أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

خيبة واستياء في بغداد بعد فشل توقيتات العمل الجديدة بتخفيف الازدحامات

دعوات شعبية لتقديم حلول جذرية شاملة لمشكلة الاختناقات المرورية في بغداد بدلًا من الاكتفاء بحلول شكلية على غرار تغيير توقيتات الدوام وافتتاح مجسرات لا تتجاوز وظيفتها نقل الازدحام من مكان إلى آخر.

بغداد – الرافدين

عبّر موظفون وطلبة جامعات وكسبة عن استيائهم من مواعيد الدوام الجديدة في اليوم الثاني على تطبيق العمل بها بعد أن ساهمت في زيادة ساعات ذروة الاختناقات المرورية في معظم المناطق والشوارع الرئيسة للعاصمة بغداد.
وأجمع عدد من سكان العاصمة بغداد على أن أوقات الدوام الجديدة أدت إلى إرباك حركة المرور بدلًا من تخفيف الاختناقات المرورية.
ووجهت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني أن يبدأ الدوام الرسمي للدوائر الحكومية في المنطقة الخضراء ووزارات الخارجية، والتخطيط، والزراعة، والموارد المائية، والبيئة، والهجرة والمهجرين، والاتصالات، والشباب والرياضة، والثقافة، والصناعة والمعادن والبنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وأمانة بغداد، وسلطة الطيران المدني، الساعة السابعة صباحًا وينتهي في الساعة الثانية بعد الظهر.
وحدد القرار الحكومي الجديد توقيتات الدوام الرسمي للرئاسات الثلاث ولوزارات الداخلية، والدفاع، والصحة، والمالية، والكهرباء، والعدل، والعمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة التربية والمدارس والمعاهد المرتبطة بها كافة، في الساعة الثامنة صباحًا، أو بحسب الواجبات المكلفة بها الدوائر والمؤسسات الخدمية والأمنية وينتهي في الساعة الثالثة بعد الظهر.
أما وزارات التعليم العالي والبحث العلمي، والنقل، والتجارة، والإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، والنفط وديواني الوقف الشيعي والسني، ومؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين، والهيئة العليا للحج والعمرة، ومجلس الدولة، مع بقية الهيئات الأخرى غير المذكورة، فإن الدوام فيها يبدأ عند الساعة التاسعة صباحًا، وينتهي في الساعة الرابعة بعد
وأظهرت خارطة الازدحامات في العاصمة بغداد في اليوم الثاني على العمل بهذه التوقيتات كثافة مماثلة لتلك التي سبقت عطلة عيد الفطر المبارك، حيث شهد مدخل سريع القناة من جهة الرستمية وصعود محمد القاسم ازدحامًا متواصلًا استمر لساعات.
كما تعرضت طرق سريع القناة عند شارع بور سعيد وجسر الحبيبية، ومجسر قرطبة الذي افتتح لغرض تخفيف الاختناقات المرورية مؤخرًا ونفق الباب الشرقي والشارع بين ساحتي الخلاني والطيران، وشارع الجمهورية من ساحة الخلاني باتجاه ساحتي التحرير والوثبة، وشارع الرشيد من جسر السنك حتى ساحة الميدان، لازدحامات خانقة أدت إلى توقف الحركة بشكل كامل.
وشهد شارع وزارة الصحة ومجسر باب المعظم وجميع الأزقة المحيطة بمدينة الطب، بالإضافة إلى الشارع بين مجسر 14 رمضان ومقبرة براثا، أيضًا ازدحامات مرورية.
وسجل مواطنون تذمرهم كذلك من جراء الازدحامات في شارع يافا ونفق الزيتون من الحارثية إلى جسر الجمهورية، بالإضافة إلى ازدحام شارع 14 تموز خلف الزوراء، وهو نفس الازدحام الذي كان قبل تطبيق قرار تغيير أوقات الدوام الرسمي.

موظفون وطلبة جامعيون يؤكدون فشل توقيتات العمل الجديدة في التخفيف من الاختناقات المرورية ببغداد

وفي اطلاع على آراء الموظفين والطلاب عن تجربتهم مع بدء تطبيق المواعيد الجديدة للدوام، برزت عدة مؤشرات سلبية تحمل جوانب إنسانية، وسط مطالبات بالعدول عنه.
ففي هذا السياق ترى موظفة في وزارة تبدأ دوامها منذ الساعة السابعة صباحًا، إن “القرار تسبب لنا بمشاكل، إذ لدي أطفال في المدارس أقوم بإيصالهم يوميًا بنفسي، لكن في ظل القرار الجديد لا يمكنني فعل ذلك بعد الآن، فالمدارس لا تفتح أبوابها الساعة السادسة صباحًا”.
وأضافت الموظفة التي بدت عليها ملامح الحيرة والاستغراب “وماذا يفعل الأطفال في هذا الوقت الباكر ودوام وزارة التربية يبدأ الساعة الثامنة صباحًا، كما أن المشكلة تتكرر بأوقات انتهاء الدوام المختلفة”.
وأكدت على أن كل مناطق بغداد تعاني من الازدحامات، ولن تحل هذه المعضلة بتغيير أوقات الدوام.
وتقترح الموظفة التي رفضت الكشف عن هويتها “توسيع مناطق بغداد ونقل الوزارات إلى أطراف العاصمة لتخفيف الازدحام في الداخل”.
بدورها تؤكد الطالبة الجامعية بان محمد، أن “الدوام كان ينتهي في ساعة الواحدة ظهرًا وأحيانًا يمتد إلى الواحدة والنصف، ومن ثم نذهب إلى العمل الذي يبدأ بعد ساعة أو أكثر بقليل، لكن بتغيير أوقات الدوام تضرر الكثير من الطلبة الذين يعملون بعد الدوام لسد تكاليف الجامعة والمصاريف اليومية”.
وتضيف الطالبة في جامعة بغداد، أن “القرار الجديد قد يتسبب بفقدان عمل الكثير من الطلبة، وهو مصدر عيشهم الوحيد، لذلك كان على الحكومة التفكير في البداية بهذه الشريحة، على الرغم من أن السنة الدراسية لم يبقَ لها سوى شهر واحد فقط، لكن هذا الشهر سوف يتسبب بضرر كبير على الكثير من الطلبة”.
وتدعو الطالبة، الحكومة إلى “إعادة النظر بالقرار لأن الكثير من طلبة الجامعات وكذلك بعض الموظفين الذين لديهم عمل آخر تضرروا بشكل كبير نتيجة تغيير الأوقات”.
وأصبح معروفًا لدى أهالي العاصمة والوافدين إليها أن الزحامات تبدأ في وقت مبكر من صباح كل يوم، وتنحسر قليلًا بعد ذلك بساعات، ثم تعود لتختنق بالسيارات التي أصبحت تعد بالملايين، عند منتصف النهار، وتظل على حالها حتى منتصف الليل.
وفي تصريحات سابقة، أكدت مديرية المرور العامة، أن عدد السيارات في العراق –عدا محافظات كردستان العراق– بلغ أكثر من سبعة ملايين سيارة، وكان للعاصمة بغداد الحصة الأكبر، حيث سجلت وجود أربعة ملايين سيارة في شوارعها.
ونوّه الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن المشهداني، إلى أن “مسألة الازدحامات باقية ولن يخفف تغيير الأوقات الشيء الكبير، لأن المشكلة في عدد السيارات ببغداد.
ولفت إلى أن التجربة يمكن أن تقاس بعد أكثر من أسبوع، لكن عمومًا أعطى القرار فسحة ليكون الدوام بأوقات مختلفة لاستثمار الوقت وتقديم الخدمات للمواطنين.

مختصون يطالبون الحكومة بوضع خطط شاملة وحلول جذرية بدلًا من الحلول الشكلية لمشكلة الازدحامات

وسبق أن أطلقت الحكومة مشروع “فك الاختناقات المرورية في بغداد” العام الماضي ضمن احتفالية خرج فيها السوداني بمجموعة تصريحات، منها “هذه المشاريع لن تذهب مع المشاريع المتلكئة، وهي تحصل للمرة الأولى في بغداد”، ليكون “عام 2023 عام المشاريع الحكومية”.
وبلغ عدد مشاريع فك الاختناقات 16 مشروعًا افتتح منها مجسّر تقاطع قرطبة في الباب الشرقي وسط بغداد الذي يعد أحد مشاريع الحزمة الأولى لفكّ الاختناقات المرورية، قبل أن يغص في أول نهار له، بالعديد من السيارات ويكون شاهدًا فيما بعد على فشل الحكومة في حل أزمة الزحامات الخانقة مع بدء التوقيتات الجديدة للدوام.
ويشكك مختصون بجدوى المجسرات التي تنجز ضمن مشاريع فض الاختناقات في ظل وجود مشاكل أخرى تستدعي الوقوف عندها وتقديم حلول ناجعة لها للقضاء على مشكلة الاختناقات المرورية في بغداد التي بلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة وفقًا لجهاز الإحصاء المركزي.
وفي هذا الصدد يؤكد متخصص يعمل في أحد المكاتب الاستشارية الهندسية أن “أعمال الجسور تنقسم إلى ثلاثة مستويات، جسور موجودة أصلًا في التصميم الأساس لبغداد، ولكنها لم تنفذ بسبب نقص الوفرة المالية، وأعمال استحداث جسور وأنفاق في مناطق تقاطعات تشهد زحامًا كبيرًا وهي أعمال آنية لا تحل المشكلة لكنها ترحلها إلى تقاطع آخر، وأعمال تهديم جسور قائمة أو أجزاء منها لغرض رفع التقاطع واستمرار انسيابية الحركة وهذا الحل أيضًا يُرحل المشكلة إلى تقاطع آخر”.
ولخص المتخصص الذي رفض ذكر اسمه أسباب الازدحامات في بغداد، وهي كثرة السيارات الخاصة في العاصمة حيث وصل عددها إلى أكثر من أربعة ملايين سيارة بعدما كان نصف مليون بحسب إحصاءات مرورية، ووجود الدوائر الحكومية والجامعات في مراكز المدن وكذلك مناطق التسوق، وعدم استخدام النقل العام بأنواعه من باصات وسكك قطار والاعتماد على النقل الخاص.
أما الحل العملي برأيه، فيتمحور حول عمل دراسة متكاملة للنقل في بغداد تشمل كل صنوف النقل ودراسة واقع الأماكن العامة مثل الجامعات والدوائر الحكومية والأسواق، وتحديد المشكلات ومشاركة جميع المتخصصين في إيجاد البدائل والحلول التي ربما تكون بكلف أقل وتعطي نتائج ممتازة وسريعة وتحقق الهدف، ومنها الاتفاق مع شركات كبيرة في مجال النقل العام (الحافلات والسكك) لإعداد الدراسات وإعطاء الحلول.
وأوضح أنه “لا توجد فائدة عملية من عمل الجسور، عدا تلك الموجودة في المخطط الأساس التي لم تنفذ إلا الآن، لأن المشكلة قائمة وهي عدم توافر وسائط أخرى مثل الباصات والقطارات أمام ما هو موجود من سيارات، وهذا النوع من الجسور جيد لخضوعه لدراسة وكانت إعادة البحث ضرورية لأن هذه المشاريع صممت لعدد سيارات تزايد كثيرًا اليوم”.
وتفتقر الحكومة لخطط للنهوض بالنقل العام وزيادة خطوطه وبالتالي مساهمته في تخفيف الاختناقات المرورية بعد عقدين من تولي شخصيات متهمة بالفساد مسؤولية إدارة الوزارة وفي مقدمتهم وزير النقل الأسبق باقر جبر صولاغ.
وينوه الخبير الاقتصادي علي عبد الكاظم، إلى أن “زيادة النقل العام جيد في حال إلزام الموظفين باستخدام النقل العام، وفي هذه الحالة قد تفك جزءًا كبيرًا من الزحام الذي يحصل خاصة في أوقات الذروة في بداية وانتهاء الدوام”.
وأضاف أن “استخدام أكثر من أربعة ملايين موظف بالبلاد، للنقل العام سوف يقلل من تكاليف البنزين الذي رُفعت أسعاره مؤخرًا”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى