أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الإطار تتجاهل تزايد أعداد العمالة الأجنبية وسط بطالة العراقيين

لجنة العمل في محافظة البصرة تؤكد وجود حالات انهيار نفسي لدى الكثير من شباب المحافظة بسبب ما يشاهدونه من عمالة وافدة بينما يعانون من انعدام فرص العمل.

البصرة – الرافدين
استهجن عراقيون الصمت المطبق لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إزاء الأعداد المتزايدة من العمال الأجانب الوافدين بصورة عشوائية وسط بطالة متصاعدة بين العراقيين الحاملين لشهادات جامعية.
وأكدوا أن تلك العمالة أصبحت خطرًا اجتماعيًا واقتصاديًا في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب العراقيين.
وأشاروا إلى أن تزايد العمالة الأجنبية وما ينتج عنه من انعدام فرص العمل للعراقيين وعدم التكافؤ في الأجور والامتيازات سيتسبب بضياع حقوق العامل العراقي.

تزايد العمالة الأجنبية وسط انعدام فرص العمل للعراقيين وعدم التكافؤ في الأجور والامتيازات سيتسبب بضياع حقوق العامل العراقي.

وقللوا من احتمالية تنفيذ الحكومة لوعودها والاستغناء عن بعض العمالة الأجنبية واستبدالهم بالأيدي العراقية معتبرين ذلك نوعًا من البهرجة الإعلامية التي تمارسها الحكومة مع كل الأزمات دون تحقيق أثر على أرض الواقع.
ووفقًا لرئيس لجنة العمل لدى السلطة المحلية في محافظة البصرة، حيدر المرياني، فإن اللجنة “تعتزم إبعاد العمالة الأجنبية في المحافظة خصوصًا الشركات النفطية في حال تجاوزها نسبة 20 بالمائة المحددة في قانون العمل المحلي، الذي صوت عليه مجلس المحافظة في دوراته السابقة”.
وقال المرياني، إن لجنته “ستراجع عقود الشركات للاطلاع على نسبة العمالة الأجنبية فيها وأعدادها، خصوصًا تلك التي توفر جميع وسائل الراحة والرواتب الكبيرة التي لا يحظى بها أبناء المحافظة رغم تحملهم التلوث والأمراض السرطانية والفشل الكلوي وغيرها”.
واعترف أن “هناك حالات انهيار نفسي لدى الكثير من شباب المحافظة بسبب ما يشاهدونه من عمالة وافدة في تلك الشركات، ما يدعوهم إلى التظاهر باستمرار للضغط على الحكومة لوضع حلول لشباب المحافظة” وأكد أن “السلطات المحلية في البصرة غير مطلعة على عقود الشركات النفطية ونسبة تشغيل أبناء المحافظة فيها”.
وخلال الفترة الماضية انتشرت الكثير من المقاطع المصورة على منصات التواصل الاجتماعي تظهرًا أعداد غفيرة من العمالة الأجنبية داخل الحقول النفطية في محافظة البصرة التي يعاني أبناؤها من شبح البطالة.

ثائر الصالحي: هناك نحو 80 بالمائة من العاملين في الحقول النفطية والمنشآت الأخرى في المحافظة من غير أبناء البصرة

وطالب عضو مجلس محافظة البصرة ثائر الصالحي بمعالجة ملف العمالة في محافظة البصرة.
وقال إن هناك نحو 80 بالمائة من العاملين في الحقول النفطية والمنشآت الأخرى في المحافظة من غير أبناء البصرة.
وأشار إلى أحقية أبناء البصرة للعمل في محافظتهم، مؤكدًا أن لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في المجلس ستعمل باتجاه تشغيل أبناء البصرة بنسب تصل من 70-80 بالمائة.
وأكد عضو نقابة العمال في محافظة البصرة، سعد المياحي، أن عدم تحديد نسبة العمال الأجانب في الشركات النفطية العاملة في البصرة رفع نسبة البطالة بين شباب المحافظة.
وطالب المياحي بتنظيم العمل في تلك الشركات، وفرض نسبة معينة من العمال المحليين على كل شركة لامتصاص البطالة، مضيفا أنه من غير الممكن أن يحرم أبناء البصرة وهي محافظة نفطية من العمل في حين تستقدم الآلاف من الأيدي العاملة من الخارج.
من جهته شكك رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق وليد نعمة بتقديرات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشأن عدد العمال الأجانب والتي لا تتجاوز المليون، مؤكدًا أن العدد أكبر من المعلن وقد يصل إلى مليون و500 ألف عامل.
وأضاف أن الشركات النفطية استقطبت كثيرًا من الأيدي العاملة الوافدة وتحديدًا الصينية والباكستانية والبنغالية، مؤكداً أن ضعف القانون تسبب بارتفاع هذا العدد من العمالة وتشكيل بعضها أحياناً، شبكات تنفذ عمليات قتل واتجار بالبشر.
وتابع أن إجراءات دائرة الإقامة في وزارة الداخلية يجب أن تكون حاسمة في هذا الموضوع بالتعاون مع دائرة التفتيش في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فضلاً عن التخطيط من أجل الحد من هذه الظاهرة.
وتمثل العمالة الأجنبية تهديدًا للاقتصاد العراقي ولسوق العمل، فهي تارة تقوض فرص العمل للشباب العاطلين والباحثين عنه في الأسواق المحلية والقطاع الخاص المتمثل بالمصانع والمشاريع الاستثمارية، الذي يُعد السبيل الوحيد بعد إيقاف التعيينات جراء الترهل الوظيفي في دوائر الدولة وقلة الإيرادات المالية التي تعيق خلق درجات وظيفية للكم الهائل من العاطلين والخريجين، وتارة تعد العمالة الأجنبية الطريق الشرعي لتهريب العملة الصعبة (الدولار) الى خارج البلاد.

مظهر محمد صالح: قيمة الحوالات الشهرية للعمالة الأجنبية في العراق تبلغ 200 مليون دولار شهريًا

وقال المستشار المالي للحكومة مظهر محمد صالح، إن قيمة الحوالات الشهرية للعمالة الأجنبية في العراق تبلغ 200 مليون دولار شهريًا، واصفًا العمال غير الشرعيين في البلاد، ممن لا يملكون ترخيص عمل بأنهم يشكلون نوعًا من الاستنزاف للدولة.
وأكد على أن أعداد العمالة الأجنبية في تزايد وأغلبهم دخل البلاد بطرق غير قانونية، ويشكل وجودهم نمطين من الاستنزاف الأول منافسة العمل الوطني من جهة، وإنتاجهم لا يتناسب مع مقادير تحويلاتهم الخارجية، مما يؤدي إلى استنزاف غير ملموس لموارد البلاد من النقد الأجنبي المحول، فضلًا عن تكاليف إقامتهم ومعيشتهم التي تماثل المبالغ المحولة.
وبين عضو لجنة العمل في البرلمان، حسين عرب، أن من أهم أسباب تدهور سوق العمل العراقية، وجود العمالة الأجنبية غير الرسمية.
وقال عرب، إن من بين العمالة الأجنبية في العراق التي تتجاوز المليون عامل، أكثر من 800 ألف يعملون بصورة غير شرعية، ويدخلون في السوق بطرق احتيال دون الحصول على أذونات العمل.
وأشار إلى أن الأرقام الرسمية التي اطلع عليها عن طريق رصد التحويلات المالية للعاملين الأجانب تبلغ أكثر من 350 مليون دولار شهريًا، ما يشكل عبئًا كبيرًا على النظام المالي في الاقتصاد العراقي.
من جهته أكد الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، أن أرقام العمالة الأجنبية في العراق البالغ عددها مليون شخص، يعطي الفضول حول إجراء حساب بسيط عن متوسط رواتبهم والأموال المحولة إلى الخارج.
وافترض أحمد صباح تقاضي العامل الواحد راتبًا شهريًا بحدود 700 دولار في المتوسط، فهذا يعني أن هناك 700 مليون دولار تخرج شهريًا كرواتب للعمال الأجانب، أي حوالى 8.5 مليارات دولار سنويًا.
وأضاف أن أغلب هؤلاء العمال غير ماهرين، ويمكن الاستغناء عنهم وتعويض أماكنهم بالعمال المحليين، والإبقاء على العمالة التي يمكن الاستفادة منها في نقل الخبرات للعامل المحلي.
ويلفت الباحث الاقتصادي علي كريم إذهيب، إلى أن “حجم الحوالات المالية للعمالة الأجنبية بالدولار إلى خارج العراق، مهولة وهذا مؤشر خطير”
وأشار إلى أن العمالة الأجنبية ظاهرة صحية للاقتصاد لكن عندما تكون خارج الضوابط فإن هذا يعتبر استنزافًا للعملة الصعبة كون هناك أكثر من مليون عامل أجنبي في العراق وقرابة الـ80 بالمائة منهم دخلوا لسوق العمل العراقي بطرق غير شرعية”.
وتابع “هذا الأمر يزيد من نسبة البطالة بين العمالة الوطنية في ظل تخرج آلاف الطلاب من الجامعات وانطلاقهم إلى سوق العمل بالتزامن مع عدم تنشيط دور القطاع الخاص بسبب مشاكل متواترة تضرب الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بنسبة 96 بالمائة على الواردات المالية المتحققة من بيع النفط الخام”.
ويتفق عدد من المواطنين إلى ما ذهب إليه الباحث الاقتصادي على كريم إذهيب حيث يرى المواطن جعفر الخفاجي (39 عامًا) من محافظة واسط، إن “العمالة الأجنبية استحوذت على جميع فرص العمل سواء في الشركات الأهلية أو المحال التجارية وحتى سوق البناء وغيره من الأشغال الحرة”.
وأضاف الخفاجي أن “غالبية أرباب العمل يفضلون اليد العاملة الأجنبية على المحلية لعدة أسباب في مقدمتها انخفاض أجورهم، حيث إنهم يقبلون بأجور تصل إلى نصف أجورنا، بالإضافة إلى عدم اعتراضهم على كثرة ساعات العمل والتي تتجاوز العشر ساعات وأكثر”.
وأشار إلى أن “العمل في المحافظات هو بالأساس قليل مقارنة ببغداد، لذا فإن أغلب العمال يتوجهون إلى بغداد على أمل إيجاد فرص عمل مناسبة سواء في شركة أو مطعم أو في المولات والأسواق، لكن الفرص ضئيلة جدًا بسبب العمالة الأجنبية فهم يستحوذون على أكثر من 50 بالمائة من فرص العمل”.

العمالة الأجنبية استحوذت على جميع فرص العمل سواء في الشركات الأهلية أو المحال التجارية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى