أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

فضحية فساد “مليونية” تهز وزارة المالية في العراق

وزير المالية وكالة يعفي مدير عام هيئة الضريبة ومعاونه على خلفية فساد بالمال العام تصل إلى 800 مليون دولار.

بغداد- الرافدين

هزت فضيحة فساد جديدة وزارة المالية في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تم اعفاء بمقتضاها أسامة حسام جودة مدير عام هيئة الضريبة ومعاونه على خلفية الاضرار بالمال العام.
وأصدر وزير المالية وكالة، احسان عبد الجبار، قرارا بإعفاء جودة على خلفية الفساد من دون أن يكشف طبيعة ونوع الفساد ومقدار الأموال التي تم هدرها.
بينما نقلت مصادر صحفية عراقية عن مصدر مسؤول في وزارة المالية، قوله “تم فتح تحقيق بسبب اختفاء مبالغ تجاوزت 800 مليون دولار، من ايرادات هيئة الضريبة العامة وعلى إثر ذلك تم اعفاء مدير عام الهيئة ومعاونه وعدد من مدراء الأقسام في الهيئة”.
وقال المصدر ان “التحقيق مازال مستمر من قبل لجان مختصة من قبل وزارة المالية وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية”.
وأكد على أنه سوف تصدر مذكرات اعتقال بحق عدد من الأشخاص والمسؤولين المتورطين بهذا الفساد من شخصيات مسؤولية بهيئة الضريبة. ويأتي الكسف عن فضيحة الفساد الجديدة بعد أسابيع من استقالة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي من منصبه.
وأشار علاوي إلى أن الأخطبوط الهائل من الفساد والخداع قد وصل إلى كل قطاع من قطاعات اقتصاد الدولة ومؤسساتها وطالب بتفكيكه بأي ثمن إذا كان مقدرًا لهذا البلد أن يبقى على قيد الحياة بحسب بيان الاستقالة.
وكشف وزير المالية المستقيل، تفاصيل جديدة بشأن ملف فساد الجمارك، مبينًا أن الفاسدين يسيطرون على 6 إلى 7 مليارات دولار سنويًا، مبينًا أن شبكات سرية لكبار المسؤولين الحكوميين ورجال أعمال وسياسيين وموظفي الدولة الفاسدين سحبت مليارات الدولارات من خزينة العراق العامة.
وقال إن ملف الجمارك فيه الكثير من الفساد وهدر الأموال بسبب تضارب المعلومات بين البنك المركزي والجمارك وديوان الرقابة المالية.
وأضاف أن الإحصائيات تشير إلى أن العراق يستورد سنويًا بضائع بأقل تقدير بـ 70 مليار دولار وقيمة جماركها تتجاوز الـ 9 مليارات دولار ما يعني دخول تلك الأموال ضمن خزينة الدولة إلا أن الأمور تختلف عن الواقع.
وزعم علاوي أن استقالته تعود إلى طول فترة بقاء الحكومة حكومة “تصريف أعمال”، معبرًا عن إحباطه للغاية، لكونه غير قادر على عمل ما يجب القيام به، بسبب افتقار الحكومة للوضع القانوني والصلاحيات الكاملة.
ووصف علاوي الوضع الحالي بأنه “غير معقول ولا مقبول”.
وفي خطاب استقالته قال علاوي إن الكتل السياسية، عدا الصدريين، كانت رافضة له، لكنه أيضا وجه قبل أشهر خطابًا للكاظمي اشتكى فيه من محاولات الصدريين فرض إرادتهم عليه.
وأضاف أنه “تعرف على مدى تدهور الدولة” من خلال مباشرته بمنصبه، حيث “تم الاستيلاء على الدولة فعليًا من قبل الأحزاب وجماعة المصالح الخاصة”.
وأثارت قرارات علاوي غير المسبوقة الكثير من الجدل في البلاد، حيث قام برفع سعر تصريف الدولار بواقع 30 في المائة تقريبًا مما أضعف قوة العملة العراقية ورفع الأسعار، لكن هذا أيضا قلل تهريب الدولار من البلاد بشكل كبير.
واتهم علاوي حكومة عادل عبد المهدي بأنها حاولت تهدئة المتظاهرين باستخدام جميع فوائض الدولة وقامت بتوسيع رواتب القطاع العام بشكل كبير واستنفدت أموال الدولة حرفيًا وسحبت احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية.
لكن على الرغم من كل الأسباب التي ذكرها علاوي في استقالته المكونة من 10 صفحات والتي وصفها مراقبون بانها أطول استقالة في التاريخ، يبقى السؤال، لماذا الآن؟
ويعتبر مزاد العملة في البنك المركزي، أحد أبرز المؤسسات التي تتصارع عليها الأحزاب والجماعات المسلحة، ووفقاً لهيئة النزاهة العراقية، فإن المزاد تسبب بضرر مالي يصل إلى نحو 4 مليارات دولار.
وفي آذار من العام الماضي وصف رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي مزاد العملة بـ “سيئ الصيت”، وقال إن “حكومته تمكنت من الحد من الفساد فيه”.
وكشفت مصادر سياسية أن “بعض الأحزاب تأتي بشخصيات ضعيفة وغير قيادية لمناصب حكومية، سعياً منها للسيطرة عليها وإدارة الوزارات من خلال شخصيات أخرى تكون بصلاحيات وزراء في الظل”.
وأضافت المصادر أن “من السلوكيات المتبعة لبعض الأحزاب، توقيع الوزراء والمديرين العامين على كمبيالات وصكوك واستقالات من دون تواريخ لتهديدها بها إذا ما رفضوا الانصياع لزعماء الأحزاب والمقربين منهم”.
وقال المحلل السياسي نجم القصاب إن “عصابات ومافيات ترفع شعارات أحزاب سياسية، هي التي تسيطر على مقدرات البلد وأسهمت في هدر المال العام وغياب الخدمات وتراجع التعليم والصحة في البلاد”.
وأضاف أن “الفضائح السياسية التي انتشرت مؤخراً أثبتت وبالدليل القاطع أن هذه الأحزاب تتعامل بطرق المافيات”.
وبحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للعام 2021، حلّ العراق في المرتبة 157 (من أصل 180 دولة) في ترتيب البلدان الأكثر فسادًا فوجود البلاد على مدرج الفساد يوضح مدى انحداره في عتمة الفوضى والفشل بسبب تسلط لصوص الدولة على أموال العراقيين
وسبق وأن أثار خبر إقالة مديرة التحقيق في هيئة النزاهة في كردستان العراق بعد سنة من توليها الوظيفة بسبب الفساد ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتساءل المعلق السياسي شاهو القره داغي إذا النزاهة فاسدة فأين الحل؟
وقال مدونون “إذا توفرت الأدلة الدامغة لابد من المحاسبة فالإقالة ليست الحل”.
وأكد آخرون على عدم وجود مؤسسة حقيقية قادرة على محاسبة الفاسدين لأن الإرادة الحزبية الفاسدة أقوى من سلطة القضاء والذي لم يسلم أيضًا من الفساد الممتزج معه في ظل حكومات ما بعد عام 2003..
ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.
وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى