أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عجز وتواطؤ حكومي أمام تجارة الميليشيات للمخدرات في العراق

تجارة المخدرات نتاج انهيار الدولة في العراق منذ عام 2003، وجهات متنفذة من الطبقة السياسية والميليشيات المنضوية في الحشد جمعت أموالًا هائلة عبر المتاجرة بها مع سوريا وإيران.

بغداد – الرافدين
يشهد العراق تناميًا خطيرًا لتجارة المخدرات وترويجها وتعاطيها، بعد تحوله من معبر للمخدرات إلى مستهلك في العقدين الأخيرين، ما أوصل تجارة وتعاطي المخدرات في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة تنهش جسد المجتمع.
وفي اليوم الدولي لمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها، الذي تحتفي به الأمم المتحدة في السادس والعشرين من حزيران من كل عام للعمل على إيجاد مجتمع دولي خال من المخدرات، وصلت المخدرات في العراق إلى مدارس الأطفال، بحسب وزير الصحة الأسبق جعفر علاوي.

محمد الجميلي: الكارثة أن حكومة السوداني شكلتها ميليشيات الحشد وهي التاجر الأول للمخدرات عبر منفذ القائم مع سوريا
وفي إحصائيات التقرير السنوي لعام 2022 بشأن المخدرات الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن عدد المتعاطين للمخدرات بلغ نحو 284 مليون شخص حول العالم، تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة، أي حوالي 5.6 بالمائة من سكان العالم، ما يمثل زيادة قدرها 26 بالمائة عن عام 2010.
وكان جعفر علاوي قد أبدى استغرابه من كيفية دخول مخدر الكريستال بالأطنان عبر الشاحنات من خلال منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، واصفًا ظاهرة انتشار المخدرات بالقنبلة الذرية التي تدمر العراق.
ووصف مراقبون، تصريحات الوزير الأسبق بالمتأخرة، وأن تجارة المخدرات باتت تُدار عن طريق الميليشيات بالتواطؤ مع القوات الأمنية.
وجاءت تصريحات الوزير الأسبق، بالتزامن مع اعتراف رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بأن “قضية المخدرات باتت تهدد المجتمعات، وخطرها يهدد كيانات الدول”، الأمر الذي أثار تهكمًا واضحًا في أوساط الشارع العراقي.
وأكد عراقيون، بأن السوداني أصبح مثالًا للدعاية الفارغة بجعل العراق خاليًا من المخدّرات، بينما يدرك أن ميليشيات متنفذة داخل الإطار التنسيقي صارت تعتاش على تجارة المخدرات ما بين سوريا وإيران، وجعلت من العراق مستهلكًا وممرًا في اتّجاه عدد من البلدان العربية، في ظلّ عدم ضبط الحدود مع إيران وسوريا.
وتساءل الإعلامي العراقي محمد الجميلي عما إذا كان بمقدور المراقب أن يعوّل على كلام السوداني إن حربه على المخدرات لا تقل ضراوة عن حربه ضد الإرهاب.
وقال “الكارثة الكبيرة إن حكومة السوداني شكلتها ميليشيات الحشد وهي التاجر الأول للمخدرات في المنطقة، والتي تسيطر على منفذ القائم مع سوريا وتجارة المخدرات عبره أهم أعمالها إضافة إلى نقل الأسلحة الإيرانية”.
وأقتبس الجميلي اعتراف حاكم الزاملي “القيادي في التيار الصدري” بأن شخصيات رسمية كبيرة تنقل المخدرات بسياراتها الحكومية الخاصة عبر المنافذ الحدودية مع إيران.
وتساءل “كيف سنكافح المخدرات بمن يروجها ويتاجر بها، ويقول السوداني إنهم لن يتساهلوا في مواجهة المخدرات على المستوى القانوني ويا لها من نكتة سمجة يضحك منها تاجر المخدرات ابن لؤي الياسري الذي أخرج من السجن مع تلبسه بقضية المخدرات”.
ولا تستطيع الحكومة الحالية إخفاء حقيقة تورط القوات الأمنية في تعاطي المخدرات والاتجار بها، حيث كشفت فحوص المخدرات التي أجرتها وزارة الداخلية الحالية عن وجود الكثير من المتعاطين في صفوف القوات الأمنية.
وأكدت ذلك، تقارير دولية أشارت إلى ارتفاع أعداد المتعاطين من القوات الأمنية حيث أشار تقرير للأمم المتحدة أن 6 من بين كل 10 منتسبين يتعاطون المخدرات.
يأتي ذلك مع إعلان المديرية العامة لشؤون المخدرات في وزارة الداخلية الحالية عن اعتقال ما لا يقل عن 41 شخصًا يوميًا بتهمة التعاطي والإتجار بالمخدرات، وضبط أكثر من 9 ملايين حبة كبتاجون مخدرة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
وقالت المديرية، “إن محافظات البلاد الوسطى والجنوبية هي الأعلى في كميات المخدرات المضبوطة فيها بينما تحولت محافظة الأنبار إلى منطقة عبور محلية وخارجية للمخدرات”.
وعزا، عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، علي البياتي، تفاقم انتشار المخدرات، إلى غياب الحلول التي تعالج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقلة الوعي، وعدم وجود تقنيات حديثة للكشف عن المخدرات في المناطق الحدودية، وتورط جهات سياسية وميليشيات مسلحة، وغياب مراكز التأهيل في العراق.
وحث على، تشديد العقوبة على المتاجرين بالمخدرات وتطوير الإمكانات للكشف المبكر وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب مع السعي لتعاون دولي في الملف، والسعي لكشف الشبكات الداخلية والجهات السياسية المستفيدة أو المتعاونة في الترويج للمخدرات.
جعفر علاوي: دخول مخدر الكريستال بالأطنان عبر الشاحنات من خلال منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، بمثابة قنبلة الذرية التي تدمر العراق
ويجمع معلقون سياسيون على أن تجارة المخدرات نتاج انهيار الدولة في العراق منذ عام 2003، وأن جهات متنفذة سواء من الطبقة السياسية أو الميليشيات جمعت أموالاً هائلة من تلك التجارة المستمرة مع سوريا وإيران.
وبيَّن عضو منظمة “عراق خال من المخدرات”، علي الحبيب، أن “المخدرات منتشرة بشكل كبير في العراق بسبب عدم السيطرة على المنافذ الحدودية”، وأكثر المحافظات المتضررة هي العمارة والبصرة وواسط، وجميعها حدودية مع إيران، حيث تتسرب كميات كبيرة من الحشيشة والكريستال والكبتاغون”.
وأوضح أن “قانون المخدرات في العراق يتسبب هو الآخر بطريقة أو بأخرى بانتشار المخدرات، خصوصًا أنه يشهد حالة من عدم التمييز بين المتعاطي والمتاجر، ناهيك عن تلاعب قانوني من قبل بعض المحامين والتجار من خلال تحويل المتاجرين إلى متعاطين لتخفيف العقوبة، إضافة إلى دخول الفساد والسلاح المنفلت على خط رعاية التجار وتسريب المخدرات إلى المدن العراقية”.
وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي يعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقًا، إلا أنه أُلغي بعد الاحتلال، وفرضت عقوبات تصل إلى السجن مدة 20 عامًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى