أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار “حافظت” على موقع العراق في ذيل قائمة الشفافية الدولية

تجاوز إجمالي الأموال المنهوبة من خزينة الدولة في العراق 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء الحكومية، العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.

بغداد- الرافدين
تذيل العراق قائمة الشفافية الدولية وجاء في المرتبة 154 من بين 180 دولة، حيث لم يتغير موقعه منذ عام 2021 بين أكثر ثلاثين دولة فاسدة على مستوى العالم.
وعلى المستوى العربي تقدمت على العراق دول الصومال وسوريا والسودان واليمن وليبيا وأريتريا كأكثر الدول العربية فسادًا.
وذكرت منظمة الشفافية الدولية في تقرير لها، أن “الدنمارك حصلت على المرتبة الأولى بأقل دول العالم فسادا وأكثرها شفافية بـ 90 نقطة، بينما حصل العراق على 23 نقطة.
وتصدر المنظمة تقريرًا سنويًا حول الفساد، وهو تقييم على مقياس من صفر إلى 100 يصنف الدول من الأكثر إلى الأقل فسادًا، ويستند التقرير على بيانات تجمعها المنظمة من 13 هيئة دولية منها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.
وتجاوز إجمالي الأموال المنهوبة من خزينة الدولة في العراق 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء الحكومية، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.
ووفقًا للمؤشر، سجل أكثر من ثلثي الدول أقل من 50 من أصل 100، مما يشير بقوة إلى أنها تعاني من مشاكل فساد خطيرة. فالمتوسط العالمي عالق عند مستوى 43 فقط، في حين أن الغالبية العظمى من الدول لم تحقق أي تقدم أو تراجعت في العقد الماضي. علاوة على ذلك، تراجعت 23 دولة إلى أدنى درجاتها حتى الآن هذا العام.
ويأتي تقرير منظمة الشفافية الدولية بعد أيام من كشف صحيفة الغارديان البريطانية أن الموظفين العاملين لدى الأمم المتحدة في العراق يطالبون برشى مقابل مساعدة رجال الأعمال في الفوز بعقود في مشاريع البناء.
وتعد العمولات واحدة من أركان الفساد وسوء الإدارة التي كشفت عنها الصحيفة البريطانية في تقرير “التمويل لتحقيق الاستقرار”، وهو مخطط لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تم إطلاقه في عام 2015 ويحظى بدعم مقداره 1.5 مليار دولار من 30 جهة مانحة، بما في ذلك المملكة المتحدة.
ومنذ احتلال العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، ضخ المجتمع الدولي مليارات الدولارات إلى العراق بما فيها أموال العراق من تصدير كميات كبيرة من البترول. وبعد مرور عشرين عامًا، لا تزال البلاد تعاني من ضعف الخدمات والبنية التحتية، على الرغم من كونها رابع أكبر منتج للنفط في العالم وحققت عائدات نفطية قياسية بلغت 115 مليار دولار في العام 2023.
ويوُصِف الفساد والعمولات على أنها “شريان الحياة للسياسة في العراق”، ولهذا السبب تنفذ الأمم المتحدة مشاريع بشكل مباشر، وتعد بمزيد من الشفافية مقارنة بالمؤسسات المحلية.
ووجدت صحيفة “الغارديان” أن موظفي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي طالبوا برشى تصل إلى 15 بالمائة من قيمة العقد، وفقًا لثلاثة موظفين وأربعة مقاولين. وفي المقابل، يساعد الموظف المقاول على التنقل في نظام العطاءات المعقد التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لضمان اجتياز عملية التدقيق.
وأشارت المقابلات التي أجريت مع أكثر من عشرين من موظفي الأمم المتحدة الحاليين والسابقين والمقاولين والمسؤولين العراقيين والغربيين، إلى أن الأمم المتحدة تغذي ثقافة الرشوة التي تغلغلت في المجتمع العراقي منذ الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين في عام 2003.
ويحصل المسؤولون الحكوميون الذين عهد إليهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإشراف على مشاريع البناء، على حصة أيضًا.
وقال مقاولون وموظفو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذين أشرفوا على المشاريع إن المسؤولين استخدموا تلك السلطة “لابتزاز” الشركات مقابل التوقيع على المشاريع المكتملة. وقال اثنان من المقاولين للصحيفة إنهما أُجبرا على دفع مثل هذه المدفوعات.
وسبق أن تحولت توصيات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بشأن مكافحة الفساد، إلى موضع تهكم وتندر وسخرية في الشارع العراقي، وتساءل عراقيون “ماذا حل بوعود إعادة أموال سرقة القرن التي تعهد بها السوداني بعد إطلاق سراح لصوصها، فيما يضع رئيس حكومة الإطار التنسيقي 7 توصيات بشأن مكافحة الفساد”.

دلالة الصورة أكبر من التعليق

وأعترف السوداني بأن الفساد أصبح عاملاً محدِّدًا لجميع خطط التنمية، وأنّ الخسارة الكبرى تتمثل في تسبب الفساد بفقدان الشعب الثقة التامة بمؤسسات الدولة والنظام السياسي.
وأشار إلى أن تأليف لجان تحقيقية مع المسؤولين من المستويات كافة، عند طلب الجهات المعنية بمكافحة الفساد، وهذا الأمر كان من الأسباب المعطِّلة لحسم القضايا أمام المحاكم.
وكشفت عضو لجنة النزاهة النيابية سروه عبد الواحد، عن خسارة لأكثر من 21 مليار دولار سنويًا جراء فرق العملة.
وقالت يخسر العراق سنوياً 21 مليار دولار جرَّاء فرق العملة، وهذه أكبر سرقة واضحة في تأريخ البلاد، في وقت تعجز الحكومة والبنك المركزي عن السيطرة على السوق الموازي، أو لا يرغبان بذلك.
‏وأشارت إلى أن” نفط العراق يتم بيعه بالدولار، والحكومة والبنك المركزي تحسب كل 100 دولار بـ 132 ألف دينار، ففي فرق العملة لبيع النفط فقط يخسر العراق أكثر من 21 مليار دولار، وهناك مبالغ مشابهة في فرق العملة، والمستفيد الوحيد أحزابٌ وشركاتٌ ومصارفُ تابعة للشخصيات المتنفذة.
‏ولفتت إلى أن” البرلمان في فصله التشريعي الجديد عليه أن يضع حداً لكل هذه السرقات العلنية، وسنعمل على استضافة جميع الجهات المسؤولة؛ لنخرج بحلول جذرية”.
يأتي ذلك في وقت كشف تحقيق تلفزيوني مصور لمجلة “إيكونوميست” البريطانية عن ضلوع سبعة فصائل مرتبطة بالأحزاب والميليشيات الحاكمة في العراق في سرقة القرن التي تم فيها نهب 2.5 مليار دولار من أموال الضريبة في العراق.
وذكرت المجلة في التحقيق المصور الذي أجراه مراسلها في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، أن لصوص الدولة يتقاتلون في ما بينهم في العلن، لكنهم يعملون معا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والطائفية.
ويقول كاتب التحقيق في مجلة “إيكونوميست” عندما زرت العراق؛ مررت بجوار قصر نور زهير في المنصور، المتهم الرئيسي في سرقة القرن الذي تم إطلاق سراحه من قبل حكومة السوداني، وكانت الأضواء مضاءة.
وافرجت حكومة السوداني عن نور زهير أحد المتورطين بالقضية بالتعاون مع ميليشيا بدر التي يرأسها هادي العامري.
وجاء الافراج بكفالة مقابل إعادة باقي الأموال المسروقة في غضون اسبوعين، لكنه اختفى بعد ذلك.
وتهكمت مجلة “إيكونوميست” بطريقة أن العراق يعيش مسرحية الديمقراطية، فعلى الرغم من أن المشهد العام يبدو على ما يرام، بوجود هيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الأعلى ولجنة الأخلاقيات البرلمانية، فإنه يفتقر إلى المصداقية والموثوقية.
ونقلت المجلة عن أحد المسؤولين السابقين قوله إن البلد بمثابة “أرض للعصابات”. غالبا ما تستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب.
وقال الباحث السياسي في “ذي سنتشري فاونديشن” سجاد جياد إن سبعة فصائل من مختلف الأطياف قد حصدت مكاسب من سرقة القرن: المدعومون من إيران، والمدعومون من الولايات المتحدة، وأنصار الوضع الراهن، وكل الفصائل تستفيد من مخططات الفساد.
وأضاف “هؤلاء المعارضون يقاتلون بعضهم البعض في العلن لكنهم يعملون سويا لإثراء أنفسهم، بغض النظر عن المواقف السياسية والأيديولوجية”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى