أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

صفقات فاسدة تتعمد اتلاف محصول الحنطة في بابل من أجل زيادة الاستيراد

المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان يحمل الجهات الحكومية في العراق مسؤولية سوء تخزين آلاف الأطنان لمحصول الحنطة مطالبًا بتوفير أماكن خزن متطورة للحفاظ على المنتوج الزراعي المحلي.

بغداد ــ الرافدين
حذر مراقبون ومراكز معنية بالقطاع الزراعي في العراق من مخاطر استمرار تجاهل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لواقع الزراعة المتدهور في البلاد لا سيما بعد تكرار حوادث الإضرار بمحاصيل الحنطة نتيجة للإهمال المتعمد للفلاح والأراضي والمخازن الزراعية خدمة لصفقات فاسدة تعمل على الاستيراد بدلا من الاعتماد على المحاصيل المحلية.
وكشفت وثقة حكومية عن وجود اهمال وعدم ملائمة أرضية وجدران مخازن محصول الحنطة بكمية 5600 طن، فضلًا عن وجود بذور غير مكسية في بعض المخازن بكمية 2250 طنًا، فيما لم يتم الإبلاغ عنها من قبل إدارة موقع المخزن التابع إلى شركة ما بين النهرين.
وأكد النائب أمير المعموري على أن الحنطة المتضررة في مخازن بابل وصلت قيمتها إلى ثمانية مليار دينار عراقي دون أن يتم إعلام الجهات المعنية بالوضع.
وأشار إلى أن هذه الواقعة تمثل تجاوزًا خطيرًا على المال العام في ظل عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على محاصيل الحنطة في البلاد.
ولطالما تكررت حوادث تلف محاصيل الحنطة جراء ضعف الرقابة الحكومية وسوء الخزن وانعدام شروط السلامة، والتي تنسبها مؤسسات مختصة إلى أنها عمليات مفتعلة للتغطية على السرقات. أو التواطؤ مع جهات مستفيدة لزيادات الاستيراد من الخارج.

وضاح الطه: حالة السجال القائمة بين مزارعي الحنطة والحكومة في العراق سيكون لها مردودا سلبيًا على المخزون الاستراتيجي بسبب صعوبة التحديد الدقيق لحاجات البلاد
وسبق أن حذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان من سوء الخزن لمحاصيل الحنطة والذي يهدد آلاف الأطنان منها للتلف.
وأكد المركز أن خزن محصول الحنطة يتم في ساحات مكشوفة ما جعل المحصول يتعرض لتغييرات الطقس إضافة إلى تواجد آلاف الطيور التي تلقى فضلاتها على المحصول والتغذية على كميات كبيرة منه.
وأضاف أن محصول الحنطة خزين استراتيجي لتأمين الأمن الغذائي للمواطن ويجب إقامة أماكن خزن متطورة أو حتى مثقفات مؤقتة للمحافظة عليه.
واتهم مراقبون الجهات السياسية المتنفذة وميليشياتها والمكاتب اقتصادية بإلحاق الضرر بمحاصيل الحنطة لمنع البلد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والدفع نحو الاستيراد من الخارج.
وقال عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي الدكتور يحيى السنبل إن الإهمال الذي يعاني منه الفلاح العراقي وعدم توفير الدعم اللازم يسري وفق خطط ممنهجة تقوم بها عصابات إجرامية لإرهاب الفلاحين في العراق.
وأكد السنبل في تصريح لقناة “الرافدين” أن الفلاح في العراق يعتمد على نفسه بشكل كامل في زراعة المحاصيل وحصادها ويعاني بشكل كبير في توفير المياه لها ومع ذلك فأن الحكومة لا توفر الحماية لهم وتجعلهم عرضة للمساومات من قبل المتنفذين.
ويشهد العراق تراجعًا حادًا في حجم المساحات المزروعة بالمحاصيل الموسمية وخاصة القمح والشعير، بفعل أزمة الجفاف المتواصلة في البلاد وإهمال الحكومة للزراعة واستيلاء الميليشيات على الكثير من الأراضي الزراعية إضافة إلى فتح باب الاستيراد خاصة من إيران حيث ارتفعت صادراتها بشكل ملحوظ إلى العراق في السنوات الأخيرة.
وحمل اتحاد الجمعيات الفلاحية حكومة السوداني مسؤولية تراجع المساحات المزروعة، بسبب فشل خطتها الزراعية ولجوئها للاستيراد من دول الجوار وعدم دعمها الإنتاج المحلي بما يهدد الأمن الغذائي في العراق.
فلاحون يشكون الضغوطات الحكومية خلال عملهم في الزراعة
وقال الاتحاد إن الإنتاج الزراعي المحلي لا يكفي لسد حاجة السوق بسبب الخطة التي أعدتها وزارة الزراعة بتحديد حجم المساحات الزراعية التي انخفضت إلى حد كبير لتصل إلى 25 بالمائة من المساحة الزراعية الكلية في العراق.
واستبعد الاتحاد السيطرة على الاستيراد من الخارج متوقعًا حدوث تغييرات ستؤدي إلى ارتفاع مستويات أسعار المحاصيل الزراعية.
ووصف الاتحاد إهمال السلطات الحكومية للقطاع الزراعي بالحرب الجديدة، مبينًا أن أزمة المياه تهدد بفقدان نصف تعداد العراقيين لأعمالهم ومصادرهم الاقتصادية.
وقال أحد الفلاح حسين المالكي من محافظة ديالى إن أغلب المزارعين يعتبرون الاستثمار في القطاع الزراعي غير مجز بسبب الضغوط الحكومية التي تراكم الأعباء على العاملين فيه.
وأشار إلى أن الجهات الحكومية تعمد على تأخير دفع مستحقات محاصيل الحنطة للفلاحين على الرغم من وجود سيولة مالية لدى الحكومة.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف الزراعة منها الأسمدة والعمالة والطاقة مع بقاء أسعار المحاصيل رخيصة، ضاعف من خسائر الفلاحة في العراق وأدى إلى خروج عدد كبير من هذا القطاع.
فيما شكا مزارعو ناحية النيل شمال محافظة بابل من قرار وزارة الزراعة الحالية الذي وصفوه بـالمجحف والقاضي بتقليص الخطة الزراعية لمحصول الحنطة لهذا العام إلى 90 بالمائة في الناحية والسماح فقط للأراضي القريبة من ضفاف الأنهار بالزراعة.
وأقر رئيس شعبة زراعة النيل أن الخطة الزراعية هذا العام اقتصرت على 7400 دونم من أصل 65 ألف دونم صالحة للزراعة في الناحية، مؤكدًا أن هذا التقليص في المساحة سيؤثر على كميات المحصول فضلًا عن تأثيره المباشر على حياة المزارعين.
وتصنف ناحية النيل في المرتبة الثالثة من بين المناطق الأكثر زراعة لمحصول الحنطة في المحافظة والتي تسمى بسلة بابل الغذائية.
يذكر أن القطاع الزراعي في العراق يعاني من تدهور حاد وفقًا لمنظمات دولية ومحلية تحذر من خروج غالبية الأراضي الزراعية عن الخدمة فضلًا عن الهجرة الكبيرة للفلاحين نحو المدينة وتداعياتها.
ويرى مختصون أن استمرار إهمال الحكومة للزراعة وغياب الرؤى المستقبلية الواضحة إضافة لسيطرة الميليشيات على الكثير من الأراضي الزراعية كلها عوامل أصابت الإنتاج الزراعي المحلي بالشلل.
ويؤكد المختصون على أن هناك جهات مستفيدة من استمرار تدهور قطاع الزراعة بسبب انتفاعها ماديًا من تزايد الاستيراد وأن هذه الجهات مرتبطة بمسؤولين حكوميين وميليشيات متنفذة.
ويرى الخبير الاقتصادي العراقي وضاح الطه، أن حالة السجال القائمة بين مزارعي الحنطة والحكومة سيكون لها مردود سلبي على المخزون الاستراتيجي بسبب صعوبة التحديد الدقيق لحاجات البلاد.
ودعا الطه الحكومة إلى الاستجابة لمطالب المزارعين وتوفير الدعم اللازم لهم لضمان استمرار الإنتاج المحلي.
التخبط الحكومي يهدد الفلاحين في العراق ويشل عملهم
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى