426 عامًا بالسجن على قائد فلسطيني
مسلة داود الفرحان: يتذكر التاريخ الفلسطيني بأسى شديد قادة منظمة التحرير الفلسطينية ونجومها الذين اغتالهم الموساد الصهيوني وعلى مر الزمن في عواصم العالم شرقًا وغربًا، ومن تلك الأسماء اللامعة الأديب والصحفي الراحل غسان كنفاني الذي زرته في عام 1967 في جريدة “المحرر” التي كان يتولى رئاسة تحريرها، وكانت واحدة من أقوى الصحف اللبنانية إلى جانب “الأنوار” و “النهار” و “الحياة” حين كانت بمستوى الصحف المصرية “الأهرام” في زمن محمد حسنين هيكل و “أخبار اليوم” في زمن مصطفى وعلي أمين. وكان غسان كنفاني قد اغتيل في سيارته بعبوة ناسفة في عام 1972 في بيروت.
وفي سنوات مختلفة أخرى قامت إسرائيل باغتيال القائد العسكري الفلسطيني البارز زهير محسن، وهو زعيم منظمة الصاعقة ورئيس الدائرة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1979، وفي نفس العام تم اغتيال القيادي في الجبهة الشعبية وديع حداد في أحد فنادق ألمانيا الشرقية عن طريق السم بإحدى قطع الشوكولاتة كان يفضلها. وشهد عام 1991 في تونس مجزرة عنيفة ذهب ضحاياها الشهداء صلاح خلف وخليل الوزير وكمال عدوان وأبو يوسف النجار وهايل عبد الحميد وغيرهم من الصفوف المتقدمة في منظمة التحرير.
ومن قادة الفصائل الفلسطينية تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين في عام 2004 وهو داعية ومجاهد ومن أعلام الدعوة الإسلامية في فلسطين ومؤسس ورئيس أكبر جامعة إسلامية في غزة ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في غزة أيضًا وزعيمها حتى وفاته.
لم يكن القادة العسكريون الجهاديون في غفلة من أمورهم أو لا يتوقعون غدر الموساد الصهيوني، وهم في فنادق مفتوحة لكل من هب ودب في أي بلد سياحي أو غير سياحي مثل تونس أو باريس، لكن أوان أقدارهم كان في انتظارهم… رحمهم الله.
كل تلك الأسماء المضيئة الى الأبد في مصاف نضال تلك الفترة الحماسية التي تتباهى بها الأمم والشعوب، ونحن اليوم أمام مناضل من حديد هو يحيى السنوار الذي عايش كل السجون الإسرائيلية، وهو شخصية توصف بأنها “براغماتية” أي واقعية. ويركز الشخص البراغماتي على تحقيق أهداف مفيدة واضحة وتنفيذ إجراءات ملموسة، ويمكن أن نقول: البراغماتية مفهوم في علمي النفس والاجتماع.
وتساءلت الإذاعة البريطانية: من هو يحيى السنوار الذي توعدت إسرائيل بملاحقته؟ السنوار ذو الشعر الأبيض الثلجي والحاجبين الأسودين أحد أكثر الرجال المطلوبين لدى “إسرائيل” التي هددت بـ “اصطياده” محملة إياه المسؤولية عن الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول على جنوب الكيان الصهيوني والذي قتل فيه نحو 1200 شخص واختطف أكثر من 200 آخرين.
يحيى السنوار في عامه الحادي والستين ولد في مخيم خان يونس للاجئين في غزة في عام 1962. وقد قضى من هذه السنوات في السجون الإسرائيلية 24 عامًا في معظم سنوات شبابه.
أكثر من ذلك حكمت عليه محكمة إسرائيلية في عام 1988 بالسجن مدى الحياة أربع مرات (مدة 426 عامًا) أمضى منها 24 عامًا في السجن.
وبعد إطلاق سراحه تقول محطة “بي. بي. سي” البريطانية إن آلاف الجنود الإسرائيليين يحاولون العثور على هذا الرجل الذي يرأس الجناح السياسي لحركة حماس في قطاع غزة. ويحيى السنوار جنن الموساد بالبحث عنه بلا نتيجة. وكل تلك الأسماء الخالدة من الذين اغتالهم المجرمون الصهاينة فعلا في أضابير خاصة ويحيى السنوار في أضبارة مميزة!
المعرفة ضرورية والحذر أكثر ضرورة، ولا مجال للاصطفافات الطائفية الضيقة في الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية بعد مئات الآلاف من الشهداء الأطفال والنساء وكبار السن في ما رأيناه في غزة والمدن الفلسطينية. ويحيى السنوار وقف في السجون الإسرائيلية رجلا مثل الأبطال الذين اغتالهم المجرمون الصهاينة.