أخبار الرافدين
تقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

العراقيون يفرغون انتخابات مجالس المحافظات من مضمونها بمقاطعة التصويت

أبو علي سائق سيارة أجرة جاء من محافظة المثنى إلى بغداد: لا يبنون ولا يعمرون، يبحثون عن منافع لأحزابهم فقط…لا أنتخب ولا أذهب إلى الانتخابات.

بغداد- الرافدين

ارتفع منسوب المقاطعة بعد ساعات من بدأ عملية انتخابات مجالس المحافظات في المدن العراقية، في انتخابات مجالس تم إسقاطها من قبل ثوار تشرين ومن شأنها تعزيز سلطة الأحزاب والتيارات والميليشيات المتحالفة مع إيران وتوطيد تمسكها بالسلطة.
وتتزايد لا مبالاة الناخبين بعمليات الاقتراع خاصة وأن أغلبهم من الشباب الذين يشعرون بأنهم لم يلمسوا فوائد ثروة العراق النفطية الهائلة والتي تم توجيه قسم كبير منها بشكل خاطئ أو سُرق في بلد يصنف بين أكثر دول العالم فسادًا.
وهناك ما يزيد قليلا عن 16 مليون عراقي مسجلون للتصويت لكن هذا أقل مما كان عليه في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 عندما قالت السلطات إن 22 مليونًا مؤهلون للتصويت. وبلغت نسبة المشاركة حينها 20 بالمائة.
وتجري الانتخابات من دون التيار الصدري، أحد أبرز التيارات في العراق بزعامة مقتدى الصدر بعدما أعلن مقاطعة الانتخابات التي تقام في 15 محافظة.
وقال الصدر، وهو زعيم شعبوي قدم نفسه كمعارض بعد أن كان مؤسسًا وشريكًا في العملية السياسية التي شكلت بعد الاحتلال، إن الانتخابات ستعزز هيمنة الطبقة السياسية الفاسدة.
في الوقت نفسه، تخيّم حالة من الإحباط على الرأي العام إزاء الانتخابات في بلد يقطنه 43 مليون نسمة وغني النفط لكن مؤسساته تعاني من فساد مزمن وفشل سياسي وحكومي.
وبدا الإقبال ضعيفًا في ساعات الصباح الأولى، حيث كان الناخبون يصلون بأعداد قليلة في مركزين للتصويت تواجد بهما فريق وكالة الصحافة الفرنسية بعيد فتحهما عند الساعة السابعة صباحًا.
وقال ريناد منصور الباحث في مركز أبحاث “شاتام هاوس” إن “نسبة المشاركة هي المقياس النهائي حول مدى الرضى وإذا ما كانت سياسة السوداني الشعبوية الاقتصادية وسياسته في منح فرص العمل ناجحة وقادرة على جذب الجيل الجديد أو لا”.
وتتمتع مجالس المحافظات التي أنشئت بعد الاحتلال الأمريكي في العام 2003 بصلاحيات واسعة على رأسها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم من خلال تمويلات مخصصة لها في الموازنة العامة التي تعتمد بنسبة 90 بالمائة من إيراداتها على النفط.


ريناد منصور الباحث في مركز أبحاث “شاتام هاوس”: نسبة المشاركة هي المقياس النهائي حول مدى الرضى وإذا ما كانت سياسة السوداني قادرة على جذب الجيل الجديد أم لا

لكن يرى معارضو مجالس المحافظات بأنها أوكار للفساد وبأنها تعزز الزبائنية. فيما يصفها مراقبون بأنها وظيفة من لا عمل لهم وتستحوذ على أموال الدولة.
وتغلق مكاتب الاقتراع البالغ عددها 7166 والتي وضعت تحت إجراءات أمنية مشددة عند الساعة الخامسة بتوقيت بغداد، ودعي نحو 17 مليون ناخباً للاختيار من بين 6000 مرشح يتنافسون على 285 مقعدًا في جميع المحافظات. ومن شأن هذه الانتخابات كما يرى خبراء أن تعزز موقع الأحزاب والتيارات الحليفة لإيران والتي تملك الغالبية البرلمانية وتمثل الأحزاب الطائفية التقليدية وبعض ميليشيات الحشد الشعبي.
ويتنافس أعضاء الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات والأحزاب الولائية على عدة قوائم، حيث شكل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي قائمته الخاصة بينما تخوض جماعات مدعومة من إيران ذات أجنحة مسلحة قائمة أخرى، لكنهم قالوا إنهم سيحكمون معًا بعد الانتخابات.
ويخوض رئيس البرلمان المقصي محمد الحلبوسي وقطب الأعمال خميس خنجر، المنافسة معًا.
ورأى ريناد منصور أن الانتخابات المحلية “فرصة” لتلك الأحزاب “لتعود وتثبت أن لديها قاعدة اجتماعية وشعبية”.
وتحدّث منصور عن “منافسة كبيرة داخل الإطار التنسيقي حيث تسعى مكوّناته المختلفة إلى وضع اليد على مناصب المحافظين.
أما مقتدى الصدر، اللاعب الفاعل في الحياة السياسية العراقية، فقد أعلن انسحابه من الحياة السياسية بعد صراع مع خصومه السياسيين ومواجهات مسلّحة دامية في صيف 2022.
وجرى حلّ مجالس المحافظات في العام 2019 تحت ضغط شعبي في أعقاب تظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد في ثورة تشرين.
ويتساءل أبو علي وهو سائق سيارة أجرة جاء من محافظة المثنى في جنوب العراق إلى بغداد “لماذا أنتخب؟ بماذا تفيدنا الانتخابات؟”.
ويضيف الرجل البالغ من العمر 45 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية “حالنا هو نفسه، مرت سنوات، وتكررت الانتخابات جاء مرشحون وتبدلوا بغيرهم، وحالنا نفس الحال”.
ويكمل “لا يبنون ولا يعمرون، يبحثون عن منافع لأحزابهم فقط…لا أنتخب ولا أذهب إلى الانتخابات”.
ويضمّ مجلس محافظة بغداد 49 مقعدًا، فيما يضمّ مجلس محافظة البصرة على سبيل المثال 22 مقعدًا.

انتخابات وسط الخراب

ويزداد القلق في الأوساط السياسية العراقية من قلة المشاركة الشعبية المتوقعة في هذه الانتخابات، في ظل تفشي البطالة وتدهور الأسواق بفعل انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار وزيادة ملحوظة في تنامي الفقر، وعدم إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت مع سيطرة الأحزاب النافذة على مقدرات الدولة والمناصب الهامة، فضلًا عن انعدام ثقة العراقيين بالعملية السياسية القائمة.
وينظر الكثير من العراقيين بعدم ثقة للوعود التي يقدّمها المرشحون لانتخابات مجالس المحافظات التي ستفرز فيما بعد شخصيات تتحكم بأوكار الفساد وتخدم المصالح الخاصة على حد تعبيرهم.
ويعلق رشاد وهو صاحب متجر في بغداد، على دعوات المشاركة بالانتخابات بسخرية، “أنتخب؟ لماذا؟”.
ويضيف الرجل البالغ من العمر 45 عامًا في تصريح لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية في بغداد “المرشحون هم من نفس الأحزاب التي فازت من قبل، لماذا أنتخب من يبحث عن المنافع، ولا يهمه الناس وما يحتاجون إليه؟”.
من جهته يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأنبار محمد دحام إن “المواطن العراقي وبعد عقدين من الزمن على العملية السياسية في العراق، وصل إلى نتيجة تشير إلى عدم القناعة بمخرجات العملية الانتخابية، كونه لم يلمس أي إشارات إيجابية لمشاركته في العمل السياسي”.
ويشير دحام إلى أن “هذه النتيجة التي وصل إليها المواطن، ليست عشوائية، وإنما مرتبطة بالبيئة الانتخابية المتمثلة بقانوني الانتخابات والمفوضية، وإصرار الأحزاب المتنفذة بضرورة بقائها في السلطة لأطول وقت ممكن”.
ويتفق رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري مع ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية بالقول، أن “المؤتمرات والدعايات التي خصصت لها الملايين من الدولارات لم تنفع بإقناع المواطن بالمشاركة في الانتخابات”.
ويرى أن “النتيجة واحدة سواء شارك المواطن في الانتخابات أو لم يشارك، لأنها حتمًا ستكون لصالح الجهات التي تمتلك القوة والسلاح، وهكذا نعود لنقطة الصفر، المواطن هو الخاسر الأكبر”.

لمن أصوت وكلهم من الفاسدين
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى