أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

إيران توظف سلاح الدراما التلفزيونية لاختراق العقول في العراق

مخرجون وفنانون عراقيون يحذرون من أن هدف مسلسل "آمرلي" الذي يعرض حاليًا في قنوات المحور الإيراني يبعث برسالة مخادعة مفادها "إيران من حررت المدن العراقية من داعش".

بغداد- الرافدين
حذر ممثلون وكتاب عراقيون وعرب من مغبة استحواذ الخطاب السياسي والطائفي الإيراني على صناعة الدراما العراقية.
وقالوا إن إيران بعد أن تحسست انكسار خطابها السياسي في العراق عبر أحزاب طائفية وميليشيات قاتلة، منذ أن أحرق وداس المتظاهرون في ثورة تشرين على صور المرشد الإيراني علي خامنئي في كربلاء وبغداد والبصرة، تعمل حاليًا لاختراق العقل العراقي عبر الدراما التلفزيونية في حرب ثقافية تدرك أهميتها وتأثيرها على المزاج الشعبي العراقي.
وشددوا على أن الحرب الثقافية هي سلاح خطير بيد إيران حاليًا لاستمرار هيمنتها على العراق، مؤكدين على أنه أخطر الأسلحة وأسرعها تأثيرا.
وطالبوا الفنانين العراقيين بعدم الوقوع بالفخ الإيراني الجديد والمشاركة في أعمال درامية تهدف إلى تمرير استراتيجية طهران في الهيمنة على المنطقة.
وتموّل إيران أكثر من ستين مؤسسة عراقية، بين قنوات إعلامية ومراكز ثقافية وأسست بواسطة ممثليها في العراق ما يعرف بـ “الاتحاد العام للإذاعات والتلفزيونات العراقية” تدعو بشكل معلن إلى تبني فكرة “ولاية الفقيه” فضلا عن إشاعة الخطاب التاريخي الفارسي في نظرته الطائفية إلى الإسلام.
وفي آخر تطور بدأت استثمار الدراما التلفزيونية في أخطر المشاريع المؤثرة على المزاج الشعبي عندما زجت بعدد من الممثلين الإيرانيين في مسلسل عراقي وبإنتاج وتوجه إيراني.
وحذر مخرجون وفنانون عراقيون من أن هدف مسلسل “آمرلي” الذي يعرض حاليًا في قنوات المحور الإيراني في العراق يبعث برسالة مخادعة مفادها “إيران من حررت المدن العراقية من داعش”.
وزجت طهران بالممثل الإيراني مصطفى زماني ليكون بطل مسلسل “آمرلي” وهو يتحدث بالعربية في رسالة سياسية واضحة.
وتمت دبلجة المسلسل الذي يستمر عرضه في إيران والعراق، إلى اللغة الفارسية كما وضع شريط ترجمة إلى الفارسية في النسخة العربية.
ويركز المسلسل على مدينة “آمرلي” العراقية في محافظة صلاح الدين أثناء اجتياحها من قبل تنظم داعش عام 2014.
وأنتجت شركة “أوج” الإيرانية المسلسل الذي كتبه جعفر تايه، ومن إخراج السوري أحمد إبراهيم أحمد، وتم اختيار الممثلين فيه بانتقائية واضحة عندما تم إسناد البطولة للممثلة عواطف السلمان التي يعرفها العراقيون بالناطق الفني باسم ميليشيات إيران في العراق.
وقال الكاتب العراقي كرم نعمة إن إيران تريد أن تدخل هذه المرة إلى المزاج العراقي لتمرير خطابها عبر الدراما التلفزيونية، إلا أن خطورة هذه الدراما تجعل من المشاهد العراقي يتجه إلى طريق مظلم لا يؤدي إلى أي شيء سوى الانقسام والتنافر، تمامًا مثلما ركزت على المطبوعات والكتب التاريخية الملفقة التي تدفع العراقيين للتشكيك بتاريخهم.


كرم نعمة: إيران تستبدل سلاحها الميليشياوي بوجوه فنية امتهنت الخيال السياسي الرخيص والمظلومية الرثة كما هو الحال مع بطلة مسلسل “آمرلي” عواطف السلمان

وأضاف أن إيران تدرك في هذا المزيج الدرامي التلفزيوني بأنه لا توجد أي قوة ثقافية يمكنها إلغاء دور التلفزيون، وكيف إذا قدم المنتج بشكل دراما مشوقة وتلعب بالأعصاب والعقول.
وأشار إلى أن المكتبات العراقية حافلة اليوم بكتب تاريخية ملفقة بطبعات إيرانية على غرار كتاب “الاحتجاج” للطبرسي الذي يعد أكثر المؤلفات زيفًا في قراءته للتاريخ الإسلامي، ووصل الحال بالمطابع الإيرانية إلى نشر كتب عراقية معاصرة بعد تلفيق فصول فيها كما في كتب علي الوردي وعزيز السيد جاسم.
وحذر نعمة من خطورة هذه الكتب على المدونة الثقافية والتاريخية العراقية، لكنه شدد على خطورة الدراما التلفزيونية التي يفوق تأثيرها الكتاب المطبوع.
وقال إن إيران في تلك الدراما التي بدأت في مسلسل “آمرلي” ولن تتوقف ستعيد سطوتها الثقافية على المزاج الشعبي عبر الشاشة. وهي تستبدل سلاحها الميليشياوي بوجوه فنية امتهنت الخيال السياسي الرخيص والمظلومية الزائفة كما هو الحال مع بطلة هذا المسلسل عواطف السلمان.
وأعتذر أكثر من ممثل ومخرج عراقي عن الإجابة على سؤال قناة “الرافدين” عما إذا كانت الدراما الإيرانية ستنجح لتمرير خطابها على العقل والذائقة العراقية.
وفيما عبر أكثر من فنان عراقي عن خشيته من قبل الميليشيات وغلق فرص العمل معه بمجرد التعليق على هذا الموضوع، تساءل ممثل وكاتب مسرحي عراقي عما إذا كانت إيران التي تتخذ كل القرارات الإستراتيجية نيابة عنا وترسم لنا مساراتنا السياسية والاقتصادية، بحاجة إلى صراع الثقافات معنا.
وأضاف الممثل العراقي في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم الكشف عن هويته خشية على سلامته “الإيرانيون يتصرفون حرفيًا ببلدي مع اختلاف الوسائل مرة عن طريق رئاسة الوزراء مرة عن طريق البرلمان ومرات عن طريق المليشيات وحتى عن طريق القضاء، وليس لديهم متسع من الوقت أو حاجة أساسًا للدخول عن طريق القوة الناعمة أو الدراما التلفزيونية “.
واستدرك الممثل الذي يشارك بدور رئيسي في إحدى مسلسلات شهر رمضان الحالي، بقوله “ربما أرادوا أن يوصلوا رسائل لجهات خارجية عن طريق مسلسل آمرلي الأولى إلى المعارضة الإيرانية مفادها إننا نصور الآن قريبًا جدًا من معسكركم ومقركم في العظيم وأنتم الآن خارج العراق، والثانية إلى تركيا مفادها نحن الآن ندعم معنويًا الشيعة من التركمان من المتواجدين في مناطق آمرلي وسليمان بيك وطوز خورماتو المتجاورات تمامًا”.
غير أن الحرب الثقافية التي تشنها إيران لم تبدأ في إنتاج مسلسل “آمرلي” فسبق لطهران أن حجزت على فيلم المخرج العراقي محمد شكري جميل “المسرات والأوجاع” المأخوذ من رواية الكاتب العراقي فؤاد التكرلي لأنه يكشف عن هزيمتها خلال الحرب العراقية الإيرانية ما بين عامي 1980 -1988.
وظل الفيلم الذي أنتج عام 2013 حبيسًا لدى شركة إيرانية للطبع والتحميض ترفض إطلاق سراحه بذريعة دفع مستحقاتها المالية، على الرغم من أن هذا الفيلم رصدت له ميزانية هي الأكبر في مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية.
ويعزى حجز الشريط من قبل الجهات الإيرانية إلى فكرة الفيلم وبطله الذي يجسد وطنية الدفاع عن العراق والاستشهاد في الحرب مع إيران.
ولم يسمح بعرض الفيلم إلا بعد أن حذفت الشركة الإيرانية أثناء الطبع والتحميض مشاهد منه بما يتعلق بسنوات الحرب العراقية الإيرانية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى