أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

ازدراء واستهجان شعبي ومعماري لبشاعة هدم جامع السراجي في البصرة

هيئة علماء المسلمين في العراق: جرى هدم منارة جامع السراجي بطريقة مهينة، وفي مشهد اجتمعت فيه صور الإذلال والاستخفاف بمشاعر أهالي البصرة ومصلي الجامع.

البصرة- الرافدين
عم الاستياء بين أوساط شعبية ومعمارية ودينية وتراثية بعد إقدام الحكومة المحلية في محافظة البصرة على هدم منارة جامع السراجي الأثري.
وأجمعت على أن طريقة التهديم لا تكتفي ببشاعة تدمير وإزالة المنارة بواسطة جرافة، وإنما فندت المزاعم السابقة لمحافظ البصرة أسعد العيداني عندما وعد بأنه سيتم المحافظة على طابوق المنارة الأثري لإعادة استخدامه.
وكشفت عملية التدمير الأغراض الطائفية الكامنة بعد أشهر من الجدل والرفض الشعبي، غير أن العيداني تصرف بـ “حماقة” و “جهل” وعدم تقدير القيمة المعمارية والتاريخية للمنارة وفق معماريين وآثاريين.
وشرعت الحكومة المحلية في البصرة فجر الجمعة بإزالة جامع السراجي وقالت إن الأمر تم بالاتفاق مع الوقف السني.
غير أن مزاعم العيداني الذي يعد أحد تلاميذ رئيس المؤتمر الوطني السابق أحمد الجلبي الذي كان من أكبر مروجي احتلال العراق ويقف وراء تأسيس “البيت الشيعي” الطائفي، قوبلت بالرفض والإدانة والاستهجان من قبل جهات حكومية.
وبدا العيداني في غاية “السعادة” وهو يشرف على عملية التهديم فجر الجمعة، في مشهد وصف بـ “الصفاقة” الأخلاقية وعدم الإحساس بالمسؤولية حيال معلم أثري من معالم مدينة البصرة.
ويعد جامع السراجي الذي يقع في محلة السراجي في قضاء أبي الخصيب، من مساجد العراق التاريخية القديمة في مدينة البصرة ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية، وبني في العام 1727.
وتبلغ مساحة الجامع 1900 متر مربع، وكان بناؤه من مادة اللبن والطين، وجدد بناؤه من قبل مجموعة من المتبرعين في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وكان آخر تجديد لهُ في عام 2002، وتقام في الجامع حالياً صلاة الجمعة وصلاة العيدين والصلوات الخمسة.
وعد مؤرخ البصرة الراحل حامد البازي الجامع من أوسع مساجد البصرة مساحة قديما، حيث كان يسمى بالمسجد الكبير في البصرة قبل بناء المساجد الحديثة وجامع البصرة الكبير، وكان من مسمياته القديمة اسم جامع “مناوي لجم الكبير”، لأن المنطقة كان تحمل هذا الاسم.
وفي الجامع منارة أثرية فخمة البناء لها حوض واحد، مبنية بالآجر القديم ونقشت بعض أجزائها العلوية بالكاشي الملون، وفيهِ مصلى واسع يبلغ عرضه 18 متراً وبطول 11 متراً، وللحرم محراب مبني من الطابوق والأسمنت ومنبر محاط بسياج من خشب الصاج، وتحيط بالمصلى النوافذ من كل جانب.
ووصف وزير الثقافة والسياحة والآثار في حكومة الإطار التنسيقي احمد فكّاك البدراني، تهديم المنارة بأنه ألحق الضرر بالأرث الحضاري الكبير للبلاد، رغم تقديم الهيئة العامة للآثار والتراث عدة مقترحات للحفاظ عليها وتجزئتها ونقلها الى داخل باحة المسجد.
وطالب البدراني، الوقفين “السني والشيعي” بالتدخّل والوقوف بحزم ومعاقبة منتسبيها في حالة السماح لهم بالتجاوز أو تزوير الحقائق التاريخية.
غير أن كلام البدراني يبدو أشبه بالتهرب من مسؤولية حماية التراث العراقي، وإصدار البيان لا يغير من حقيقة العمل البشع الذي ارتكب اليوم في محافظة البصرة.
وأصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانًا شجبت فيه هدم الجامع ومنارته التأريخية.


محمد الجميلي: استهدفوا المساجد في أبي الخصيب في البصرة وقتلوا الأئمة والمؤذنين والحراس فيها قبل أن يستهدفوا جامع السراجي بهدمه وإزالته بحجة توسعة الطريق!

وذكرت الهيئة في البيان “جرى هدم منارة الجامع بطريقة مهينة، وفي مشهد اجتمعت فيه صور الإذلال والاستخفاف بمشاعر أهالي البصرة ومصلي الجامع، واقترنت بالتجاوز الكامل لكل حسابات حل هذا الموضوع بالطرق التي تحفظ للجامع مكانته وهيبته، وللبصرة أثرًا من آثارها التاريخية المهمة ومنارة من أقدم المنائر فيها”.
وأضاف بيان هيئة علماء المسلمين “على الرغم من اعتراض دائرة الآثار والتراث في البصرة وهي جهة ذات علاقة بالموضوع بحكم كون الجامع ومنارته جزءًا من الإرث الثقافي العراقي، إلا أن محافظ البصرة أسعد العيداني المعروف بارتباطه بأحد الأحزاب المتنفذة في العراق، وذا الصلة بكثير من ملفات الإرهاب والفساد في المحافظة؛ قد أقدم على هدم المنارة وحضر عملية الهدم بنفسه، مبررًا ذلك بالحصول على موافقة ديوان الوقف السني في البصرة على عملية الهدم، وبذريعة بناء جامع بدله”.
وأوضح “كان الأجدر بمحافظ البصرة ومن يدعي التوسعة على الناس وفتح الطرق لهم؛ دراسة المقترح المقدم من دائرة الآثار والتراث في البصرة، القاضي بتفكيك المنارة وترقيمها ومن ثم إعادة بنائها في حرم الجامع، ولا سيما أن حرم الجامع يتسع لذلك وهو موجود قبل الطريق في الأصل؛ فيتم بذلك الجمع بين الأمرين: توسعة الطريق وحفظ المنارة والإبقاء على وضعها التاريخي، وهو أمر له سوابقه في العراق، وله طرق معالجاته الكفيلة بتحقيق المصالح المادية والمعنوية والتوسعة على الناس ورفع الحرج، مع الإبقاء على مكانة المساجد وهيبتها وأوقافها، ولا سيما أن البصرة وغيرها من مدن العراق الأخرى لا تخلو من وجود الكثير من التجاوزات على الطرق العامة ومحرماتها، واغتصاب الأوقاف، وتغيير جنس كثير من العقارات؛ ولكن لم تتخذ بشأنها أي إجراءات كما حصل مع جامع السراجي.”
واستنكرت هيئة علماء المسلمين هدم الجامع ومنارته بهذه الطريقة؛ مؤكدة على أن مديرية الوقف السني في البصرة، شريكة في المسؤولية في جريمة هدم الجامع، وأن مديرها يتحمل وزر التفريط بأوقاف المسلمين وآثار العراقيين في البصرة، ولا سيما أنه قد سبق لديوان الوقف السني في بغداد أن أعلن قبل عام أنه لم يصدر أي كتاب رسمي يفيد بموافقته على هدم الجامع، وهو ما يكشف بوضوح عن طريقة التفرد وأسلوب تضييع الوقفيات الإسلامية، التي يقوم بها القائمون على شؤون الوقف في البصرة، وهو أمر خطير يدعو ديوان الوقف ببغداد إلى إجراء تحقيق في كيفية حصول هذا التجاوز الخطير وغيره من التجاوزات السابقة له.
وأعربت هيئة علماء المسلمين عن شكرها الجزيل لمديرية الآثار والتراث في البصرة على رفضها هدم جامع السراجي ومنارته واستنكارها له، وعزمها على تحريك الدعوى القضائية بهذا الصدد، مشددة على يديها وتشجيعها على سلوك هذا الطريق.
وأكدت في ختام بيانها على أن الممارسات ذات الطبيعة الطائفية، غير الخافية على أحد، لمحافظ البصرة، وسعيه الحثيث لإثارة الفتن؛ لن تفرق صفوف العراقيين وتفتت لحمتهم، ولن تمحو تاريخ البصرة وهويتها الحقيقية، ولن تجدي في التغطية على فشله المتواصل في تحقيق ضروريات الحياة وأساسياتها لأهل البصرة الكرام، والعمل على رفع معاناتهم، وتوفير مياه صالحة للشرب، وفرص العمل المناسبة للعاطلين عن العمل، والمشاريع الخدمية، ووقف عمليات الاستيلاء على أراضيهم وعقاراتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من آثار التلوث البيئي في البصرة الذي يهدد حياة الناس.
ومع تواصل الاستنكار الشعبي لسلوك العيداني أكدت إدارة مفتشية وآثار البصرة، أنها ستتحرك قضائياً ضد الملف.
وقال مدير المفتشية، مصطفى الحصيني، إن “مئذنة جامع السراجي التاريخية قد بنيت قبل عام 1727 وتعتبر واحدة من آخر مئذنتين موجودتين في البصرة مع جامع الكواز”.
ولفت إلى ان “الاتفاق كان مع السلطات المحلية يقضي بتفكيك المئذنة ونقلها إلى مكان آمن”.
وأوضح “تفاجئنا اليوم بخروج جرافات الحكومة المحلية في المحافظة وقيامها بهدم الجامع والمئذنة بالكامل من اجل توسعة أحد الطرق في البصرة”.
وشدد على أن هذه التصرفات لا تعتبر من سمات الأمم المتحضرة النابضة بالحياة والتطور والتجديد.


كرم نعمة: ليس البصرة وحدها من يسيطر عليها العقل القبوري الذي يشيّد المراقد الملفقة ويهدم كل ما يمت بصلة لتاريخ العراق الحقيقي ليبقى العراق المزيف

واكد الحصيني على أن إدارته أبلغت الجهات العليا في وزارة الثقافة بهذه التصرفات، وسيتم التحرك قانونياً ضد الجهات المالكة لهذا الجامع والمئذنة وعلى رأسها ديوان الوقف السني.
وتحول الاستياء الشعبي إلى تفاعل غير مسبوق في وسم “جامع السراجي” على مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيه معماريون واعلاميون وسياسيون وعشرات الآلاف من النشطاء.
وكتب الإعلامي محمد الجميلي “استهدفوا المساجد في أبي الخصيب في البصرة وقتلوا الأئمة والمؤذنين والحراس فيها قبل أن يستهدفوا جامع السراجي بهدمه وإزالته بحجة توسعة الطريق!”.
وأضاف “فجروا جامع الغفور في الكرمة شرق الفلوجة ولم يكن يعيق الطريق كما تذرعوا في هدم جامع السراجي في البصرة ليلة هذه الجمعة”.
وكتب الجميلي في سلسلة تغريدات “أظهروا السرور بهدم المنارة الحدباء في جامع النوري الكبير في الموصل، وكذلك يفعلون في هدم منارة جامع السراجي الأثرية”.
ووصف الكاتب كرم نعمة محافظ البصرة أسعد العيداني، بصندوق أكاذيب البصرة وهو تلميذ مخلص لكبير لصوص الدولة في العراق أحمد الجلبي.
وكتب ليس البصرة وحدها من يسيطر عليها العقل القبوري الذي يشيّد المراقد الملفقة ويهدم كل ما يمت بصلة لتاريخ العراق الحقيقي ليبقى العراق المزيف.
وشدد على كل الذرائع عن هدم جامع السراجي تتوج بسخفها.
فيما كتب غيلان نجل الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب الذي ينحدر من المنطقة نفسها “كما ينتهز اللصوص الظلام ليمارسوا الجريمة في ستر عن العيون، هدمت الدولة البهية وحكومتها المحلية في البصرة أحد أقدم المساجد في المدينة وفي العراق. بعد شهور من الأخذ والرد والتحريض على الهدم بدعوى أن المسجد يسبب اختناقاً مرورياً في الشارع المجاور”.

سعادة بالهدم أم صفاقة!
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى