أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار التنسيقي تجر البلاد إلى المراتب المتأخرة في مجال الاستثمار وبيئة الأعمال

العراق يحل في مرتبة متأخرة في مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية، وفق التقرير السابع الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2023.

بغداد ــ الرافدين
حذرت تقارير دولية ومحلية من التراجع الملحوظ في مستوى حرية الاقتصاد داخل العراق نتيجة السياسيات الحكومية الخاطئة في إدارة الملف الاقتصادي بالبلاد. بعد أن حل العراق في مرتبة متأخرة في مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية، وفق التقرير السابع الصادر عن صندوق النقد العربي.
وأخفقت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في حماية شركات الاستثمار في العراق من سطوة الأحزاب والميليشيات ولوبيات الفساد المتنفذة، مما أجبر أصحاب هذه الشركات والمستثمرين على ترك مشاريعهم بسبب عدم توفر بيئة استثمارية مناسبة لهم.
وحل العراق في مرتبة متأخرة في مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية، وفق التقرير السابع الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2023.
وجاء العراق في المركز الثاني والعشرين على مستوى المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية.
ويستخدم التقرير مؤشرين أساسيين هما مؤشر الاقتصاد الكلي ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار، حيث يقيس مؤشر الاقتصاد الكلي مدى تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، بما في ذلك استقرار الأسعار وتنفيذ السياسات المالية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك العراق فرصًا استثمارية كبيرة ومتنوعة، إلا أن تدفق الاستثمار الأجنبي إليه لا يزال ضعيفًا نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية والبيروقراطية الإدارية التي تسهم في تعاظم المخاطر الاستثمارية مقارنة بدول المنطقة العربية.

ترتيب الاقتصاد العراقي عربيًا

ودفعت الصراعات السياسية على تحويل البلاد إلى بيئة غير مهيأة للاستثمار مما أجبر العديد من أصحاب الشركات إلى إيقاف عمل شركاتهم، إضافة إلى الاستغناء عن خدمة أعداد كبيرة من الأيدي العاملة العراقية نتيجة للانكماش الكبير والظروف الاستثنائية التي يعيشها العراق، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في ركود السوق العراقية بشكل ملحوظ.
وحذرت تقارير دولية ومحلية من استمرار الإخفاق الحكومي في حماية ملف الاستثمار في العراق وعدم اتخاذ خطوات جادة لحماية شركات الاستثمار والمستثمرين من دوامة الفساد والروتين إضافة إلى التهديد الأمني الذي يعرقل الاستثمار داخل البلاد.
وغادر العراق ترتيب دول العالم حسب مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2023 والذي صدر مؤخرا عن مؤسسة “هيريتيج” الأمريكية.
ويأخذ مؤشر مؤسسة “هيريتيج” بعين الاعتبار السياسات والظروف الاقتصادية في مئة وأربعة وثمانين دولة.
ووفقًا لتقرير المؤسسة البحثية والتعليمية الأمريكية فإنه من بين 184 دولة شملها الاستطلاع في الإصدار الجديد من التقرير تم تسجيل انخفاض في الحرية الاقتصادية بنسبة 115 دولة منها، و8 لم تتغير، و8 دول بينها العراق لا يمكن تصنيفها بسبب نقص البيانات الموثوقة.
ويقيس مؤشر الحرية الاقتصادية 12 عاملًا تتعلق بأربعة جوانب رئيسية للبيئة الاقتصادية هي سيادة القانون وحجم الإنفاق الحكومي والحرية النقدية والأسواق المفتوحة.
وذكرت مجلة “غلوبال فايننس” الأمريكية، أن العراق أصبح خارج تصنيفات الحرية الاقتصادية وذلك ما يعد مؤشرًا جديدًا على الفشل والفساد الذي تتسم به حكومات ما بعد 2003.
وتتنافس أحزاب سياسية وميليشيات على تعطيل المشاريع الاستثمارية، قبل أن تضمن حصتها في صفقات فساد مع الشركات الأجنبية، مما تسبب برفض الشركات الدولية استثمارها في العراق، مؤكدة أن تجارب العقدين الماضيين تؤكد أننا أمام بيئة اقتصادية فاسدة في العراق يصعب العمل فيها.
وتساهم الميليشيات المدعومة من إيران تحت يافطة “الحشد الشعبي” على إعاقة عمل الشركات الاستثمارية في العراق من خلال الاستحواذ على بعض المشاريع الاستثمارية فضلًا عن فرض الإتاوات على الشركات والمستثمرين.

عبد الله سلمان: الفوضى في العراق تصب في مصحلة إيران لتدمير الاقتصاد العراقي

وقال الكاتب والباحث السياسي عبد الله سلمان في تصريح لقناة “للرافدين”، إن الفوضى في العراق تخدم إيران وتصب في مصلحتها على كافة الأصعدة، فنظام الملالي يمنع العراق من التطور ويهيمن على الاقتصاد العراقي من خلال الميليشيات الموالية له.
وأقر مسؤولون حكوميون بوجود مشاكل وصفوها بأنها “غير خافية” في العراق، تتعلق بملف الاستثمار، أبرزها التدخلات الميليشياوية والسياسية وانهيار الأمن، إضافة إلى الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة.
وشددوا على أن سبب إخفاق ملف الاستثمار يعود إلى تدخل الميليشيات المسلحة، مبينين أنه يتعين على الشركات إرضاء الميليشيات الموجودة في المنطقة، لتتمكن من إنجاز عملها أو مشروعها يضاف إليها مسألة الروتين والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وكشفت غرفة تجارة بابل عن وجود معوقات كثيرة تواجه المستثمرين في المحافظة على رأسها حالة الانسداد السياسي وتصارع الأحزاب.
وأشارت الغرفة إلى أن هناك الكثير من المعوقات التي تواجه المستثمرين في المحافظة، منها ما يتعلق بالقوانين والأنظمة والبيروقراطية والروتين الحكومي، وعدم تفعيل النافذة الموحدة، والافتقار إلى التمويل وانعدام البنى التحتية.
وبينت الغرفة أن هذه المعوقات تحول دون استقطاب المستثمرين، وتجعل الكثير من أصحاب المشاريع الكبيرة والمستثمرين الأجانب يعزفون عن التفكير بالاستثمار بالبلاد.
واعترف رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في مقابلة مع شبكة “سي.أن.أن” الأمريكية بوجود عمليات فساد وابتزاز ضد الشركات الاستثمارية الأجنبية، ودعا الشركات الأمريكية إلى عرض ما لديها من تحديات لعملها في العراق، فيما اعتبر مراقبون تصريحات السوداني بمثابة اعترافًا ضمنيًا لما تقوم به الميليشيات من فرض الإتاوات على المستثمرين داخل البلاد.
ويرى باحثون في الشأن السياسي أن حكومة الإطار التنسيقي هي من تمنع الشركات من الاستثمار داخل العراق.
وقالوا إن تعهدات رئيس الحكومة الحالي محمد السوداني بمحاربة الفساد هي مجرد تصريحات سياسية ليس لها أثر على أرض الواقع، لأنه غير قادر على تحدي زعامات المحاصصة والميليشيات.
وأكدوا على أن الإرادة في الإنجاز والاستثمار ممنوعة بسبب الفاسدين، حيث يتم محاربة المستثمر وفقًا لنظام المحاصصة الذي يقيد عمل المستثمرين ويجبرهم على دفع الإتاوات من أجل الحصول على المشاريع الاستثمارية.
وقال الباحث السياسي نوري حمدان، إن الحكومة في العراق هي من تمنع الشركات من الاستثمار داخل البلاد.
وأضاف حمدان خلال حديثه لبرنامج “تحت الضوء” الذي تبثه قناة “الرافدين”، أن تعهدات رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني بمحاربة الفساد هي مجرد تصريحات سياسية ليس لها أثر على أرض الواقع، لأنه غير قادر على تحدي زعامات المحاصصة.
وأكد على أن الإرادة في الإنجاز والاستثمار “ممنوعة” بسبب الفاسدين، حيث يتم محاربة المستثمر وفقًا لنظام المحاصصة الذي يقيد عمل المستثمرين ويجبرهم على دفع الإتاوات من أجل الحصول على المشاريع الاستثمارية.
وأشار زميل المركز العربي للدراسات وأبحاث السياسة الدكتور عبد الوهاب القصاب، إلى وجود الكثير من التحديات التي تواجه الشركات الأجنبية التي ترغب بالاستثمار في العراق.
وأضاف القصاب في تصريح لقناة “الرافدين” بأنه لا توجد هناك آفاق لعودة الاستثمارات الأجنبية إلى العراق مالم يتم إزالة معرقلات عمل الشركات الاستثمارية.
وأشار إلى تعاظم نفوذ الميليشيات من خلال تشكيلها شبكات مصالح فساد عالية المستوى بهدف إرضاء أسيادها وتمويل عناصرها في ظل غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة أساليب الفساد والابتزاز في العراق.
وأكد على أن العملية السياسية العرجاء التي جاء بها المحتل بعد عام 2003 لم تنجح في إنتاج رجل دولة حقيقي لقيادة البلاد، بل لتسوية المصالح والأجندات الخارجية.

د. عبد الوهاب القصاب: لا توجد هناك آفاق لعودة الاستثمارات الأجنبية إلى العراق مالم يتم إزالة معرقلات عمل الشركات الاستثمارية

وقال الصحفي والناشط المدني عادل الجبوري، إن الاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة وذلك غير متحقق بالعراق في ظل تسلط الميليشيات على الشركات والعجز الحكومي.
وأضاف الجبوري في تصريح لقناة “الرافدين” أن الميليشيات تعمل على عرقلة استقرار البلد من أجل تحقيق مكاسبها الاقتصادية.
وسبق أن رسم تقرير لصندوق النقد الدولي صورة متشائمة للاقتصاد العراقي مع تباطؤ زخم النمو الاقتصادي واستمرار الاختلالات الهيكلية في الاتساع.
وقال خبراء من الصندوق الذين اجتمعوا مع وفد من العراق في الأردن ما بين الرابع والعشرين والثلاثين من أيار الماضي للتباحث حول التطورات الاقتصادية الأخيرة والتوقعات وخطط السياسة في الفترة المقبلة، إن زخم نمو الاقتصاد العراقي تباطأ مثير للقلق.
وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في العراق توخير ميرزوف، إن أمراض الاقتصاد العراقي عديدة في بلد يعيش فيه أكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر مع صعوبة توفير مصدر يعتمد عليه للطاقة الكهربائية ومياه صالحة للشرب وغياب الخدمات الأساسية.
ولفت إلى أن خريجي الجامعات تواجههم تحديات نقص الفرص الاقتصادية وغالبًا ما يخرجون للشوارع مطالبين بالتغيير.
وأكد على أن كثيرًا من هذه التحديات ناجم عن انعدام الأمن، وإلى سياسات اقتصادية خاطئة. مشددًا على أن سوء الإدارة قوض الاستخدام الأمثل والفعّال لموارد الدولة.
وكشف موقع “سي بي سي نيوز” الإخباري الكندي، أن أكثر من 700 ألف شاب عراقي يواجه سنويًا تحديات في العثور على فرصة عمل.
وأكد على أن الشباب العراقي يعاني من أزمة بطالة تزداد حدة سنة بعد أخرى، تعمل على عرقلة وتقويض الأمن الاقتصادي، وأسباب ذلك لها ارتباط مباشر بالفساد الحكومي والانهيار الأمني والصراعات السياسية.
وأشار إلى أن ما يقارب من مليون شاب يدخل سوق العمل في العراق كل عام، ولكن العثور على فرصة عمل يعد تحديًا كبيرًا بالنسبة لهم، لافتًا إلى أن معدل نسبة البطالة بين شريحة شباب البلد هي ثلاثة أضعاف نسبتها بالنسبة للكبار، والوضع أكثر سوء بالنسبة للنساء.
وتلوح في الأفق مخاطر أكبر على الاقتصاد العراقي، تتمثل إلى حد كبير بالتحديات الهيكلية العميقة التي لم تتم معالجتها، كالضغوط التضخمية والآثار المتزايدة لتغير المناخ وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، مما قد يفاقم الاتجاهات الحالية نحو الفقر، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي.
وأشارت صحيفة “ذا ناشيونال” التي تصدر باللغة الانجليزية في الامارات إلى العجز الحكومي في إنشاء مؤسسات تخدم القطاع الاقتصادي.
وأكدت على وجود عراقيل تعيق ضبط السياسات المالية في العراق وتوقف مخاطر التضخم، مشيرةً إلى أن تراكم الأزمات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب خلف مجموعة من الآثار السيئة على اقتصاد البلاد.
ونقلت الصحيفة عن وكالة “موديز إنفستورز سيرفيس” أن السياسات الائتمانية التي تتبعها الحكومة في العراق أثرت بشكل كبير على القدرة التنافسية لاقتصاد البلاد، في ظل النظرة الأحادية والاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
وتصنف تقارير منظمة الشفافية الدولية العراق من أبرز أمثلة الفساد السياسي والاقتصادي نتيجة الفساد الكامن في بنية المؤسسات الحكومية والذي يستنزف الاقتصاد العراقي.
وتدفع السياسات المالية الخاطئة التي تنتهجها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى تفاقم واقع الاقتصاد في البلاد الذي يعيش بالأساس وضعًا هشًا وعدم الاستقرار.
وحذر محللون سياسيون وخبراء اقتصاديون من التعويل المبالغ فيه على ما تروجه حكومة محمد شياع السوداني بشأن الإصلاح الاقتصادي، وابتكار حلول جذرية لحل المأزق الاقتصادي العراقي المتواصل منذ عشرين عامًا.
ووصف سياسيون مزاعم السوداني بـ “هراء اقتصادي قبل أن يكون سياسيا” لمجرد معرفة أن 74 بالمائة من موازنة الدولة تذهب إلى رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين والاعانة الاجتماعية، دون الحصول على انتاج مقابلها يدعم نمو الاقتصاد.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” إن الاقتصاد العراقي لم يتعاف بعد 20 عامًا من الغزو الأمريكي، لأن العراق من أعلى الدول في معدلات الفساد الإداري والمالي الموجود بشكل ملحوظ في مرافق إدارية في البلاد، مثل القضاء والوزارات الأمنية والخدمية، معتبرة السياسيين الكبار بعد 2003 هم أكثر من تحاصرهم تهم الفساد.
وأشارت إلى أن الحكومات المتعاقبة فشلت في تسهيل عملية انخراط الخريجين الشباب الجدد للعمل في قطاع الطاقة والإنتاج، لذلك كانت النتائج مؤلمة وهو ما أدى لبروز ظاهرة النزوح والهجرة وتعرض المجتمع بشكل عام لمخاطر ومصاعب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى