أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

انهيار القانون والعجز الحكومي يشجع الميليشيات على استثمار الخلافات العشائرية

النزاعات العشائرية ظاهرة تستغلها الميليشيات لترويج السلاح المنفلت والقيام بعمليات انتقام وابتزاز والاستحواذ على الأملاك في المدن العراقية.

بغداد – الرافدين

فشلت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في العراق بفرض سلطة القانون، وانشغلت بالمحاصصة الطائفية والحزبية، فيما غابت “هيبة الدولة” الأمر الذي أدى إلى انفلات تسبب في بروز ظواهر لصوصية وعشائرية هددت السلم الاجتماعي وشجعت على تأسيس الميليشيات.
وعجزت الحكومات في بغداد في السيطرة على “النزاعات العشائرية” التي صارت تدار من قبل الميليشيات وفق اجندة للسيطرة على المناطق بغياب القانون وشيوع ممارسات تمثّل مستوى متقدّمًا من التهديد دون وجود ضوابط رادعة لمثل هذه الجرائم.
واستثمرت الميليشيات المسلحة ذرائع النزاعات العشائرية في عمليات تهجير طائفية وقتل على الهوية.
وعادة ما يذهب عناصر الميليشيات إلى البيوت المستهدفة ويدعون وجود خلاف عشائري قديم مع أهاليهم أو أقاربهم الذين قد توفوا منذ سنوات عديدة، ويختلقون أسباباً وقصصاً عديدة ويطالبوهم بإخلاء المنزل الذي يسكنون فيه وتحويله إليهم لدفع الدية العشائرية.
وسبق وأن أغلقت نقابة أطباء العراق، مقرها العام في العاصمة بغداد، بسبب تهديدات عشائرية.
وذكرت النقابة في بيان، أن مجلس نقابة الأطباء قرر تعليق أعماله ونشاطه وغلق أبواب المقر العام ومنح الموظفين الذين سبق أن تعرضوا الى التهجم والإساءة إجازة مفتوحة.
وأكدت أن أعضاءها تعرضوا لسلسلة من التهديدات العشائرية بسبب اتخاذ المؤتمر العام للنقابة قرارًا بإقالة النقيب السابق الذي رفض القرار وحاول التأثير على النقابة كي تتراجع عن موقفها.
وأشارت الى أن تعليق أعمالها سيستمر إلى أن تتمكن أجهزة الأمن والقضاء الحكومي من ضمان أمن أعضاء النقابة وسلامة المقر والعاملين فيه.
وتكررت تلك الحوادث في محافظتي البصرة وميسان حيث سجل بعض الأهالي شكوى لدى الأجهزة الأمنية، ولكن الأغلبية تخوفوا من تقديم الشكوى نظراً لتهديدات الميليشيات لهم بقتل أبنائهم، فيما لم يتخذ قادة الأجهزة العسكرية أية إجراءات رادعة بحق هذه العصابات الميليشياوية نظراً إلى تخوف جزء منهم، وتواطؤ الجزء الآخر.
وتشهد العديد من المحافظات العراقية نزاعات عشائرية تتطور في بعض الحالات إلى المواجهة المسلحة بين الجهات المتخاصمة، ويؤدي ذلك إلى سقوط ضحايا من الطرفين، فضلا عن تعطيل الحياة في المناطق التي تشهد مثل هكذا حالات، وذلك بسبب فشل الإجراءات الأمنية الحكومية في ضبط الأوضاع، وطغيان سلطة السلاح المنفلت على سلاح الدولة.
وتسببت اشتباكات عشائرية مسلحة في مدينة الصدر الاثنين بإصابة مواطنين من المارة صادف وجودهم في ميدان الصدام المسلح حيث اخترقت رصاصة طائشة رقبة أحد المواطنين لينقل على إثرها إلى المستشفى.
وأصيب ثلاثة اشخاص بجروح جراء نزاع عشائري مسلح اندلع، مساء يوم السبت، شمالي محافظة البصرة.
وذكر مصدر أمني حكومي أن النزاع المسلح الذي اندلع بين عشيرتي في قضاء (الصادق) شمالي البصرة، واستخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، أسفر عن إصابة ثلاثة اشخاص بجروح بعضها خطيرة.
وتشهد العديد من المحافظات العراقية، بين فترة وأخرى، نزاعات عشائرية تتطور في بعض الحالات إلى المواجهة المسلحة بين الجهات العشائرية المتخاصمة، ويؤدي ذلك إلى سقوط ضحايا من الطرفين، فضلا عن تعطيل الحياة في المناطق التي تشهد مثل هكذا حالات، وذلك بسبب فشل الإجراءات الأمنية الحكومية في ضبط الأوضاع، وطغيان سلطة السلاح المنفلت على سلاح الدولة.
وتطورت أسباب “الدكة العشائرية” مع العجز الحكومي في السيطرة عليها واستغلالها من قبل الميليشيات لتشمل أمورًا تعتبره هذه العشيرة مسيئا لها وطال بعضها إعلاميين ومقدمي برامج حوارية في بغداد.
وسبق وأن اعتبرت السلطات الحكومية “الدكة العشائرية” من جرائم الإرهاب من دون أن يكون لهذا الاعتبار أي تأثير على تراجعها.
ويعزو خبراء قانونيون تصاعد النزاعات العشائرية إلى غياب سلطة الدولة والانفلات الميليشياوي المسلح الذي استثمر تلك الظاهرة في تهجير السكان والاستحواذ على أملاك الغير.

أحمد الشريفي: الحكومة الحالية غير قادرة على ضبط السلاح المنفلت ومعاقبة المتاجرين به.

ويرى الخبير بالشؤون الأمنية والاستراتيجية أحمد الشريفي أن “الحكومة الحالية غير قادرة على ضبط السلاح المنفلت ومعاقبة المتاجرين به، لا سيما أن عملية بيع وشراء واستخدام السلاح لا تقتصر على العشائر، بل تدخل على هذا الخط جهات حزبية وأخرى سياسية تسعى إلى تنفيذ مشاريعها”.
وقال الشريفي أن العشائر والجهات المسلحة في وسط وجنوب العراق لا تمتلك المسدسات والرشاشات فقط، إنما هناك من يمتلك الصواريخ والمدافع والآليات، لافتًا إلى أن هذه العشائر قادرة على احتلال المدن، لامتلاكها الخبرة العسكرية في المواجهة.
وتطور الأمر أكثر حيث استخدمت بعض العشائر في نزاعاتها طائرات مسيرة لضرب العشائر الأخرى.
وتستمد بعض العشائر قوتها من السياسيين المتنفذين وقادة الميليشيات الذين يغذون هذه العشائر بالسلاح لتعم الفوضى وتسنح الفرصة لهم بممارسة نشاطاتهم المشبوهة كتجارة المخدرات وتهريب النفط والاستيلاء على الأراضي الزراعية والعقارات ونهب مقدرات الدولة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى