أخبار الرافدين
تغطية خاصةتقارير الرافدين

هل صار طريق بغداد يمر عبر طهران، سواء زار أم لم يزر علي حاتم سليمان إيران

خطة إيرانية يديرها السفير السابق حسن دانائي فر لإخضاع مقتدى الصدر لنموذج التوافق مع أحزاب وميليشيات إيران، انطلاقًا من فكرة الكتلة الأكبر.

بغداد- الرافدين

قلل مصدر مطلع من أهمية الجدل المتصاعد بشأن زيارة علي حاتم سليمان أحد كبار شيوخ محافظة الأنبار، إلى إيران قبل عودته إلى بغداد.

وقال “سواء زار سليمان طهران، الذي تؤكده غالبية المعلومات، أو لم يزرها، فهو قد خضع للقرار الإيراني ومر طريق عودته إلى بغداد بالتنسيق مع طهران”.

ووصف المصدر في تصريح لـ “الرافدين” خضوع الشخصيات السياسية والعشائرية للابتزاز الإيراني من أجل المصالح السياسية والشخصية الأنانية، أقصى درجات انهيار الوطنية.

وذكر مصدر آخر لقناة “الرافدين” أن سليمان لم يكن في إيران، وما تم تأكيده هي أن عودته تمت بتنسيق إيراني مع الإطار التنسيقي الذي يضم الميليشيات الولائية، مشيرًا إلى أن إيران لا تستقبل علي حاتم في الوقت الحاضر، ولكن لا تمانع من التنسيق معه بما يخدم أجندتها في العراق.

ومثلت عودة علي حاتم ورافع العيساوي الذي تقلد مناصب وزارية في حكومة نوري المالكي، وجاري التفاوض مع نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي وبعض الأسماء الأخرى لإقناعهم بالعودة، صفقة سياسية، تديرها أحزاب إيران في العراق، للتأثير على تحالف التيار الصدري مع رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي.

وسبق وأن تم ترتيب صفقة إيرانية لعودة رجل الأعمال والسياسي خميس الخنجر في وقت قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتل لاحقًا في غارة أمريكية قرب مطار بغداد.

وسجل الخنجر بعدها تحولًا راديكاليًا في مواقفه السياسية، إذ انتقل من الخصومة العلنية الحادة مع إيران إلى ساحة حلفاء طهران الموثوقين.

وترى أوساط سياسية عراقية أن البلاد مقبلة على صراع خصوصًا في محافظات غرب العراق تصب في صالح المشروع الإيراني في العراق، وأن المؤشرات الأولية التي تعدها إيران مع ميليشياتها في العراق، تشير إلى إعداد مشروع سياسي لعلي حاتم ما بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين في بداية صراع على الزعامة مع الحلبوسي.

وظهرت أولى مؤشرات ذلك التنافس بعد فصل تحالف “تقدم” الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب، النائب ليث الدليمي، من صفوفه، إثر الأنباء التي تحدثت عن لقاء جمعه بسليمان خصم الحلبوسي اللدود، بمجرد عودته إلى بغداد.

وعدّ محلل سياسي عراقي أن المالكي بوصفه صانع أزمات يهرب بها إلى الأمام، نجح لحد الآن وبتعليمات إيرانية، في استغلال ملف عودة سليمان والعيساوي إلى بغداد لأغراض المزايدات السياسية، وإرباك تحالف الصدر والحلبوسي.

إلا أن المالكي نفى على استحياء دوره في عودة سليمان، وذكر في بيان مقتضب “هناك استغلال لملف المطلوبين للقضاء لأغراض المزايدات السياسية وتهم لهذا الطرف أو ذاك”.

غير أن الصحفي كرم نعمة عدّ أن الهروب والعودة من سلطة الأحزاب الطائفية الحاكمة في المنطقة الخضراء، ليس سوى معادلة ابتزاز وخضوع لاحق للأجندة الإيرانية.

وقال نعمة إن “الوطنية العراقية لديها مقياس رفيع اليوم يتمثل بعدم الخضوع لأحزاب إيران في العراق”.

وذكرت مصادر سياسية عراقية أن خطة تفتيت تحالف الصدر مع الحلبوسي ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني أعدت في طهران بإدارة السفير الإيراني السابق حسن دانائي فر، الذي كان فاعلًا في بغداد حين تشكلت حكومتا المالكي وحيدر العبادي.

طهران تحاول تفتيت تحالف الصدر مع الحلبوسي ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني

وأضافت أن دانائي عوّض ضعف تأثير قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني على الأحزاب والميليشيات في بغداد، مطالبا إياه بترك الملف العراقي لمن يستطيع تنفيذ الأجندة الإيرانية.

ويتحدث قادة ميليشيات ولائية في بغداد عن الدور المرتقب لدانائي الذي أخبرهم بأنه يحمل “آليات جديدة للعمل، خلاصتها توجيهات المرشد علي خامنئي بأن وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي”.

ولا تستهدف خطة دانائي الضغط على الصدر إلى درجة ذهابه إلى المعارضة، لكنها تريد إخضاعه لنموذج التوافق مع أحزاب وميليشيات إيران، انطلاقًا من فكرة الكتلة الأكبر.

وبدأت بالفعل الخطة الإيرانية التي يديرها دانائي في عودة العيساوي وسليمان، كأولى مراحل الضغط لتفتيت تحالف الصدر مع الحلبوسي والبارزاني.

وانتقل العراق، بوصفه ملفًا إيرانيًا استراتيجيًا، خلال السنوات الماضية بين جهازي الاستطلاعات والحرس الثوري الإيراني، وبذلك الانتقال ناورت طهران بين الإدارة الناعمة بالتزام قواعد الاشتباك، وبين ضرورات الحماية المباشرة لنفوذها في العراق، وغالبًا ما كانت الكفة تميل للحرس الثوري.

وخلال اليومين الماضيين، تصاعدت حدة الجدل، بعد ظهور سليمان، في بغداد، بعد تسوية قضية الاتهامات ومذكرات القبض التي كانت تلاحقه منذ عام 2013.

وحشر المالكي الدوافع السياسية والتهم الكيدية بوصفها أداة لإقصاء الخصوم السياسيين، وشارك القضاء بوصفه أداة غير عادلة في تمرير تلك القضايا. الأمر الذي دفع مجلس القضاء الأعلى إلى إصدار بيان غاضب، السبت، رفض فيه الاتهامات الشعبية والسياسية واسعة النطاق التي توجه ضده بشأن التسويات الأخيرة.

ويرى مراقبون سياسيون أن الحلبوسي بدأ في الأيام الأخيرة أضعف طرف في التحالف الثلاثي، غير أن مراقبًا سياسيًا عراقيًا قال، إن الحلبوسي أذكى وأصعب من أن يقع في أول محاولة لإزاحته أو الضغط عليه، مع أنه يبدو اليوم أضعف قوى التحالف الثلاثي.

ويستمر الجمود السياسي في العراق بعد فشل الأحزاب والقوى السياسية على التوافق فيما بينها في توزيع مغانم المحاصصة الطائفية وتشكيل الحكومة بعد أكثر من ستة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية.

وعزا تقرير لموقع “المونيتور” المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، الانسداد السياسي إلى الميليشيات والجماعات المدعومة من إيران المنضوية تحت الإطار التنسيقي، وحليفها الكردي المتمثل بالاتحاد الوطني الكردستاني، بالإضافة إلى عدد من السياسيين الممثلين لمدن غرب العراق المرتبطين بإيران، الأمر الذي أثار موجة جديدة من المشاعر المعادية لإيران في أوساط العراقيين.

ورجح التقرير أن تتصاعد المشاعر القوية المعارضة لإيران بين العراقيين، فيما يستشعرون بصيف ساخن في العراق، مع انعدام الخدمات وفرص العمل وانقطاع التيار الكهربائي.

 

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى