أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

الفلاحون يهاجرون ومساحة التصحر تكبر والحكومة لاهية!!

تزايد هجرة الفلاحين إلى المدن مع تراجع المساحات المزروعة في العراق وانعدام الدعم الحكومي والجمعيات الفلاحية تحمل حكومة الإطار مسؤولية ملف المياه.

بغداد – الرافدين
أدت السياسات الحكومية غير المسؤولة لملف المياه إلى تراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف وسط أزمة الجفاف التي تعصف بالبلاد للسنة الخامسة على التوالي، ما خلف تداعيات خطيرة كان أبرزها اضطرار كثير من الفلاحين هجرة مناطقهم تجاه المدن.
وتشير تقارير إلى تجاهل حكومة الإطار التنسيقي تحذيرات المنظمات الدولية من استمرار العمل على طرق الري القديمة متهمة إدارة الموارد المائية بعدم الكفاءة في التعامل مع موارد المياه المتناقصة بشكل متسارع.
وحمل اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حكومة الإطار التنسيقي مسؤولية ملف المياه لتقصيرها في إدارته مع الدول المشتركة وعدم دعمها طرق الري الحديثة.
وقال عضو الجمعيات الفلاحية علي اللامي إن “الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها عجزت عن وضع الحلول لملف المياه، إذ إنها لم تستطع الحصول على حقوق العراق من المياه من دول الجوار، بل تخلت عنها بشكل واضح، وهو ما تسبب بأزمة المياه وتراجع الزراعة بشكل كبير”.
وأضاف أن “الحكومة لم تبحث عن معالجات أخرى، ولم توفر منظومات ري ومرشات حديثة، وهي تقنيات مهمة من الممكن استخدامها في السقي ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه”.
وشدد على أن “عدم دعم هذا الجانب، وعدم حل الملف مع الدول المجاورة لا شك أنه سيفاقم الأزمة وتنتج عنه مشاكل بين المزارعين والمحافظات التي تسعى كل منها للحصول على استحقاقها من المياه”.
ويخسر العراق سنويًا أكثر من 100 كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية بسبب أزمة الجفاف وتداعيتها، في ظل التجاهل الحكومي للأزمة، وعدم اعتمادها على السياسات التي تحقق النمو المستدام والازدهار الداخلي في البلاد، إذ تصنف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي.
ويعاني نحو 60 بالمائة من الفلاحين في عديد من المحافظات العراقية جراء تقليص المساحات المزروعة وخفض كميات المياه المستخدمة، وفقا لاستطلاع أجرته منظمة المجلس النرويجي للاجئين غير الحكومية، داعية السلطات إلى إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وذكر تقرير المنظمة بأن نحو 70 بالمائة من المزارعين الذين شملهم المسح يستخدمون الري بالغمر، وهي طريقة تعتبر على نطاق واسع الأكثر استهلاكا للمياه وغير مناسبة للمناطق المعرضة للجفاف الموسمي.
وسبق أن بين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في العراق، أن المزارعين بحاجة إلى المساعدة للتكيف مع الظروف المتغيرة، من خلال تدابير مثل اعتماد أصناف محاصيل مقاومة للجفاف وأنظمة ري أنسب، وأن تزايد الهجرة المرتبطة بالمناخ واضح بالفعل.
وقال الخبير البيئي، حاتم إبراهيم، إن “العراق يواجه موجة تصحر خطيرة تهدد مستقبل الأجيال القادمة، وتنذر بكارثة بيئية وصحية لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال”.
وأكد أن “نحو 70 بالمائة من مساحة العراق الصالحة للزراعة مهددة بالتقلبات المناخية وعرضة للتصحر خلال فترة لا تتجاوز السنتين إذا بقي الوضع المائي في العراق على ما هو عليه”.
وتعتبر محافظات ميسان وواسط وذي قار، من أكثر محافظات العراق تضررا، وتليها محافظات ديالى ونينوى والأنبار، والتي سجلت هجرات واسعة من القرى إلى مراكز المدن خلال الفترة الأخيرة.
وأقرت دائرة الهجرة في ذي قار، بنزوح أكثر من 10 آلاف عائلة بسبب الجفاف والتصحر الذي كان من تداعيات التغير المناخي.
وبحسب تقارير دولية سابقة، شهدت مناطق الأهوار نزوحًا متزايدًا وصل إلى 70 بالمائة من مجموع السكان، بعد أن تعرضوا لخسائر كبيرة دفعتهم للبحث عن مصادر اقتصادية جديدة.
وتشهد محافظة الأنبار نتيجة الجفاف وتدهور القطاع الزراعي تزايدا في هجرة الفلاحين من المناطق الريفية مع انعدام الدعم الحكومي.
وقال قائممقام قضاء الرطبة غربي محافظة الأنبار عماد الدليمي، “من أهم أسباب انهيار الواقع الزراعي في المناطق الغربية انعدام الدعم الحكومي المقدم للمزارعين وشحة المياه والقيود المفروضة على حركة المزارعين من منطقة الى أخرى، بالإضافة الى ان نسبة الأمطار في الموسم الحالي غير المشجعة للنهوض بواقع الزراعة الديمية دعا عديد من المزارعين إلى هجرة مهنة أبائهم وأجدادهم والتوجه صوب المدن”.
وأضاف أن “الموسم الزراعي الحالي لا يبشر بخير في ظل غياب الخطط الاستراتيجية وبقاء الحال على ما هو عليه، وقلة المياه في الأنهر الرئيسية أجبرت الفلاحين على مغادرة مناطقهم الزراعية”.
وأوضح أن “وزارة الزراعة مطالبة وبشكل عاجل بوضع الحلول للحد من النزوح الجماعي للفلاحين وهجرة أراضيهم وإعادة تنظيم الحصص المائية وإدخال تقنيات الري الحديث وحفر الآبار واستخراج المياه الجوفية واستثمارها بشكل علمي مدروس للحفاظ على الثروة الزراعية والحيوانية”.
ويطالب مراقبون بزيادة الدعم الحكومي للفلاحين في ظل الأزمة المستمرة الأمر الذي قد يخفف الضرر عليهم ويقلل من نسب هجرتهم.
وكان الاتحاد المحلي للجمعيات الزراعية التعاونية في البصرة قد أكد ضرورة الدعم الحكومي بما في ذلك تعويض المحاصيل المدمرة للمزارعين كي يبقوا في أراضيهم، مبينا أن عدم توفير ذلك قد يضر بالاقتصاد العراقي بشكل عام إذا تخلى المزارعون عن أراضيهم واحتاجت البلاد إلى استيراد المزيد من الغذاء.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى