أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

النفايات قنابل سامة تسد رئات المدن العراقية

عراقيون يتذمرون من الروائح الكريهة التي تحاصر منازلهم إثر الحرق المستمر لمكبات الطمر غير الصحي، ويصفونها بروائح فساد الحكومة.

بغداد- الرافدين
تسد “قنابل سامة” دائمة الانفجار رئات المدن العراقية من دون استثناء عندما تنتشر مكبات الطمر غير الصحي للنفايات في أماكن عشوائية قريبة من المناطق السكنية في كل المدن العراقية.
وتتنصل الدوائر الحكومية من دورها في جمع النفايات بطرق سليمة، الأمر الذي ينعكس على الواقع الصحي والبيئي ويجعل من مكبات الطمر غير الصحي بمثابة “قنابل سامة” دائمة الانفجار في الأحياء والضواحي داخل وخارج المدن العراقية.
وقال الخبير البيئي، رمضان حمزة، إن “النفايات في العراق حالها كحال باقي الملوثات سواء المنزلية أو الصناعية بأنواعها الصلبة والسائلة والغازية، وتكمن خطورتها في الغازات المنبعثة منها أو الأدخنة الناتجة عن حرقها والملوثة لجو المنطقة الموجودة فيها”.
وأضاف، كما “تكثر في هذه المواقع الحيوانات والجرذان والكلاب السائبة الملوثة وقد تدخل إلى بيوت الساكنين قربها، لذلك هي خطيرة جداً وأشبه بـ(القنابل النووية) لنقلها الأمراض وتسببها بالتلوث”.
وأوضح أن “مواقع الطمر كانت في السابق بعيدة عن مراكز المدن، وكانت هناك ساحات خضراء تفصل بينها وبين المدن، لذلك كان شعور الإنسان بها قليلاً، لكن بعد الزيادة السكانية والحروب والتغييرات الديموغرافية توسعت المناطق الهامشية وأصبحت جزءاً من نسيج المدينة وبدأ فيها إنشاء مشاريع سكنية، أما مواقع الطمر الصحي فقد بقيت في مكانها، لذلك أصبحت قريبة من المدن ما شكل مصدر خطر على الساكنين”.
وسبق وأن أعترف زياد العطواني مستشار رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بوجود أطفال وكبار سن يعتاشون على النفايات في مواقع الطمر الصحي وسط بيئة ملوثة جدا.
وقال إن مفوضية حقوق الإنسان باشرت بإجراء زيارات ميدانية لمواقع الطمر الصحي للتقصي عن الواقع الإنساني للقاطنين فيها من الذين هم دون مستوى خط الفقر، مبينا أن الكثير من الأطفال وكبار السن يعتاشون على نبش مخلفات هذه المواقع من نفايات ومواد بلاستيكية.
ودعا سكان قضاء أبو غريب في بغداد السلطات الحكومية لإبعاد مواقع الطمر الصحي عن المناطق السكنية.
وقال عدد من سكان القضاء إن مناطقهم سجلت إصابات بأمراض جلدية وتنفسية خطيرة بسبب استنشاق الغازات السامة.
ويقول مواطنون إن السلطات البيئية والصحية لم تتفقد مواقع الطمر القريبة من المنازل رغم تكرار المناشدات التي أدى إهمالها لانتشار أمراض خطيرة من بينها الجرب.
وسادت حالة من الغضب لدى سكان المجمعات السكنية في محافظة النجف بسبب الآثار المدمرة لعمليات حرق النفايات في الطمر الصحي القريب منها.
وطالب السكان بوضع حد لوجود مواقع الطمر الصحي بالقرب منهم حيث ترمي السيارات النفايات ويتم حرقها لليلا ويغطي الدخان سماء مناطقهم بالكامل. ناهيك عن الروائح الكريهة التي بدأت تزداد حدتها مؤخرًا وتؤثر على صحة العوائل.
وقال يحيى الموسوي إن “مناطق الطمر الصحي والنفايات والمخلفات التي نشاهدها يوميًا في مدينة النجف تنقل وتعزل وتوضع في أماكن غير مخصصة للطمر الصحي، من شأنها إحداث تداعيات خطيرة، حيث يجب ان تكون المخلفات في معامل تدوير او مناطق امنة لا تتسبب بنتائج تؤثر على الصحة العامة”.
وأضاف أن “مناطق الطمر الصحي غير نظامية وتشترك بها عدة دوائر وقدمنا توصيات للبلديات والبيئة بهذا الخصوص”.
وتسبب احتراق نفايات الطمر الصحي في محافظة صلاح الدين، بحالات اختناق بين سكان المحافظة.


رمضان حمزة: النفايات في العراق حالها كحال باقي الملوثات سواء المنزلية أو الصناعية بأنواعها الصلبة والسائلة والغازية، وتكمن خطورتها في الغازات المنبعثة منها أو الأدخنة الناتجة عن حرقها والملوثة لجو المنطقة الموجودة فيها

وذلك نتيجة تعرض الطمر الصحي بمدينة بيجي إلى احتراق مما تسبب بحالات اختناق نقلوا على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وذكرت مصادر في بلدية محافظة واسط، أن كمية النفايات والأنقاض المنقولة يوميًا إلى موقع الطمر الصحي عند طريق بدرة شرقي واسط، تتراوح بين 350 و400 طن.
وأضافت المصادر أن موقع الطمر لم يعد ملائمًا بسبب زحف المناطق السكنية نحوه، وللتخلص من أكوام النفايات تلجأ البلدية لحرق كميات كبيرة من النفايات الأمر الذي يضاعف المخاطر الصحية والبيئية التي يتعرض لها سكان واسط من جراء الانبعاثات الكيمياوية والأدخنة السامة.
وسجلت محافظة ذي قار جنوب العراق، العشرات من حالات الاختناق تعرض لها المواطنون جراء حرائق مكبات الطمر الصحي.
وذكرت مصادر طبية أن مستشفيات المحافظة لا يزال فيها العديد من المصابين بأمراض تنفسية من دون أي تحسن في حالتهم.
وكشفت مديرية بيئة محافظة ذي قار عن تقديمها دعوى قضائية بحق بلدية الناصرية بسبب استمرارها العمل بموقع الطمر الصحي على الرغم من إغلاقه من قبل بيئة المحافظة.
ويعزو باحثون بيئيون الوضع البيئي الكارثي في العراق إلى نظام اللا دولة في العراق.
ويرون أن النظام السياسي يتجاهل مسؤوليته في التصدي لتداعيات التغير المناخي المدمر، واستنزاف الموارد الطبيعية وتلوث الهواء والتربة.
وقال الباحث العراقي المختص بالبيئة حيدر معتز محي إن “تأثير حرق النفايات في الهواء الطلق يتركز على السكان المحيطين في المنطقة، كما أن حرق النفايات الطبية والمنزلية يشكل خطرًا كبيرًا على البيئة، إضافة إلى أنه يزيد من الإصابة بأمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو وانتفاخ الرئة ويسبب الطفح الجلدي وقد يسبب الغثيان”.
وأضاف أن “تطبيق عملية إعادة التدوير في أي منطقة أو بلدية، يعتمد على أمور معينة مثل توفر المساحة والخدمات اللوجستية الأخرى وحملات التوعية، وهذه العناصر تعتبر عناصر أساسية من أجل إعادة التدوير”.
وأكد على أن “من الممكن تفعيل عملية الطمر الصحي في العراق بإيجاد المساحة وأماكن طمر رئيسية، عبر الاستفادة من تجارب الدول الأوروبية والدول المجاورة بهذا الخصوص”.
ويشير الخبير البيئي محمد إبراهيم إلى أن “حرق النفايات إجراء خاطئ، لأنها سوف تولد مركبات سامة، كما أن الغازات الناتجة عن الاحتراق تؤثر على ظاهرة الاحتباس الحراري، فضلا عن أنها تولد ثنائي أكسيد الكاربون، مما يؤدي ذلك إلى تلوث البيئة والمياه”.
وقال إن “عملية الطمر في جميع أنحاء العالم فاشلة، لأن طمر النفايات في الأرض تحتاج إلى آلاف السنين لكي تتحلل، كما أنها تحتاج مساحة كبيرة من الأرض، وبالتالي خسارة الأرض التي تدفن أو ترمى فيها الفضلات، لأنها سوف تتلوث ومكوناتها تتغير وتصبح غير صالحه للزراعة أو للاستخدام البشري، لذا فعملية التدوير هي الخيار الأمثل وإن كانت تحقق مكاسب اقتصادية بسيطة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى