أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

عرض فارغ المضمون من حكومة السوداني بتوقيف عناصر من الميليشيات

السفيرة الأمريكية ألينا رومانوفسكي في العراق تزيد من هزالة المشهد عندما أغدقت بالثناء على حكومة الإطار التنسيقي، من دون أن يعرف الرأي العام أسماء الميليشيات المتورطة، الأمر الذي يكشف طبيعة العرض الإعلامي الذي مارسته حكومة السوداني.

بغداد– الرافدين
أثار إعلان حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن توقيف عدد من المتورطين في الهجوم على السفارة الأمريكية في الثامن من كانون الأول، والإقرار أن عددًا منهم على صلة ببعض الأجهزة الأمنية، تساؤلات متهكمة في الشارع العراقي، فيما عد مراقبون سياسيون هذا الإعلان بأنه رسالة “انصياع واضحة” للتنبيهات الأمريكية الأخيرة للسوداني.
ولا تثق مصادر سياسية عراقية بالإعلان الحكومي بشأن القبض على عناصر من الميليشيات، لأنه بالأساس ينافي واقع تشكيل حكومة السوداني المشكلة من قبل الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية.
ولا يستطيع السوداني الاقتراب من سلاح الميليشيات المنفلت، كما أنه يفتقر لفرض سلطته على ميليشيات تعلن ولاءها لإيران وارتباطها المعلن بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويصف مراقبون الإعلان الحكومي بمحاولة يائسة لامتصاص الغضب الأمريكي المدرك لسطوة الميليشيات على الحكومة، لكن واشنطن تدفع باتجاه إبقاء الوضع على ما هو عليه وفق سياسة التخادم الأمريكي الإيراني في العراق.
ولم تجرؤ حكومة السوداني على إعلان أسماء تلك الفصائل أو الداعمين لها من القوات الأمنية، في سبب واضح بالنسبة للشارع العراقي، مثلما هو للسفارة الأمريكية.
غير أن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر أمني في بغداد مفضلًا عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، قوله إن عدد الموقوفين هو 13 شخصًا وعدد منهم في الأجهزة الأمنية.
وتبنّت معظم الهجمات على القوات الأمريكية ميليشيات مرتبطة بالحشد الشعبي، الذي يضمّ فصائل مسلحة تدين بالولاء المعلن لإيران ولا تخضع لسلطة رئيس الحكومة.
وقال اللواء يحيى رسول المتحدّث باسم رئيس الوزراء الحالي في بيان “تمكنت أجهزتنا الأمنية، بعد جهد فني واستخباري مكثّف، من تحديد هوية الفاعلين”، فيما “بيّنت المعلومات الأولية أن بعضهم، مع الأسف، على صلة ببعض الأجهزة الأمنية” التي لم يحددها.
وأضاف “قامت الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على عدد منهم” بدون أن يحدّد عددهم أو هوياتهم.
وزاد من هزالة المشهد موقف السفيرة الأمريكية ألينا رومانوفسكي في العراق، الذي أغدق بالثناء على موقف حكومة الإطار التنسيقي، من دون أن يعرف الرأي العام أسماء الفصائل المتورطة، الأمر الذي يكشف طبيعة العرض الإعلامي الذي مارسته حكومة السوداني.
ورحبت الولايات المتحدة بهذه “الخطوات الأولى” الخميس، وذكّر المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر بهذه المناسبة أن واشنطن طالبت “الحكومة العراقية باتخاذ خطوات للتحقيق في الهجمات ضد سفارتنا ومحاسبة المسؤولين عنها”.
وتعرضت السفارة الأمريكية في بغداد فجر الثامن من كانون الأول لهجوم بعدّة صواريخ، لم يسفر عن وقوع ضحايا، لكنه يعكس التصعيد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط على خلفية الحرب في غزة المستمرة منذ أكثر من شهرين.
ورحّبت السفيرة الأمريكية في العراق بإجراءات الحكومة الأخيرة.


غازي فيصل: حكومة السوداني حتى الساعة لم تنجح في تنفيذ التعهدات التي أطلقتها إلى الإدارة الأمريكية بشأن منع الفصائل من استهداف المصالح والأهداف الأمريكية
وقالت في منشور على منصة “إكس” مساء الخميس “نشيد برئيس الوزراء وأجهزة الأمن العراقية والسلطة القضائية لنجاحهم في القبض على عدد من المسؤولين عن الهجمات الإرهابية ضد سفارتنا وجهاز الأمن الوطني والمباني الحكومية الأخرى”.
ويأتي ثناء السفيرة الأمريكية على حكومة السوداني بعد أيام من وضع ثلاثة مسؤولين أمريكيين رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني أمام سياسة “اللاخيار” حيال خضوع حكومته إلى سطوة الميليشيات الولائية.
وطالب المسؤولون الأمريكيون السوداني بأن يمارس سلطته على الميليشيات التي تقوم بمهاجمة البعثات الدولية في العراق، في وقت نبه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون السوداني من مغبة تهاونه مع الميليشيات الولائية.
وشدد كاميرون في اتصال هاتفي “وهو الثاني له مع السوداني خلال أسبوعين” على أن العراق غير مهيأ أن يلعب أي دور محتمل في الصراع القائم حاليًا في غزة، وعلى رئيس الحكومة أن يمارس سلطة أقوى لمنع الميليشيات المارقة من تجاوز ما مسموح لها وحماية الرعايا الأجانب في العراق.
وطالب كاميرون رئيس حكومة الإطار التنسيقي أن يفرض سلطته على ميليشيات تابعة للحكومة، لأن مجرد الانفلات في العراق فإن الحكومة لا تتحمل تكلفة ذلك خصوصًا مع النقمة الشعبية المتصاعدة في العراق.
بينما عبر المسؤولون الأمريكيون في رسائل حازمة للسوادني بأن صبر واشنطن ينفد على خضوعه لسطوة الميليشيات.
وأوضح وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن للسوداني بأن الهجمات ضد القوات الأمريكية يجب أن تتوقف.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله إن وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن قال للسوداني إن واشنطن تتوقع من المسؤولين العراقيين اتخاذ إجراءات إضافية لمنع مثل هذه الهجمات، وهي تعتقد أن بإمكانهم القيام بذلك.
كما نقل تقرير الوكالة عن مسؤول عراقي قوله إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز حذر السوداني خلال زيارته الأخيرة الى المنطقة من “عواقب وخيمة” في حال لم يتحرك العراق لوقف الهجمات.
في وقت أعترف السوداني في تصريحات تلفزيونية بسلطة السلاح المنفلت خارج سيطرة مؤسسات الدولة.
وقال “هناك فصائل مسلحة معروفة ومعلنة لديها عقيدة تتعلق بوجود أجنبي داخل العراق، وهذا الوجود نعتقده حسب كلامهم نوعًا من الاحتلال يخل بالسيادة العراقية، وهذا أحد المواضيع المهمة التي تحدثت بها أنا عندما كنت مكلّفاً من قبل الكتلة الأكبر”.
ويرى مراقبون أن الرسالة الأمريكية في غاية الوضوح، بينما جاء الرد الحكومي عليها من قبل السوداني فارغًا من أي مضمون حقيقي من دون أن يكشف عن أسماء وعناصر هذه الميليشيات والدعم الذي تلقته من قبل القوات الحكومية.
وقال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، إن “الحكومة العراقية حتى الساعة لم تنجح في تنفيذ التعهدات التي أطلقتها الى الإدارة الأمريكية بشأن منع الفصائل من استهداف المصالح والأهداف الأمريكية، وهذا ما دفع واشنطن إلى الرد عسكريا على تلك الفصائل”.
وأضاف أن “التطور الأخير في استهداف السفارة الأمريكية، دفع الجانب الأمريكي إلى تصعيد لغة التهديد للفصائل وهذا ما يؤكد أن الرد على الاستهداف الأخير سيكون مختلف بكثير من النواحي، وهذا الأمر قد تكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على الداخل العراقي”.
وأوضح “السوداني محرج كثير أمام المجتمع الدولي، وأحداث غزة كشفت انه غير قادر على ضبط إيقاع الفصائل المشكلة لحكومته والداعمة لها، وتبين بأن الفصائل على خلاف مع السوداني وتوجهاته في بناء الدولة العراقية وحفظ هيبتها”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى