أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

خطر متنام يهدد سلامة المسافرين في الأجواء العراقية

تقاطع مسارات الطيران المدني مع مسارات الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى إلى جانب تصدي غير أهل الاختصاص للمسؤولية يعرض أرواح المسافرين في أجواء العراق لمخاطر جمة.

بغداد – الرافدين

أجمع مختصون في الملاحة الجوية وحركة النقل الجوي على ارتفاع وتيرة المخاطر المحدقة بأرواح المسافرين في الأجواء العراقية جراء ضعف المراقبة وغياب التنسيق في ظل وجود عدد كبير من الطائرات المسيرة التي تتداخل مساراتها مع مسارات الطيران المدني.
وحذر المختصون من احتمالية وقوع حوادث طيران مميته جراء غياب السيادة على الأجواء العراقية جراء الخروقات اليومية للطيران المسير الإيراني والأمريكي دون التنسيق مع السلطات المختصة عن حركة الملاحة في العراق.
ويعزز توقف حركة الملاحة في مطاري أربيل وبغداد في الأسابيع الماضية من هذه المخاوف بعد الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى التي نفذتها إيران وميليشياتها في العراق.
ويؤكد عضو لجنة النقل النيابية النائب كاروان علي، على هول مايحدث في سماء العراق من مخاطر جمه تهدد امن الطيران بشكل عام بعد رصده مشاهدات مثيرة سجلها خلال تواجده في مقر الملاحة الجوية.
وقال أنه “زار قبل أيام مقر الملاحة الجوية في بغداد للاطلاع على طبيعة الاعمال وما هي الاحتياجات خاصة وأنها تشكل محورًا فعالا وستراتيجيا في تأمين حركة المسارات الجوية وتفادي مخاطر أي حوادث كارثية”.
وأضاف، أنه “لفت انتباهه تحركات المراقب الجوي وهو يتعامل مع 6 خروقات للاجواء في كردستان العراق خلال ثوان وهي طائرات عسكرية وأخرى مسيرة دخلت الأجواء دون موافقة رسمية من السلطات الاتحادية”.
ولفت النائب كاروان علي إلى أنه “تفاجأ بأن ما يسجل يوميًا من خروقات رقم هائل وكبير ما يعني أننا أمام مخاطر جمة جراء ما يحدث من خروقات للأجواء”.
وأشار إلى أن “الخطر الآخر يتمثل بإطلاق الدرونات في السماء والمسيرات المجهولة والتي تتقاطع بعضها مع مسارات الطائرات المدنية في حركة النقل بين المحافظات وهذا الأمر بالغ الخطورة ويمثل ضغطًا كبيرًا على الملاحة في تفادي أي حوادث”.
بدوره دعا عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق أيوب الربيعي، إلى مكاشفة العراقيين حول ملف المسيرات وتقاطعها مع حركة الطيران وما يترتب رعلى ذلك من مخاطر على المسافرين والأجواء العراقية.
وقال الربيعي إن “السؤال الذي يطرحه العراقيون الآن من هي الجهة المسؤولة عن تلك المسيرات وماهي أهدافها وكيف اخترقت الأجواء وهل تدار من قبل أعداء أم أصدقاء”.
وأشار إلى أن “هناك قلقًا حقيقيًا من أن تكون هناك حرب مسيرات في سماء البلاد في ظل محدودية قدرات العراق في إسقاط بعض أنواعها”.

مسارات الرحلات الجوية مهددة بتحولها إلى مسارات موت محتم لتداخلها مع الطيران المسير

وتتهم السلطات الحكومية إلى جانب صمتها وتقصيرها بالتواطؤ في تحويل أجواء العراق إلى مصدر تهديد لأرواح المسافرين بعد تغاضيها عن نقل السلاح بالطائرات المدنية إلى سوريا ولبنان.
وكشف قرار العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على شركة “فلاي بغداد” للنقل الجوي التي يمتلكها زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم بعد تورطها بنقل الأسلحة شيئًا مما يجري في الخفاء من تهديد لأرواح المسافرين.
وإلى جانب نقل الأسلحة وتهريبها بالطائرات المدنية الذي أكدته تصريحات سفيرة الولايات المتحدة في العراق ألينا رومانوسكي فإن ضعف الأمن في المطارات العراقية وعدم تولي أهل الاختصاص لمسؤولياتهم لاسيما الشركات الأمنية المكلفة بحماية المطارات زاد من فرص حصول مثل هذه الثغرات.
وتبين مصادر مطلعة أن شركة “بزنس إنتل” المعنية بتوفير الأمن والسلامة في المطار بعد أن تولت مهامها بموجب عقد مبرم في تشرين الأول من عام 2022 جاءت بعد أن أقصت سلطة الطيران المدني الحكومية شركة الأمن البريطانية “جي فور إس”.
وكان إقصاء هذه الشركة مثيرًا للجدل، إذ تعد واحدة من أكبر شركات الأمن في العالم وحرست المطار لمدة 12 عامًا.
وكانت شركة “بزنس إنتل” وقت التعاقد معها مسجلة في ولاية أونتاريو وفقا لسجلات الأعمال الكندية، وأدرجتها مواقع بحث تابعة لجهات ثالثة كشركة سياحية أو شركة إلكترونيات.
ويتضمن سجل عمل الرئيس التنفيذي للشركة الأفغاني حفيظ أوكي بيع شراشف أسرّة ومناشف للفنادق وإدارة منظمة مدنية متخصصة في توفير الأطراف الصناعية في مدينة قندهار الأفغانية في تسعينات القرن الماضي.
وليست هذه الجزئية الوحيدة التي تمثل تقصير سلطة الطيران في اختيار غير المختصين في تأمين المطارات وحركة الملاحة الجوية بعد أن سجل مختصون خروقات عديدة على شاكلة شركة “بزنس إنتل” ومديرها التنفيذي.
وسبق أن حذر النائب عامر عبد الجبار من استمرار مسلسل الحوادث والخروقات في المطارات العراقية وتعرض الأجواء العراقية إلى مزيد من العقوبات من منظمة (ICAO) بسبب عدم إلتزام العراق بقوانين السلامة الدولية.
وطالب النائب من رئيس وزراء حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالتدخل لإنهاء أمر تكليف رئيس سلطة الطيران المدني لكونه ليس من ذوات الاختصاص ولم يعمل يومًا واحدًا في قطاع الطيران المدني.
وطالب النائب الذي شغل منصب وزير النقل في فترة سابقة أيضًا بالنظر في تكليف مدير قسم السلامة المهنية بسبب صدور عقوبات بحقه كونه المتسبب الرئيس بحظر شركة الخطوط الجوية العراقية.
وتدلل هذه الشهادات المتواترة على وجود خطر كبير في المطارات وفي حركة الملاحة ناجم عن تقصير وتهاون وسوء إدارة إلى جانب تصدي غير المختصين للمسؤولية ممن ينظرون للأمر من زاوية ربحية لا تضع في الحسبان سلامة المواطن وأمنه.

مطار كربلاء القريب من مطار النجف شاهد على عشوائية إدارة ملف النقل الجوي في البلاد وهيمنة المتنفذين

ويمثل اختيار موقع مطار كربلاء الذي لا يفصل بينه وبين مطار النجف إلا نحو 50 كلم، وهي مسافة قصيرة للغاية في الحسابات الهندسية ويمكن قطعها في نصف ساعة فقط في السيارة، مثالًا حيًّا على تحكم وهيمنة المتنفذين بالمطارات وحركة الملاحة.
ويؤكد خبراء أن اختيار موقع مطار كربلاء تسبب بتداخل المسارات الجوية جراء قرب المطارين إلا أن العتبات الدينية التي يتزعمها علي السيستاني لم تبال بالأمر بعد أن دفعت شركاتها لتولي إنشاء هذا المطار.
وسبق أن أكد محافظ كربلاء المقال عقيل الطريحي في مقابلة تلفزيونية له على فساد مشروع مطار كربلاء والذي جرى الاتفاق على إنشائه دون موافقات الوزارات المختصة ومنها وزارة النقل.
وكشف الطريحي خفايا ملف مطار كربلاء الدولي وكيف نقل إلى العتبة الحسينية وكلفت به شركة “خيرات السبطين” التابعة لها والتي لا علاقة لها ببناء المطارات وأخذته كمشروع استثماري تعود إليها أرباحه.
ويقول مختصون إن دوافع إنشاء المطار تنافسية إلى حد ما، نظرا لرغبة كربلاء في الحصول على مطار على غرار ذلك الذي تملكه مدينة النجف، التي تضم مرقد الإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.
وتحت الضغط، أقر مكتب السيستاني خطة تنفيذ مطار كربلاء، لكن وسطاء سهلوا حصول شركة مشبوهة على العقد.
وذكرت مصادر إعلامية أن “4 رجال أعمال عراقيين أسسوا شركة باسم (البعد الرابع)، ثم شركة أخرى في لندن، ليدخلوا بهما المنافسة على عقد إنشاء مطار كربلاء، وحصلوا عليه بالتواطؤ مع شخصيات من أحزاب طائفية مؤثرة، أبرزهم عبد الحليم الزهيري، القيادي في حزب الدعوة، بعد أن حصلوا على تسهيلات كبيرة من الحكومة آنذاك”.
وأضافت أن “ائتلاف الشركات، الذي حصل على عقد التنفيذ، تسلم 40 مليون دولار نقدا من الجهة الممولة لتغطية مرحلة إعداد التصاميم، التي تبين أنها تصاميم محلية لا تلبي الاحتياجات الأساسية التي دعت إلى إنشاء المطار”.
وبعد مماطلة وشد وجذب، تدخل مكتب السيستاني مطالبا بإلغاء العقد مع الشركات المنفذة، وهو ما حدث فعلًا في وقت لاحق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى