أخبار الرافدين
طلعت رميح

فلوجة فلسطين… وغزة العراق

أعادت جرائم الفاشي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة، التذكير بمشاهد نفس الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي في الفلوجة خصوصا والعراق عمومًا.
وتظهر أحداث غزة، أن المحتل الأمريكي هو الأصل في الإجرام، وأن المحتل الصهيوني هو صورة. صورة طبق الأصل.
فحين عجز الفاشي الصهيوني واضطرب وترنح بعد ضربة السابع من تشرين الأول “أكتوبر”، ظهر الطرف الأصيل صاحب خطة التدمير في مشاهد الفعل المباشر، لا عبر الدعم السياسي والدبلوماسي والإعلامي- كما كان الحال سابقًا- ولا حتى عبر حشد حاملات الطائرات والغواصات على شواطئ غزة للتخويف، بل عبر التدخل العسكري الفعلي. فأمريكا تحارب الآن في غزة. وقد انكشف الأمر بعد وقوع قتلى ومصابين من المارينز في غرة.
وهكذا، فالمعركة من الفلوجة إلى غزة جرت وتجري في خط واحد، وجرت وتجري في سلسلة متصلة، وضمن خطة واحدة. والأهداف هي ذاتها وبنفس الأساليب.
وقد أصبح واضحًا الآن أن جرائم تدمير أفغانستان ثم العراق، وما يجري الآن من عملية تدمير ممنهجة للشعب والوجود الفلسطيني، هي جرائم ممنهجة ضمن خطة إستراتيجية واحدة، متعددة المراحل، ولها أهداف كلية واحدة.
وفي الصورة الكلية للمشهد، فالولايات المتحدة كانت اعتمدت خطة عدوان شامل على الدول الإسلامية، وبشكل خاص العربية منها، ضمن خطتها لفرض هيمنتها المطلقة على العالم. جرى ذلك بعد أن انتهت من إسقاط وهدم الاتحاد السوفيتي.
فبعد انتهاء الحرب الباردة، تحولت الولايات المتحدة لإنجاز هدف إنهاء كل مظاهر الاستقلال التي تحققت لدول العالم خلال صراعات تلك المرحلة ورأت أن بات ضروريًا إحداث دمار شامل لمنع تكرار ذات الحالة.
وفي الصورة الكلية، أن الولايات المتحدة رأت في الدول الإسلامية بديلا حضاريا قادرا على صناعة استقلال حقيقي وأنها تمثل قوة قادرة على تغيير التوازنات الدولية حالا تعاونها مع أية قوة دولية صاعدة، بما يهدد استمرار النظام الدولي القائم على هيمنة الغرب وسيطرته على الثروات والأرض في مختلف أنحاء المعمورة.
لقد صممت الخطة الأمريكية على فكرة استخدام أسلحتها فائقة القوة، للقيام بإبادة حضارية شاملة في الدول العربية والإسلامية للتفرغ بعدها لمواجهة أي تهديد من دول أخرى صاعدة قادرة على تشكيل قطب دولي قادر على تغيير النظام الدولي.
وإذا كانت المحطات البارزة في العدوان والتدمير، التي كان حلف الأطلسي خلالها ذراعًا أمريكيًا، هو ما جرى في أفغانستان والعراق، فقد كان ما جرى في سوريا وليبيا والسودان ارتدادات من نفس الصنف، لكن بآليات أخرى.
وباعتبار الكيان الصهيوني هو ركيزة أساسية في خطة الإخضاع والسيطرة في تلك المنطقة بعد عمليات التدمير، بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد سعت الولايات المتحدة لإحداث نقلة في وضع هذا الكيان، ليتحول من نقطة الارتكاز إلى الدولة المسيطرة على العالم العربي والإسلامي.
فبعد إضعاف الدول المركزية تحولت الولايات المتحدة إلى ترويض إرادة الدول الباقية عبر أدوات التطبيع الخفية لتركيع عموم المنطقة حتى قبولها بقيادة الكيان الصهيوني للإقليم، تحت القيادة الأمريكية طبعًا.
وهنا جرى طوفان الأقصى ليجرف أهم أبعاد تلك الخطة، ويغير التوازنات التي أدت لتطويع إرادات عربية. وهو نفس الدور الذي لعبته المقاومة الوطنية العراقية في المرحلة الأولى من تلك المواجهة، إذ أوقفت تصعيد الخطة الأمريكية باتجاه دول عربية أخرى بعد احتلال العراق وتدميره.
ولذا تحركت الولايات المتحدة بكل قوتها فور وقوع ضربة 7 تشرين الأول “أكتوبر” ضد الكيان الصهيوني. عادت للظهور بوجه قوتها العسكرية وبأعمال التدمير الشامل والإبادة. وبنفس الخطط والتكتيكات التي اعتمدتها في مواجهة المقاومة العراقية.
ليس صحيحًا أن المواجهة في غزة هي مواجهة صهيونية- فلسطينية. هي مواجهة أو هي حرب أمريكية على المقاومة الفلسطينية التي هيأت مناخًا جديدًا يمنع إخضاع دول المنطقة ويضرب خطة قيادة الكيان الصهيوني للإقليم.
وما يجري هو عملية إبادة أمريكية وهي محاولة للقضاء على المقاومة التي أعطبت الخطة الأمريكية، ولذا يجري اشترط إنهاء قيادة المقاومة لغزة وتعيين حكم خاضع للإرادة الأمريكية.
وهو يجري بنفس نمط وأساليب حرب الإبادة التي شنتها الولايات المتحدة علي أفغانستان والعراق. وللتذكير، فخطة الصدمة والترويع التي اعتمدتها الولايات المتحدة خلال عدوانها على العراق هي ذاتها الخطة المعتمدة حاليًا في العدوان على غزة.
القصف بعشرات الأطنان من القنابل وهدم مربعات سكنية كاملة فوق رؤوس السكان وقصف المستشفيات واحتلالها وحصار الجوع والماء والكهرباء، هي ذات الجرائم التي جرت في العراق.
لقد أعادت حرب تدمير غزة، ذكريات حرب تدمير الفلوجة. وأعادت حالة الإبادة لغزة والضفة، ذكريات حرب إبادة العراق بكل مفرداته. بل أعادت التذكير بالإجرام الأمريكي في كل أنحاء الدنيا.
هي أمريكا التي قصفت اليابان بالسلاح النووي. وهي نفسها التي شنت حرب الإبادة في جنوب شرق آسيا.
ولا عزاء لكل المخدوعين والمروجين لتحضر الولايات المتحدة وللديموقراطية والحرية التي تنشرها حول العالم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى