أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

الشمري يتحدث عن نسب وهمية لتراجع الجريمة في العراق

تناقض مزاعم وزير داخلية الإطار التنسيقي عبد الأمير الشمري الأرقام والإحصائيات الدولية بشأن معدل الجريمة في العراق، فيما عد مراقبون مزاعم الوزير بأنها نسبة خيالية غير موجودة إلا في العروض الإعلامية التي تمارسها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن الهدوء السياسي والأمني.

بغداد- الرافدين
تحولت مزاعم وزير الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي عبد الامير الشمري، عن تراجع معدلات الجريمة الى 80 بالمائة خلال العام 2023، إلى موضع استغراب وتهكم شعبي لكونها تفتقر إلى أي أرقام ومعلومات صحيحة.
ولم يكشف الشمري عن أي ارقام أو احصائيات تدعم مزاعمه بشأن تراجع معدلات الجريمة بنسبة 80 بالمائة، فيما كانت محافظة ذي قار قبل يوم من حديث وزير الداخلية مسرحًا لجرائم التقاتل العشائري المستمرة.
وتناقض مزاعم وزير داخلية الإطار التنسيقي الأرقام والاحصائيات الدولية بشأن معدل الجريمة في العراق، فيما عد مراقبون مزاعم الشمري بإنها نسبة خيالية غير موجودة إلا في العروض الإعلامية التي تمارسها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن الهدوء السياسي والأمني.
واحتل العراق مرتبة متقدّمة على لائحة الدول التي تواجه ظاهرة الجريمة المنظمة، ضمن أحدث مؤشّر نشرته “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية”.
وأظهر المؤشّر احتلال العراق خلال العام 2023 للمرتبة الثامنة عالميًا من بين 193 دولة، تتعرض للجريمة والمرتبة الثانية قاريًا من بين 46 دولة آسيوية، فيما احتل المرتبة الأولى من أصل 14 دولة تمثّل منطقة غرب آسيا.
وتناقض هذه المؤشّرات المقدّرات البشرية والمادية الضخمة التي يخصصها العراق للجانب الأمني، لكنّها تعكس في الوقت ذاته هشاشة أجهزته الأمنية التي تعاني مشاكل تنظيمية مستحكمة.
وبلغت جرائم تهريب البشر والاتجار بهم والمخدرات والقتل والتسليب، عام 2023 في العراق 7.13 نقاط من أصل 10 نقاط تحددها المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة، كأقصى معدل للجرائم في البلدان.
وكانت اخر إحصائية لمؤشر الجريمة المنظمة العالمي في عام 2021 قد بلغت في العراق 7.05، الأمر الذي يوضح ارتفاع نسبة الجريمة خلال العامين الأخيرين.
وسجّل العراق أعلى معدل لجرائم القتل خلال العام 2023، بنسبة سنوية تصل إلى أكثر من 11.5 لكل 100 ألف نسمة، وهي الأكبر على مستوى الوطن العربي.
وبحسب إحصائيات لوزارة الداخلية في العراق فإن نحو 5300 جريمة قتل حصلت في عام واحد. الأمر الذي يناقض ويفند بشكل مثير مزاعم الشمري.
ويسجل الأخصائيون الاجتماعيون إلى جانب التزايد المهول في أعداد الجرائم بالعراق، تحوّلات خطرة في نوعية الجريمة وطبيعتها.
وتتداول وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قصصًا مصورة بشكل مروع عن الجرائم في العراق، كما حدث العثور على بقايا جثّة شاب عراقي قُتل بوحشية وألقيت جثّته للكلاب.
وتم العثور على جثّة الشاب حسين، وهو متزوج وأب لطفلة لم تتجاوز سنتها الرابعة من العمر، في منطقة مهجورة على بعد حوالي ثمانين كيلومترا من العاصمة بغداد وقد نهشتها الكلاب السائبة ولم تبق منها سوى بعض العظام.
ورغم ما خلّفته الجريمة من حزن مشوب بالغضب جرّاء تدهور الأوضاع الأمنية وتراجع حالة الأمان في أغلب مناطق العراق، إلاّ أنّ الحادثة لم تمثّل استثناء، من الإعلان المتواصل وبشكل شبه يومي عن جرائم مماثلة بدوافع مختلفة من بينها الانتقام والسرقة، وحتى القتل تحت تأثير المخدّرات.


محمد عنوز: الجرائم التي تحدث حاليًا، ليست مألوفة لدى العراقيين، وهي حالات تشير إلى انهيار على مستويات المجتمع والأمن والقانون، بالتالي فإن هناك حاجة ملحة بشكلٍ كبير لرسم خريطة طريق لإنهاء هذا الانفلات

واهتزّ العراق على وقع إقدام أمّ على قتل طفليها بإلقائهما في مياه دجلة من فوق جسر الأئمة الرابط بين منطقتَي الكاظمية والأعظمية في بغداد، في مشهد بالغ القسوة سجلته كاميرات المراقبة المثبّتة فوق الجسر.
وأقدم شاب في محافظة كربلاء جنوبي بغداد على قتل والده داخل منزل العائلة بسبب إلحاح الوالد على ابنه للمواظبة على دراسته، وفقًا لروايات عدد من الجيران.
وما تزال إحدى أفظع الجرائم تمثّل حديث الشارع في منطقة النهروان في بغداد والتي شهدت إقدام أحد الأشخاص على قتل أخيه واغتصاب ابنتيه انتقامًا منه.
ولا تقل هذه الجريمة فظاعة عن قيام أب من مدينة الموصل شمالي العراق بخنق ابنته الرضيعة حدّ الموت بسبب عدم رضاه عن إنجاب زوجته لأنثى بينما كان يريد أن يرزق بمولود ذكر.
وتضاف مثل هذه الجرائم الأسرية إلى ما يعرف بجرائم الشرف المتواتر حدوثها بشكل كبير، وخصوصا في الأوسط القبلية وداخل الأسر المحافظة.
وأقدم أب من محافظة ذي قار جنوبي العراق على قتل ابنته الثلاثينية بإطلاق رصاصتين على رأسها بسبب شكوكه في سيرتها، بحسب رواية جيران للعائلة.
وقبل ذلك كان أب من مدينة الديوانية بجنوب العراق قد أقدم على قتل ابنته البالغة من العمر عشر سنوات بخنقها وتهشيم جمجتها بسبب ظهورها عَرَضا في لقطات على تطبيق “تيك توك”.
وتنتشر بالتوازي مع تفشي أنواع فظيعة من الجريمة في العراق ظاهرة الانتحار ذات الصلة المباشرة بالأوضاع الاجتماعية والنفسية للعراقيين.
وتتم عمليات الانتحار بدورها بطرق مؤلمة في كثير من الأحيان. وانتحرت امرأة في منطقة البلديات ببغداد بسكب البنزين على جسدها وإشعال النار فيه. وتمّ في نفس اليوم اكتشاف جثة عامل ببلدية المنصور منتحرا شنقا داخل مبنى الدائرة البلدية.
ويترافق تصاعد أرقام الجريمة في العراق والتغيرات في طبيعتها نحو مزيد من القسوة والفظاعة مع ظاهرة لصيقة كثيرا ما تكون سببًا مباشرا في ارتكاب الجرائم، وتتمثل في انتشار المخدّرات بأنواعها على نطاق واسع وتفشي تعاطيها لدى فئات اجتماعية واسعة وخصوصًا فئة الشباب.
وتصل نسبة مستهلكي المواد المخدرة بين الشباب بين سن 15 إلى 30 سنة في بعض أفقر مناطق العراق بحسب لجنة الأمن والدفاع النيابية إلى سبعين في المئة.
ويعتبر متابعون للشأن العراقي أنا ما آلت إليه معدلات الجريمة في العراق والتطورات الخطرة في نوعها وطبيعتها يدخل ضمن مسؤولية النظام القائم على المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية.
ويعتبر هؤلاء أنّ النظام الذي تقوده أحزاب وميليشيات متهمة بارتكاب جرائم القتل على الهوية، لم يتسبب فقط في تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بل أرسى أيضا سياسة تقوم على الانتهازية والتنافس غير الشريف على تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية بطرق غير مشروعة، مكرّسا بذلك الأنانية والجشع كخلق شائع على نطاق واسع.


جمال الأسدي: هناك حاجة ماسة إلى تحديث العقلية التحقيقية قبل البحث عن طرق العنف، وإعداد خريطة الجرائم الجنائية بدلاً عن زيادة أفراد الأمن غير المجدية

وعزا الخبير القانوني، جمال الأسدي، أسباب تصاعد الجرائم، إلى “سوء إدارة الأمن، وضعف التحقيق الجنائي ومنظومة التشريعات العقابية، إضافة إلى الأسباب الطبيعية الأخرى التي تتحملها وزارة الداخلية بالخصوص، وأن هناك حاجة ماسة إلى تحديث العقلية التحقيقية قبل البحث عن طرق العنف، وإعداد خريطة الجرائم الجنائية بدلاً عن زيادة أفراد الأمن غير المجدية”.
وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز إن “الجرائم التي تحدث حالياً، ليست مألوفة لدى العراقيين، المعروفين بحلمهم ومروءتهم وتربيتهم السلمية، وهي حالات تشير إلى انهيار على مستويات المجتمع والأمن والقانون، بالتالي فإن هناك حاجة ملحة بشكلٍ كبير لرسم خريطة طريق لإنهاء هذا الانفلات”.
وأضاف “العراق وبسبب المشاكل الكثيرة التي تؤثر على المجتمع فيه، يتحول تدريجياً إلى أرضية خصبة لارتكاب الجرائم، وتصاعد أعدادها، بسبب التأثيرات السلبية لحالة الاحتقان اليومي الأمني والسياسي، وتردي الوضع الاقتصادي الذي يدخل الأسر في معاناة كبيرة، وتراجع مستوى التعليم، إضافة إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في شكل غير مسبوق”.
وأوضح “هناك حالة اجتماعية جديدة، لا تؤمن بالقانون، وأنها تظن أن ضعف الدولة يعني ممارسة الجرائم، بالتالي فإن استمرار هذا الضعف في الدولة، واستمرارها بالخضوع أمام إرادات الأحزاب، يغذي تواصل الجرائم”.
من جانبها، أشارت الناشطة المدنية نهلة الحسن من بغداد، إلى أن “الاستهتار بالقانون وعدم احترامه أو التخوف من إجراءاته صار يدفع بعض العراقيين إلى ممارسة جرائم الثأر والانتقام بالقتل، حتى تحوّل العراق إلى واحدة من أكثر دول العالم بمعدلات الجرائم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى