أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

أحزاب حكومة الإطار: حان الوقت للانتقام من إقليم كردستان

بافل الطالباني لن يكون كوالده جلال في علاقاته من الأطراف المتصارعة على السلطة، فهو لا يتخلى عن طموحه الذي طالما أعلنه من دون تردد في “دولة خاصة بحزبه تضم السليمانية وكركوك وحلبجة” الأمر الذي يؤجج الصراع مع أسرة مسعود البارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني.

بغداد – الرافدين
قال مسؤول سياسي في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، إن الوقت حان لـ”تصحيح أخطاء” سابقة. في إشارة يصفها مراقبون بـ “الانتقام” من حكومة إقليم كردستان وخصوصًا الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني.
وأوضح المسؤول في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية رافضًا الكشف عن اسمه لحساسية القضية أن “الحكومات المتعاقبة كانت مشغولة بمشاكل وظروف صعبة منها هجوم داعش وتظاهرات ثورة تشرين ضد السلطة الحاكمة في 2019 والأزمة الاقتصادية، ما أبعدها عن التحرك ضد الأخطاء التي يمارسها الإقليم”.
وبين الأخطاء، على حد قوله، “الاتفاقيات النفطية التي عقدها الإقليم وتصديره للنفط ونظامه المالي والكثير من القرارات غير القانونية”.
وأضاف “حان الوقت لتصفية هذه الأخطاء”.
إلا أن مراقبين يرون أن “الانتقام” من إقليم كردستان هو رسالة إيرانية عبر حكومة الإطار التنسيقي التي تنضوي تحتها الأحزاب والميليشيات الولائية.
وبعد عقود من صراعات مدمّرة، تستغل السلطات الاتحادية في بغداد فترة من “الاستقرار النسبي” في البلاد لتعزيز قبضتها على كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، وإعادة بلورة علاقاتها مع الإقليم، وفق خبراء ومسؤولين سياسيين.
وتشهد العلاقة بين الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان توترًا متصاعدًا على خلفية قرارات قضائية صدرت مؤخرا ندّدت بها أربيل التي طالما حظيت بدعم من واشنطن ودول غربية أخرى، معتبرة أن هدفها “تقويض صلاحياتها”.
ويعود التوتر الأخير بشكل رئيسي لقضايا تتعلق بصادرات النفط من الإقليم، ودفع رواتب موظفي مؤسساته الرسمية، فضلاً عن الانتخابات التشريعية المحلية. علما أنها ملفات تسمّم العلاقة بين بغداد وأربيل منذ عقود.
وقال رئيس وزراء الإقليم مسرور البارزاني الشهر الماضي “هناك مخططات عديدة تهدف لتقويض كيان إقليم كردستان بشتى الوسائل”، مشدداً على أن “إنشاء كردستان لم يكن هدية أو معروفاُ، بل كان ثمرة كفاح طويل”.
وينتمي البارزاني إلى أكبر أحزاب إقليم كردستان، الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتمتع بالغالبية في البرلمان المحلّي، وكانت له صراعات تاريخية مع الاتحاد الوطني الكردستاني المدعوم من إيران، ثاني أحزاب شمال العراق بزعامة أولاد جلال الطالباني “بافل وقباد”.
وبينما كانت المناطق العراقية الأخرى خلال عقود تشهد نزاعات وأزمات متتالية، قدّم إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ العام 1991، نفسه على أنه واحة للاستقرار والازدهار الاقتصادي.
لكن كل المناطق العراقية تعاني من مشاكل متشابهة مثل الفساد المستشري والانقسامات السياسية والنخب الحاكمة التي تمسك بزمام السلطة منذ عقود.
وبرغم تحسّن الوضع بين بغداد وأربيل بعد وصول رئيس الحكومة محمّد شياع السوداني إلى السلطة في أواخر عام 2022، عادت العلاقة لتتعقّد، إذ يبدو أن بعض الأحزاب السياسية الداعمة للحكومة الحالية بدأت بمراجعة مواقفها منها.
والحكومة الحالية مدعومة أساسًا من “الإطار التنسيقي”، وهو تحالف أحزاب وميليشيات ولائية يتمتع بالغالبية في البرلمان العراقي بعد انسحاب أعضاء التيار الصدري من البرلمان.
وسبق أن ألزمت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى هيئة قضائية، بغداد بدفع رواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم بشكل مباشر بدلاً من المرور عبر السلطات المحلية التي طالما تأخرت في صرفها.
في اليوم ذاته، أصدرت قراراً بتخفيض عدد مقاعد برلمان كردستان من 111 إلى 100 لتحذف بذلك فعليًا المقاعد المخصصة للأقليات.
وكان نواب من الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني ومحامون في السليمانية، معقل الحزب ذاته، تقدموا بالشكوى أمام المحكمة.


إحسان الشمري: هناك إرادة لدى بعض الأطراف السياسية الشيعية لتقويض الكيان الدستوري لإقليم كردستان، فضلاً عن حالة من الثأر السياسي

ودفعت هذه القرارات بالحزب الديموقراطي الكردستاني إلى إعلان مقاطعة الانتخابات التشريعية المحلية المزمع عقدها في العاشر من حزيران، في خطوة تثير الخشية من تأجيل التصويت مرة جديدة بعدما كان يفترض عقد الانتخابات في 2022.
وزادت القرارات القضائية من حدّة توتر قائم أساساً بين أربيل وبغداد على خلفية تصدير النفط من الإقليم.
وكانت لإقليم كردستان مصادر تمويل مستقلة عن بغداد لسنوات متأتية من صادراته النفطية عبر تركيا، والتي كان يقوم بها دون موافقة الحكومة المركزية.
لكن منذ آذار 2023، توقّفت تلك الصادرات جراء قرار لهيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس التي حكمت لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بهذا الشأن.
ووافقت أربيل لاحقًا على أن تمرّ مبيعات نفط الإقليم عبر بغداد، مقابل الحصول على نسبة من الموازنة الاتحادية. لكن الاتفاق لم ينفذ بعد.
ويرى الباحث ومدير مركز التفكير السياسي في بغداد إحسان الشمري أن “هناك إرادة لدى بعض الأطراف السياسية الشيعية لتقويض الكيان الدستوري لإقليم كردستان، فضلاً عن حالة من الثأر السياسي”.
ويوضح الشمري أن “القضايا التي رفعت ضد الإقليم ذات طابع سياسي، لكن القرارات (القضائية) التي صدرت ضده دستورية”.
ويرى أن “تعدّد الشكاوى يقوّض الثقل السياسي في إقليم كردستان وبالتحديد (ثقل) الحزب الديموقراطي الكردستاني”.
ولطالما رسمت المنافسة بين الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تجمعه علاقة أكثر ودية مع بغداد وطهران، معالم السياسة في الإقليم.
وخلال لقاء جمعه بنواب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، شدّد السوداني الشهر الماضي على ضرورة “المباشرة بتمويل الإقليم وفق قرار المحكمة الاتحادية”. كما تمّ التأكيد خلال اللقاء على “مواصلة الحوارات” بين بغداد وأربيل “إزاء الملفات المشتركة، وأن تكون المعالجات على وفق ما نصّ عليه الدستور”.
لكن عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الديموقراطي الكردستاني صباح صبحي اعتبر أن ما يجري “التفاف حول بنود الدستور من جانب قوى سياسية تحاول تغيير الواقع السياسي والديموقراطي المرتكز على الفدرالية واللامركزية الإدارية الى المركزية الإدارية والسلطوية”.
وأعرب عن أسفه للخلافات التي تعصف بـ”البيت الكردي”، كون الاتحاد الوطني الكردستاني دعم قرارات المحكمة.
واستنكر رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني في بيان “التشهير بالمحكمة الاتحادية”، مشدداً على أنها “محكمة مستقلة مهنية ساهمت في حماية النظام السياسي في العراق”.
وقال مصدر سياسي عراقي إن بافل لن يكون كوالده جلال في علاقاته من الأطراف المتصارعة على السلطة، فهو لا يتخلى عن طموحه الذي طالما أعلنه من دون تردد في “دولة خاصة بحزبه تضم السليمانية وكركوك وحلبجة” الأمر الذي يؤجج الصراع مع أسرة مسعود البارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتتنافس أسرتا الطالباني والبارزاني على مدن شمال العراق منذ عقود، وشهد التنافس بينهما معارك طاحنة بين قوات الطرفين منذ تسعينات القرن الماضي.
ويسيطر حزب ورثة الطالباني عمليا على محافظتي السليمانية وحلبجة من ضمن المحافظات الثلاث لإقليم كردستان العراق الذي يتّخذ من أربيل مركزا له، وهي أيضا معقل حزب أسرة البارزاني الذي يشمل نفوذه محافظة دهوك.
ويتحكّم الاتحاد في جزء من موارد الإقليم الذي يشارك في حكمه إلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني حيث يشغل قوباد الطالباني منصب نائب رئيس الإقليم، كما أنّ قسما من قوات البيشمركة التي هي بمثابة جيش لكردستان العراق تابع للحزب.
ويصف صحفي كردي بافل بأنه لا يمت بصلة عاطفية أو وطنية للعراق تماما مثل شقيقيه قوباد، فالاثنان ولدا خارج العراق في سبعينات القرن الماضي ولا يتحدثان اللغة العربية، ورافقا والدهما في جوالته مع أعداء العراق إيران و”إسرائيل”.
وقال الصحفي الكردي في تصريح لـ”الرافدين” مفضلا عدم الكشف عن اسمه “بافل تربية استخباراتية إيرانية بامتياز، وولائه إلى طهران لا يتزحزح”.
وعزا الصحفي تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني مع الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، إلى ولاء الطرفين إلى إيران. فآخر ما يتم تداوله في اجتماعات بافل مع المالكي والعامري والخزعلي والحكيم، اسم العراق.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى