80 بالمائة في مختلف القطاعات.
وأرجعت التقارير حالة العجز المزمن في إعادة عمل المصانع إلى دوافع سياسية تقف وراء منع إحياء الصناعة العراقية لضمان استمرار عمليات الاستيراد، وخاصة من إيران.
وبحسب بيانات وزارة الصناعة في حكومة بغداد، فإن أكثر من 18 ألف مصنعًا ومشروعًا صناعيًا توقّف عن العمل بعقد 2003، بعد أن كانت تلبّي حاجة الأسواق المحلية فضلًا عن تصدير بعض منتجاتها إلى الخارج.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور صباح علو في مداخلة له على قناة الرافدين “من المعلوم أن العراق في الوقت الحالي لا يمكن له تغطية متطلبات السوق إلا من خلال الاستيراد من دول أخرى ولكن من الممكن خلال فترة قصيرة استعادة العمل في العديد من المصانع لدعم الأسواق بالمنتج العراقي فالكوادر ومقومات الصناعة موجودة ولا تحتاج سوى قرار سياسي من الحكومة”
وأكد علو أن “حملة مقاطعة البضائع الإيرانية تمثل فرصة حقيقية لدعم المنتج المحلي وذلك من خلال إعادة تشغيل المصانع المعطلة”.
ويرى باحثون ومراقبون أن السياسات الفوضوية للحكومات المتعاقبة حالت دون توفير البدائل المناسبة للمواطن العراقي فالمنتج المحلي القليل المتواجد في الأسواق ليس بأسعار تنافسية، بل أعلى وأحيانًا بأضعاف من المنتجات المستوردة لغياب الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وأكدوا أن سلاح المقاطعة وسيلة شعبية مهمة تحتاج إلى دعم من كافة شرائح المجتمع لإنجاحها وجعلها إداة ردع للانتهاكات الإيرانية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى